التعليم: تمهيد، وحصيلة، وضوء في النفق/ الشيخ أكار عبد اللطيف | 28 نوفمبر

 

فيديو

التعليم: تمهيد، وحصيلة، وضوء في النفق/ الشيخ أكار عبد اللطيف

أربعاء, 15/05/2024 - 19:24

لا شك أن التعليم هو صمام أمان الأمم، وتحقيق أهدافه النهائية تحقيق لأهداف الأمة من عدالة ومساواة وتضامن وتنمية وعيش كريم مشترك، وبالتالي فإن إصلاحه هو إصلاح لمنظومة متكاملة وقضاء -في نفس الوقت- على ظواهر ومسلكيات اجتماعيه مقيتة, ومن هنا تأتي أهمية المحافظة على منجزاته والحث على تقديم المزيد منها، خاصة إذا كان البناء قد تم على أرضية صلبة وأوى إلى ركن شديد.

فمن نافلة القول أن السنوات الأخيرة شهدت مايمكن أن يكون قالبا صالحا وأساسا متينا للعمل عليه، فقد تبين لنا جميعا أن هناك إرادة للإصلاح وفهما عميقا لأسباب الأزمة ‘ومعرفة الأسباب معينة..’ كما يقال.

فالزيادة المعتبرة في الكادر البشري، والبنية التحتية، وفي كتلة الأجور وتعزيز الكفاءة من خلال التكوين، وتوزيع الزي المدرسي والكتاب المدرسي، والاهتمام بترقية تعليم المواد العلمية كالرياضيات والعلوم والتقنيات تماشيا مع متطلبات العصر وإكراهات القرية الكونية وذلك من خلال تنظيم الجوائز ( جائزة رئيس الجمهورية، ورالي العلوم.. الخ).

-استحداث منصة رقمية نجحت الوزارة من خلالها في تنظيم عدة مسابقات دون طوابير ولا إقصاء خدمة للهدف الطموح ‘صفر ورقة’ والتي شارك فيها 7500 مترشح، وكذلك الترشح لتمهيدي باكالوريا والمسابقات الوطنية التى يزيد مرشحوها هذا العام على 233000 مشارك، وستصدر هذه المنصة بالتعاون مع الحالة المدنية ووزارة الرقمنة شهادات باكالوريا مؤمنة وسهلة السحب عند الحاجة تمهيدا لتطبيق ذلك على باقي الشهادات المدرسية.

-الإهتمام بالخط والخطابة في اللغات الحية (العربية والفرنسية والإنجليزية) مع إشراك المحظرة الموريتانية التى تعتبرا مفخرة هذه البلاد وذلك شحذا للمواهب ورفعا للهمم وشغلا للطلاب بكل ماهو مفيد تطبيقا للقاعدة التربوية الشهيرة “التلميذ إلم تشغله شغلك”

وكذلك الجدية في متابعة حضور الأطقم المدرسية والمراقبة اللصيقة لسير المناهج والبرامج التربوية ودقة الجدولة، والمحافظة على استكمال سير الدروس كما وكيفا.

-الاهتمام بالامتحانات والتقييم التي تعتبر أهم محطات التعليم، حيث يعتبر التقييم الأداة التربوية الرئيسة التي تستخدم لاستصدار الأحكام على عناصر العملية التربوية حسب الدمرداش سرحان، من أجل التشخيص والتوجيه والاستكشاف والعلاج وبالتالي استنتاج مدى كفاءة المتعلم وحيازته المهارات الضرورية لسوق العمل.

-التكامل بين التعليم النظامي والخاص وحصر المرحلة الأساسية في المدرسة النظامية.

كل ذلك عمل مشرف ينم عن جدية ستنعكس لاشك إيجابا على المدرسة الجمهورية إذا ما واكبها ضمير مهني عند القائمين المباشرين على عملية التربية المعقدة والخطيرة ومواكبة عجلة الزمن.

فمثلا يعتبر الخيط الناظم لمراحل التعليم منذو ماقبل المدرسي والمحظري مرورا بالقاعدي فالمهني حتى التعليم العالي هو مسألة الثقة، والثقة هنا تأخذ بعدين أولهما ثقة المدرس بنفسه والتى تتأتى من قوة تكوينه وتعليمه وتتجلى في حضوره الجسدي والذهني.

اما الثانية فهي ثقة الطالب بمدرسه وتتجلى بالإضافة إلى السياق العام والظروف المحيطة، في الانطباع الذي يتركه المدرس عند طالب العلم، وهنا يحضر البعد التكويني والشخصية الوظيفية أيضا، كما يظهر التمايز بين المدرسين أنفسهم.
وهناك بعد ثالث للثقة يظهر في نظرة الأهالي وهو يحصل من مجموع ثقة الأولين آنفي الذكر لتكتمل بذلك أضلاع مثلث الثقة العامة بالتعليم ومخرجاته الذي هو هدف المدرسة الجمهورية.

ومن أهم مظاهر خطورة التكنلوجيا على التعليم، تقلص الفارق وضيق المساحة بين المدرس والطالب، فما ينويالمدرس تقديمه في الصباح ولم يراجعه ولم يحضره ولم ينضجه على نار الكفاءة والتبصر الهادئة، هاهو الطالب المجد قد تقدم فيه أشواطا على حسابه، فقد عرض له الموضوع فعرفه عن كثب من خلال الوسائط الاكترونية والبرمجيات المتاحة للجميع وفي غفلة تامة من أستاذه المنهمك في اهتماماته المختلفة خارج مهنته الأساسية، معولا على التجارب القديمة وفارق السن والمستوى، الذي قد يكون مفيدا لكنه يحتاج إلى التحيين ونفض الغبار.

وعودة إلى موضوع المدرسة الجمهورية فرغم كل ماذكرناه وما لم نذكره من مجهود حكومي مقدر، يبقى موضوع اليقظة وتضافر الجهود ولزوم نهج المواطن الصالح في المحافظة علي المكتسب، وتكامل الجهود وتذليل الصعاب لتحقيق الهدف النهائي بتشييد البناء المدرسي الجمهوري الذى نأمل، أمر يستحيل تحقيق أي عمل حكومي محض بدونه، وإنما نحقق معا أهدافنا الوطنية في التعليم بالتكامل الذي يأخذ في الحسبان اجتهاد الطالب في صفه وعمل المدرس في قسمه والمدير في بنيته التربوية والمفتش في مقاطعته و المدير الجهوي في ولايته، والأب والأم في بيتهما.

ومع ذلك تظل مشكلة التعليم الأكبر، كون نتائجه لا تظهر للعموم إلا بعد أجيال من العمل المتراكم، حيث أن الإستراتيجيات التربوية لايمكن تطبيقها إلا على جيل كامل ولا تظهر أولى نتائجها قبل 15سنة على الأقل حسب الخبراء، وهنا تتأكد الحاجة إلى دعم استمرار سياسة التعليم لتذليل الصعوبات أمام البرنامج الوطني لتطوير قطاع التعليم على ضوء مقتضيات القانون التوجيهي في أفق 2024-2030.

بقلم الأستاذ الشيخ أكار عبد اللطيف