بناء الإنسان والإستثمار فيه أولوية/ محمد محمود محمد فال | 28 نوفمبر

بناء الإنسان والإستثمار فيه أولوية/ محمد محمود محمد فال

خميس, 10/03/2022 - 19:31

للتعليم أهمية كبيرة في حياة الفرد، وفي حياة المجتمعات، فلولاه ما انتصرت أمة، ولا قامت حضارة.
لذالك اهتمت الأمم المتقدمة بالإستثمار في البشر في العصر الحديث، لان الفرد المؤهل تعليميا وثقافيا إضافة كبيرة لأي مجتمع، والإهتمام بالعنصر البشري والإستثمار فيه هو الطريق الأوحد لبناء مجتمع  قوي يستند على أساس متين وسليم، بوصف الانسان هو اللبنة الأولى لأي حضارة، أوتقدم، أونمو.

الدول المتقدمة إدراكا منها  لأهمية الإستثمار في البشر، خصصت للتعليم الكثير من مزانياتها، وتقدمت اشواطا عن منظومة العالم الثالث، التي بقيت خلف الركب تعاني التخلف الثقافي والفقر.
 يقول محمد الغزالي رحمه الله :(إن الفقر الثقافي أسوأ عقبى من الفقر المالي، والشعب المغفل لايصلح للمعالي، ولا يصلح لحمل رسالة كبيرة، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله فيه، وعدو لنفسه قبل أن يكون عدوا للآخرين).

ويقول أحد الشعراء :
أدب الفتى بين الورى يعليه
والعلم في حلك الدجى يهديه
والدين والأخلاق ترفع قدره
والمال دون العقل لا يغنيه

وما فائدة العقل إذا لم يكن معه العلم؟
نعم بقينا في التخلف وتكالب علينا عدوانان:داخلي وخارجي.
 
الخارجي لا يريد لنا النهوض، ويريدنا تبعا، وسوقا مستهلكة لمنتجاته.
أما الداخلي فهو من يقرر فينا بقراراته، ولم يحاول يوما أن يبني لنا إنسانا صالحا مثقفا واعيا متعلما بل على العكس من ذالك. 
وهنا أورد قصة من تاريخ الصين قد تنطبق علينا في عدم بناء الإنسان الصالح وهي:
عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان بنوا سور الصين العظيم، واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن خلال المائة عام الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ! وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية في حاجة إلى اختراق السور أوتسلقه ! بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب، لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس. فبناء الإنسان يأتى قبل بناء كل شيء، وهذا مايحتاجه مجتمعنا 
ألم تضع ثرواتنا بسبب الرشوة وبسبب اهمالنا لبناء الإنسان أولا 
والذين يقررون فينا ويتحكمون في خيرات البلاد والعباد هدموا حضارتنا من خلال ثلاث وسائل كما يقول أحد المستشرقين :(إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك ثلاث وسائل هي:
1 هدم الأسرة. 
2هدم التعليم. 
3اسقاط القدوات،  والمرجعيات، ولكي وتهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم، اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت، ولكي تهدم التعليم :عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه، ولكي تسقط القدوات: عليك بالعلماء اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولايقتدي بهم أحد، فإذا اختفت الأم الواعية واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة والمرجعية فمن يربي النشأة على القيم، كما يقول الدكتور مصطفى محمود في كتابه قراءة المستقبل.

ألم يختف دور الأم الواعية فينا وهي التي قيل فيها 
وراء كل عظيم امرأة 
قيل فيها 
الأم مدرسة....... وقيل فيها 
إذا علمت رجلا فقد علمت إنسانا واحدا وإذا علمت امرأة فقد علمت أمة 
ألم يختف دور المعلم المخلص وأصبح يخجل من نفسه بسبب مايراه من الاحتقار 
ألم تسقط القدوات والمرجعيات والعلماء فينا بسبب من يقررون 
لذالك علينا أيها الأخوة الكرام ان نستثمر في البشر وبناء الإنسان الصالح وخصوصا في التعليم وبالأخص بناء وتعليم النساء كل حسب جهده وتخصصه 
إخوتنا كونوا كالمطر حيثما وقع نفع واتركوا أثرا طيبا وبصمة في هذه الحياة وتناسوا همومكم مقابل هموم أمتكم وكونوا كالشعلة توقد نفسها لتضيء الآخرين 
قال صحبي نراك تشكو جروحا 
أين لحن الرضا رخيما جميلا 
قلت أما جروح نفسي فقد 
عودتها بلسم الرضا لتزولا 
غير أن السكوت عن جرح قومي 
ليس إلا التقاعس المرذولا 
لست أرضى لأمة أنبتتني 
خلقا شائها وقدرا ضئيلا 
لست أرضى تقاطعا أوتحاسدا 
لست أرضى تخاذلا أوخمولا 
أنا أبغى لها الكرامة والمجد 
وسيفا على العدى مسلولا 
علمتني الحياة أني إن عشت لنفسي 
اعش حقيرا هزيلا 
علمتني الحياة أني مهما 
أتعلم فلا أزال جهولا.