فلتسامحينا يا بروكسل | 28 نوفمبر

فلتسامحينا يا بروكسل

أحد, 26/03/2017 - 19:57
سيدي محمد ولد جعفر

 بعد ترقب وتوتر دب الهلع والرعب في رابعة النهار،تفحم وجه بروكسل الباسم، وغطت سحب الدخان غيوم عاصمة أوربا المتجددة ، روائح لحوم البشر النتنة غير المألوفة ، والأشلاء غير المعهودة انتشرت في الاماكن الأكثر نبضاً بالحياة، فجأة تحولت بروكسل إلى مدينة إسلامية بامتياز، قتلة مهرة يصولون ويجولون، لعقة دماء، يوزعون الموت والخراب والدمار ، ويصرخون بعد كل جرم لا مثيل ولا مقاس له الله أكبر [كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا].
 منا من يجادل بالباطل عنهم مردداً أنهم من زرعوا العنف وهاهم يقطفون ثمار مزارعهم، كلام عاطفي يملء الصحف التي يكتب أصحابها من اليمين إلى اليسار، ويبطن تشفيا مفاده هم آمنون ونحن مرعوبين؟، قد نحبر صحفا في هذه المرافعات العقيمة والسطحية والحاقدة، لأننا قوم خصمون، لن يوجد منا رجل حكيم فيذكرنا فقط من باب التذكير وليس الوعظ لأن الوعظ عندنا أصبح جله تحريض وتنفير وتفجير، يذكرنا ب [قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ] ليس المقام مقام عتاب فكل ما اصابنا هو من عندنا، نحن من فرطنا في فلسطين بمؤامراتنا واحقادنا الدفينة وطعناتنا المتمكنة في صدور وظهور بعضنا، دعوكم من مشجب وعد بلفور. 
هل سنتذكر انفعالاتنا السخيفة وهديرنا وزغاريدنا ونحن نشاهد منهاتن تحترق،  حيث جمحت مخيلة السذج منا فاعتبروا الحدث مبشرات لأخذنا زمام مبادرة قيادة البشرية؟ لكن إلى أين؟ لم نفق من سكرتنا المجنونة تلك حتى ازدادت مساحات بلاد المسلمين المسلوبة والمدمرة من بلاد الباشتون إلى بلاد الرافدين، ثم تتالت المحن، لم ينك لنا بعد ذلك اليوم المشؤوم ذي الشر المستطير جرح ولم تجف مآقينا عن سح الدماء من ذلك الهول العظيم ، أبطاله الواهمون تفرقوا أياد سبأ، و دخلوا الجحور والكهوف، فلم يعد يسمع لهم صخب ولا همس.
 جحافل الخائفين والجياع الذين تمطرهم آلات تدميرنا البيني لم يمم أحد منهم وجهه شطر "الحرم" الأمن الاقرب جغرافيا، والصق أهله رحماً ومعتقداً، ولم يستقروا بإسطنبول التي يحكمها حزب "إسلامي" بل يمموا وجههم نحو برلين حيث يحكم حزب "مسيحي " وأخوات برلين المسيحيات هناك عيش كريم وأمن وفير في قلوب ساكنة تلك المدن البيضاء" رأفة ورحمةً" لا نجاريهم فيها، إنهم ملجأ الخائف من بطش طغاتنا ، رغم وجود النزر من الزلات والهنات .
بهذا العمل البشع  الذي تعرضت له بروكسل بكل رمزيتها الحضارية نكون قد أضفنا لبنية جديدة في بناء وترسيخ الكراهية وتوسيع الهوة السحيقة بيننا وبينهم، بالأمس القريب كانوا يقدمون لتركيا الإسلامية وافر أموالهم من أجل أن تحسن معاملة بني دينها الفارين من جنايات قادتها؟ واليوم سيجتمعون مرقمين وتحت وطأة الصدمة لا ليطردونا وإنما ليضيقوا على محتاجنا المسكين لآوي إليهم، فلتسامحنا البشرية جمعاء على حماقاتنا، ولتقبل بروكسل تعازينا واعتذاراتنا عما جنت أيد آثمة قدرنا أنهم يممون وجوههم شطر قبلتنا، ويتلون كتابنا وتجمعنا وإياهم كلمة حقنا التي يستغلون من أجل باطلهم.

ارشيف من صفحة الأستاذ سيدي محمد ولد جعفر على الفيس بوك