بحلول منتصف ليل اليوم الاثنين تودع الملكية البريطانية تاريخها الحافل في جزيرة "باربادوس"، الواقعة شمال غربي المحيط الأطلسي، لتصبح الجزيرة الكاريبية أحدث جمهورية في العالم، منهيةً الخضوع للتاج البريطاني بشكل تام.
في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، أعلنت باربادوس عزمها عزل الملكة إليزابيث كرأس للدولة لتصبح جمهورية.
وتحتفل باربادوس خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بمرور 55 عاما على الاستقلال عن بريطانيا.
وكان النظام السياسي في بربادوس، قبل تلك التطورات، يقوم على أساس أن الملكة إليزابيث الثانية هي رأس الدولة التي يمثلها الحاكم العام للجزيرة.
وسافر أمير ويلز جوا إلى باربادوس لحضور حفل التسليم مساء اليوم الاثنين في ميدان ناشيونال هيروز بالعاصمة بريدجتاون، ممثلاً الملكة، وبصفته ولي عهد لرئاسة الكومنولث. وستظل بربادوس ضمن الكومنولث.
وستكون هذه هي المرة الأخيرة التي يشهد فيها الأمير تشارلز تحية عسكرية للتاج البريطاني في الجزيرة.
ولم يحضر الأمير تشارلز إلى باربادوس اضطراريا؛ لكنه إذ يفعل ذلك، يبعث رسالة مفادها الحرص على الوحدة وعدم اعتبار الأمر بمثابة فسْخ للشراكة.
لكن أيا كان تقييمك للأمر، فما حدث هو انفصال. انفصال دستوري.
وتعلو منذ فترة أصواتٌ في باربادوس تدعو إلى الانتقال إلى النظام الجمهوري. ووصفت رئيسة وزراء الجزيرة ميا موتلي، الأمر بأنه فرصة سانحة لكي تثبت باربادوس ذاتها وتظهر قدرا أكبر من الثقة بالنفس.
وقالت موتلي: "لقد حان الوقت لكي نترك ماضينا الاستعماري تماما وراء ظهورنا" .
وفي حوار مع بي بي سي، قالت موتلي إن محْو آثار النظام الاستعماري لم يكن عملا "عدائيا".
وأكدت موتلي احترامها للملكة إليزابيث الثانية، لكنها قالت إن الوقت قد حان لنوع جديد من الصداقة بين باربادوس والمملكة المتحدة، لتظل الدولتان شريكتين مقرّبتين.
كما أكدت موتلي حرصها على علاقتها الشخصية بالأمير تشارلز. وقد التقى كلاهما في مؤتمر كوب 26 للمناخ في غلاسكو.
وقالت موتلي إنها سعدت بقبول تشارلز دعوة حضور حفل التحوّل من المَلكية إلى الجمهورية في باربادوس.
وقالت موتلي لبي بي سي: "نحن نثق به ونكنّ له قدرًا عظيمًا من الاحترام".
ويلقي الأمير تشارلز كلمة خلال الحفل مساء الاثنين، وسيركز في كلمته على تأكيد الصداقة ومشاركة الأهداف والقيم العامة بين البلدين.
ومن الصعب تخيّل عدم شعور الأمير تشارلز بدرجة من الحزن لدى استماعه إلى آخر تحية عسكرية بريطانية في باربادوس ولدى شهادته على أفول عهد التاج البريطاني في الجزيرة.
وبالتحول إلى النظام الجمهوري وانتهاء العهد الملكي، تنتهي رموز كثيرة في باربادوس منها: لوحات للملكة إليزابيث من داخل المنشآت الحكومية، والشارات الملكية التي تزين الملابس الرسمية لعناصر الشرطة والبريد. وثمة مستشفى في باربادوس يحمل اسم الملكة إليزابيث.
وبحلول منتصف ليل اليوم الاثنين، ينتهي إرثٌ امتد لأكثر من 400 عام منذ رسوّ سفينة إنجليزية على شاطئ الجزيرة وإعلان خضوع باربادوس لتاج الملك جيمس الأول.
وستؤدي ساندرا ماسون اليمين الدستورية كأول رئيسة لـباربادوس التي تناضل من أجل الابتعاد عن ماضيها الاستعماري.
ولن تكون باربادوس أول مستعمرة بريطانية سابقة في منطقة البحر الكاريبي تصبح جمهورية؛ فقد اتخذت غيانا هذه الخطوة في عام 1970، بعد أقل من أربع سنوات من حصولها على الاستقلال عن بريطانيا. وحذت ترينيداد وتوباغو حذوها عام 1976، ودومينيكا عام 1978.
المصدر: بي بي سي عربي