تشهد أغلب المتلقيات الطرقية في عواصم العالم وجود رسوم لبعض المجسمات واللوحات التي تعبر عن حضاراتها وتراثها كبطاقات تعريفية لتاريخ تلك الدول والمجتمعات.
وقد غيبت هذه المظاهر التراثية عن وجه العاصمة انواكشوط عقودا من الزمن حتى كادت تندثر.
وإحياء لهذا الكنز الحضاري والتراثي للبلاد فقد أضحت كل الملتقيات الطرقية في العاصمة نواكشوط تتوفر على مجسم يرمز لتراثنا بكل أبعاده الحضارية والتاريخية دون إغفال للمسة الحداثية.
وفي هذا السياق شكلت "الكدحة والتاديت" واللبن" السائل بينها، لوحة مكتملة المعنى والمضمون ترمز بعمق للشعب الموريتاني فلكل واحد من مكونات هذا المجسم رمزيته الضاربة في أعماق الكنز التراثي والحضاري للبلاد على مر التاريخ.
وفي تصريح للوكالة الموريتانية للأنباء أوضح مصدر مأذون من جهة نواكشوط، أن الجهة وضعت خطة جديدة لتشييد ملتقيات الطرق العامة التابعة لها، تعتمد على بصمة تقليدية وتاريخية ترمز لتراث بلدنا دون إغفال اللمسة الحداثية على تلك المجسمات فمثلا كرفور التاديت والكدحة أضيفت له الحجارة بألوان مختلفة وستضاف له كذلك إنارة حديثة تجمع بين التراث والحداثة في لوحة حضارية معبرة.
وفيما يخص الأسباب التي جعلت الجهة تتبنى هذه الأفكار وتطبقها على أرض الواقع، أوضح المصدر أن ذلك يكمن في كون بلدنا يمتاز بتراث غني وعادات وتقاليد تعتبر سفيرا لهذا الشعب، أرادت الجهة من خلاله أن تجسد هذا الكنز التراثي على أرض الواقع عبر هذه المجسمات والتسميات.
من جانبه أوضح الصحفي والمدون الشيخ باي السيد أن التاديت والگدحه، تعتبر معلمة تراثية حية ذات رمزية عريقة تتجلى في وضعية التاديت المرسومة في حالة تدفق الحليب داخل الگدحه المصنوعة من خشب "يطَّه" الجميل بلونيه الأسود والآبنوسي الرائع.
وأضاف أن هذا المشهد يعتبر من أحسن مشاهد الحياة الموريتانية الذي هو التاديت المترعة بالحليب وهذا ما يرمز لمعاني الحياة في أجمل صورها وأعظم دلالاتها.
وبدوره أوضح الكاتب الصحفي والمدون السيد عبدالله ولد اخليفه، أن الأصل أن تكون المعالم الحضارية، وتسميات الشوارع والأماكن والساحات العامة، لأي عاصمة دولة، عاكسة للثقافة الشعبية لتلك الدولة، وقد ظلت عاصمتنا - تقريبا - الاستثناء من ذلك، على مدى عقود، حيث تتسمى أهم الشوارع وملتقيات الطرق فيها، بأسماء أجنبية، إلى أن برزت خلال الفترة القليلة الماضية لجهود لوضع بصمة ثقافية للمجتمع الموريتاني، بتنوعه الثقافي الثري، على ملتقيات الطرق وعلى التسميات في العاصمة؛ من خلال تسمية بعض الشوارع المهمة، على أعلام موريتانيين، إضافة إلى وضع معالم ثقافية راسخة في ثقافتنا الشعبية في ملتقيات طرق رئيسية، وتسميتها بتلك المعالم.
وبين أن "كرفور الگدحة والتاديت" من أكثر المجسمات دلالة وجمعا لشتات التنوع الثقافي للشعب الموريتاني، حيث عرفا في مختلف الربوع على طول وعرض الخريطة الموريتانية، ولدى مختلف مكونات الشعب الموريتاني، وهو مايضيف إلى القيمة الجمالية للصورة، بعدا عمرانيا للمدينة.
ووسط هذه الآراء تبقى المجسمات التي ترمز لتراث وتاريخ وتقاليد بلاد شنقيط مقدسات وحدت تحت مظلتها كافة مكونات الشعب وبكل طبقاته.
نقلا عن: وما