" ذكرى يوم النكبة هذا العام يختلف عن الأعوام الماضية من ناحية اشتداد حملات المخططات الإسرائيلية والأمريكية المستعرة لفرض تصفية بشكل كامل للقضية الفلسطينية في ظل عوامل وظروف المنطقة العربية وما تعانيه من أزمات داخلية نتيجة الإرهاب الإسرائيلي الذي يغذيها لإبعاد الضوء عن القضية الفلسطينية والإنقضاض عليها ،و تاتي هذه الذكرى وسط استعدادات إسرائيلية وأمريكية لفرض سياسية الأمر الواقع في القدس المحتلة من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ، تطبيقا لقرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي والمحزن هو تقديم موعد نقل السفارة إلى القدس ليتزامن مع ذكرى النكبة الفلسطينية بحيث يظهر بشكل واضح و لا شك فيه التضامن الأمريكي مع كيان الإحتلال في الذكرى السبعين لتأسيس كيان الإحتلال ( أي إحتلال وإغتصاب فلسطين ). "
كابوس مسيرة العودة يلاحق قادة الاحتلال :
إن تحرك أبناء شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وفي الشتات يوجه صفعة للأطراف المتآمرة على قضيتنا الفلسطينية وقلب لمعادلة الإحتلال التي يحاول فرضها ، الأمر الذي يجعل من 15 أيار ليس يوماً عادياً بل سيكون ككابوس يلاحق الإحتلال لمنع تمرير هذه الصفقة ، فلقد بات التحرك الفلسطيني السلمي داخل فلسطين ودماء الشهداء التي سالت على ثرى الوطن لعنة تلاحق الإحتلال وقياداته أمام الرأي العام العالمي ، والى جانب ذلك فإن كيان الإحتلال وضع قواته على أهبة الإستعداد لمواجهة مسيرة العودة الكبرى متوعداً بإطلاق النار على كل من يحاول إجتياز الحدود، رغم أن هذه المسيرة والمسيرات السابقة هي مسيرات سلمية، هدفها تذكير العالم بمأساتنا وحقنا في العودة إلى أراضينا التي هجرنا منها على يد العصابات الصهيونية تحت تهديد السلاح والقتل وإرتكاب المجازر واستنادًا للقرار الدولي رقم ١٩٤ والذي تحاول إدارة الرئيس الأمريكي ترامب تصفية هذا الحق من خلال تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) الشاهد الأول والأخير على تشريد شعبنا في المخيمات وفي الشتات بعيداً عن وطنه الأم فلسطين .
وأود التنويه هنا أنه ليس من المستغرب على كيان الإحتلال إطلاق نيران رشاشاته على مسيرات العودة السلمية و أن تواجه المسيرة الكبرى بإرتكاب مجازر جديدة بحق أبناء شعبنا تحت شعار الدفاع عن النفس والتصدي لهذه المسيرة التي يتوقع أن يشارك فيها مئات الآلاف ، خاصة وأن هذه المسيرة تأتي أيضا احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس واعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، في مخالفة صارخة لقرارات الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الذي يعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة.
إعلان ترامب نكبة جديدة بتاريخ فلسطين لكنها لن تمر :
إن إعلان ترامب بنقل السفارة الأمريكية في الذكرى السبعين لإقامة (كيان إسرائيل) هو بحد ذاته نكبة جديدة في تاريخ فلسطين، في رسالة يوجهها للعالم أجمع أن تاريخ فلسطين هو تاريخ محرف وكاذب ومزور وما تفرزه الرواية الاسرائيلية هو الرواية الصحيحة، في محاولة أمريكية يائسة لفرض واقع جديد في منطقتنا ومن أهمها نسف اتفاقيات السلام واخراج مدينة القدس من مفاوضات الحل النهائي ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية لتمرير ما يسمى بصفقة القرن وإنهاء حق العودة في ظل الواقع الفلسطيني المنقسم والواقع العربي المنهك .
وأختتم مقالتي بأنه وبرغم ذلك فإن شعبنا الذي قدم ويقدم الشهداء على مذبح قضيته الوطنية واسترداد حقوقه المسلوبة لم و لن يستسلم ولن يستكين حتى نحرر كامل تراب أرضنا ، وكما يقول المثل، الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، ولكن في نهاية المطاف فان الشعوب دائماً هي المنتصرة حتما، وشعبنا مثله كمثل بقية شعوب العالم التي طردت مستعمريها، ويبقى الخزي والعار للمجتمع الدولي الذي يقف متفرجا أمام الغطرسة والعربدة الاسرائيلية داخل فلسطين وخارجها ولا يحرك ساكناً.
بقلم / د.وسيم وني – مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث - لبنان