مؤسسة الزكاة والأوقاف:  رؤية اقتصادية لمعالجة البطالة والفقر ودفع عجلة التنمية | 28 نوفمبر

مؤسسة الزكاة والأوقاف:  رؤية اقتصادية لمعالجة البطالة والفقر ودفع عجلة التنمية

ثلاثاء, 01/10/2019 - 16:47
د محمدو ولد اعل بوها

تسعى وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي هذه الأيام ضمن البرنامج الاستعجالي الذي يقوم به معالي وزير الشوؤن الإسلامية والتعليم الأصلي السيد الداه ولد سيدى أعمر طالب، حول النهوض بقطاعه وتجسيدا للتعهدات التي حملها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني على عاتقه في برنامجه الانتخابي الطموح إلى عصرنة وتسيير وتفعيل مؤسسة الزكاة والأوقاف. 
تعميقا للنظر في هذا الموضوع وتثمينا لهذه الخطوة الجبارة في سبيل الإصلاح الذي يقوم به معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، ارتأينا أن نسجل النقاط التالية وذلك من منظور اقتصادي بحت بحكم التخصص وهي كالآتي :
إن من أسباب التخلفِ والعجز المالي الذي يشهده الكثير من الدول الإسلامية هو عدم تفعيل منظومة الوقف والزكاة و التخلى والامتناع عن أداء الزكاة التى من شأنها أن تمكن الدولة من موارد مالية ضخمة وهامّة تستحق الرقابة والتنظيم والتقنين وقادرة على علاج الكثير من المعضلات الاقتصادية والاجتماعية، لذلك نجد فريضة الزكاة ليست فريضة تعبدية فقط بقدر ماهية فريضة مالية مقاصدية بمعنى أنها ذات مقصد شرعي واضح وهو تحقيق التنمية الشاملة. 
إن الحديث عن التنمية المستدامة وتعاظم دور القطاع الخاص وانسحاب نسبي لدور القطاع العام الذي أحدث فجوة ملموسة أدّت إلى تراجع الطبقة المتوسطة وانتشار مظاهر الفقر على نطاق واسع مما أصبح الرجوع إلى المجتمع المدني لتحمل المسؤولية مسألة ملحة، فإنه من المناسب أن يكون للزكاة إلى جانب الوقف دور في هذه التحولات. 
ففي الدول التى نُظمت فيها الزكاة جمعا وتوزيعا ساهمت تلك الصناديق في تخفيف معاناة شرائح كبيرة من المجتمع وهناك إحصائيات ذات دلالة كبيرة لا يتّسع المجال لذكرها. 
فالدعوة إلى بعث مؤسسة أوقاف وإدماج الزكاة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي و التنموي الوطني هي دعوة إلى تفعيل إسهام التمويل الإسلامي وازدهار السوق المالية وجعل الزكاة ركنا ثالثا في الإسلام وحجر زاوية منظومة الاقتصاد الإسلامي في محاربة البطالة، من شأنه أن يعدد في الأدوات المالية لتقوية قدرات سياسات التشغيل ومحاربة البطالة وخلق التوازن وإعادة توزيع الدخل والثروة. 
فالإسلام ينهى أن يكون المال دولة بين الأغنياء ثم تبقى الكثرة الفقيرة من غير شيء تنفقه فقد جاء التوجيه القرآني ليضع قاعدة اقتصادية عظيمة، ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) والمعنى كما يقول الطبراني: كي لا يكون ذلك دولة يتداوله الأغنياء فيجعلون ذلك حيث شاءوا. 
 فالزكاة تعمل على توسيع قاعدة الملكية والاستهلاك والإنتاج، وهو ما يتطلب زيادة الطلب على عناصر الإنتاج وتشغيلها، فإذا ارتفع الدخل القومي فإنه بدوره سيؤدي إلى زيادة حصيلة الزكاة وبالتالي  يتحقق توزيع أكبر وأشمل. 
فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظلّه في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتمّ دلالة وأصدقَها كما قال ابن القيم رحمه الله .
وختاما نسألُ الله سبحانه وتعالى أن يحفظ معالى الوزير وأن يرعاه بمعيّته ويوفقه لتقنين ما يتعلق بالزكاة والوصول إلى قانون مكون من فقرات قانونية واضحة يُنشر ويعمل به، ويُرجَعُ إليه عند الحاجة والخروج من مواطن الخلاف ما أمكن في القضايا الفرعية للزكاة والاستفادة من التجارب الناجحة و الرائدة للدول الإسلامية في المجال كالسودان وماليزيا والكويت ولبنان وغيرهم والحمد لله رب العالمين.

د محمدو ولد اعل بوها