جمدت أمواله..وأخضع للإقامة الجبرية: هل انتهت "العزيزية" في موريتانيا (تحليل) | 28 نوفمبر

جمدت أمواله..وأخضع للإقامة الجبرية: هل انتهت "العزيزية" في موريتانيا (تحليل)

سبت, 15/05/2021 - 18:22

يحاول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز هذه الأيام عدم الاستسلام أمام حقيقة أن طموحه السياسي اليوم بات في خطر، بسبب اتهامه من قبل القضاء في بلاده بتهم خطيرة منها عرقلة سير العدالة، والإثراء غير المشروع.

 

بداية انحسار

 

عشية تسليمه السلطة لخليفته الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني قبل نحو 22 شهرا من الآن لم يكن أشد معارضي "رئيس الفقراء" تشاؤما يعتقد أنه سيلك هذ المسار الذي أفضى به من رئيس سابق حافظ على زخم سياسي في تعاطيه مع التحديات التي واجهت حكمه، إلى متهم يمضي جل وقته في الحديث مع المحامين، وتوزيع الاتهامات تجاه نظام صديقه المقرب.
برأي محللين فإن أسبابا كثيرة أدت إلى هذه الوضعية، في صدارتها رفض تقبل ولد عبد العزيز واقع أنه أصبح رئيسا سابقا، ومن هنا فإن عودته من سفره الخارجي الذي بدأه عشية تسليمه لشؤون الحكم أبانت عن نية طافحة في لعب دور رجل الظل في الوضع الجديد.

هذه النية التي ترجمها حينذاك اجتماعه بقيادة الحزب الحاكم الذي مهد لما عرف لاحقا بأزمة "المرجعية" يومها كانت برأي مراقبين خطأ تكتيكيا ساذجا أوصل رجل العشرية الماضية القوي إلى مواجهة أتعاب حفر أغلب حفرها بنفسه حسب هؤلاء المراقبين.

حسابات الربح والخسارة

 

آخر مداخلة صوتية للرئيس السابق نشرت أمس الجمعة عبر مجموعات واتساب لمقربين منه جدد فيها "مضيه قدما في الدفاع عن نفسه، وشن فيها هجوما لفظيا قويا على الحكم الحالي، متهما إياه بالضعف، والافساد، معلنا عزمه كشف فساده"، حسب قوله.
نبرة ولد عبد العزيز الرافضة للاستسلام حتى الساعة، هي تكتيك اتبعه فور تيقنه من إصرار القضاء على محاسبته على التهم التي وجهت إليه، ومع كل فرصة للظهور إعلاميا يحاول الرجل تصوير أزمته مع القضاء على أنها تصفية سياسية.
نقطة الضعف في هذ التكتيك برأي متابعين هي أن مبتدأ أزمته مع خليفته بدأت عندما حاول هو الهيمنة على الذراع السياسية للنظام ممثلة في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم قبل أكثر من عام، ومن هنا فإن اتهام السلطات بالتسييس في مضايقته سيظل اتهاما مزدوجا برأي هؤلاء المتابعين.
الطموح السياسي، والرغبة في خطف الأضواء على الدوام حجبا خلال الظهور الاعلامي المتكرر للرئيس السابق إجابة كان من الممكن أن تحفظ لولد عبد العزيز بعض مصداقيته، يتعلق الأمر هنا بعدم كشفه عن مصدر أمواله، إذ تتهمه السلطات القضائية بالتربح، والإثراء غير المشروع إبان حكمه.
من الناحية الواقعية يتطلب النجاح سياسيا في موريتانيا أحد أمرين: إما دعما من مؤسسة الحكم، وهي ورقة أضاعها الرئيس السابق حين حاول بعد عودته من تركيا ممارسة مأمورية ثالثة بأدوات غيره، والثاني دعم سياسي من أحزاب قوية، أو قوى مجتمعية متنفذة، وهو حلم يبدو بعيد المنال بالنظر إلى الطريقة التي أدار بها شؤون حكمه، والتي تميزت بثورة على المفاهيم القيمية، والتابوهات الاجتماعية سالكا طريقه نحو (موريتانيا الجديدة) التي اهتز فيها كل شيئ حتى تماسكها الأهلي، وإن كان يشفع للرجل بعض المنجز في ميدان البنى التحتية، وتخطيط أحياء الصفيح في كبريات المدن الموريتانية بما فيها العاصمة نواكشوط.
حسابيا يبدو حظ ولد عبد العزيز في استعادة الألق السياسي في الساحة الموريتانية، أمرا متعذر الحصول على الأقل في الظرفية الراهنة، خاصة وأن صديقه المقرب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني استطاع خلق مستوى مقبولا من الإجماع الداخلي حول الطريقة التي سيرت بها حكومته شؤون البلاد حتى الآن، كما أن الأمن في الساحل، ورضا القوى الدولية عن المقاربة الموريتانية في هذ الصدد وفرا للحكم الحالي نقاط قوة إضافية، فضلا عن أن ملف الغاز، وتحسن مستوى الشراكة مع الجارة السنغال بخصوص تسييره ولدا قبولا إقليميا للوضع السياسي الداخلي، رغم أن محللين رأوا في الحفاوة الإعلامية من وسائط الإعلام القريبة من الخارجية الفرنسية (افرانس 24، إذاعة فرنسا الدولية) بتصريحات ولد عبد العزيز المتجددة مؤشرا على احتفاظ الأخير بمساحة من القبول عند بعض القوى المؤثرة في باريس.

 

محمد أحمدو