ما ذا قدم غزواني للبلاد حتى الساعة؟/ الولي طه | 28 نوفمبر

ما ذا قدم غزواني للبلاد حتى الساعة؟/ الولي طه

جمعة, 22/01/2021 - 00:42

*ما ذا قدم غزواني للبلاد حتى الساعة؟*

بعيدا عن التملق الفَج، والتحامل الطائش، يجب لكي يكون التقويم السياسي محترما أن يحترم الوقائع وينطلق منها دون أن يجعل من الحبة قبة، أو من القبة حبة... بل يجب أن تبقى كل منهما متمتعة بحجمها الطبيعي، احتراما لمقضيات الإنصاف الذي هو أساس التلاقي والوئام.
ولمْ تَزلْ قلةُ الإنصاف قاطعةً
            بين الرجالِ، ولو كانوا ذَوي رَحِمِ.
وعموما فإن الإنصاف يقتضي الاعتراف بنقاط ماثلة أنجزها الرئيس غزواني لصالح الدولة والمجتمع، ومن بين تلك النقاط:
١ - مسار سياسي لم يعد فيه الرئيس رجل نظام فقط بل رجل دولة، فتشكل جو سياسي هادئ، ملؤه التشاور والاحترام بين كل الاطياف السياسية، الاتصال متواصل بين القصر والمعارضة دون انقطاع، والتشاور معها مستمر، والتقدير والاحترام سيد الموقف، وهو جو سياسي غير مسبوق وطنيا، وليس من السهل خَلقه.
خصوصا إذا ما تذكرنا ظروف الشحن السياسي والطائفي التي سادت بشكل ينذر بالخطر قُبَيْل استلامه للسلطة.
٢ - خطاب سياسي مشبع بالأخلاق، توارت فيه عبارات التنابز، واختفت جيوش الزيدانات، بعد أن أغلق الباب دونهم، وكسدت سلعهم.
٣ - تم إنشاء وكالة "تآزر" ذات الأداف الاجتماعية الكبرى المتمثلة في محاربة الهشاشة، وضمان نفاذ أصحاب الوضعيات الهشة إلى حياة الشغل والمعرفة والتداوي بغلاف مالي كبير وصل 200 مليار أوقية لمدة خمس سنوات.
٤ - تم إيجاد قاعدة بيانات مرقمنه ومدعمة بالإحداثيات عن المواطنين الأكثر هشاشة، وتم التدخل لصالحهم بمساعدات عينية وغذائية، وتم التوقيع أخيرا بين وكالة "تآزر" والصندوة الوطني للتأمين الصحي لاستفادة 100 ألف أسرة محتاجة، من التأمين الصحي، مع استمرار المساعدة وخلق مشاريع مدرة للدخل، بإشراف "تآزر".
٥ - انطلقت حزمة "أولوياتي" بفروعها ومكوناتها المختلفة دون تأخر وستتكشف قريبا مردوديتها الاقتصادية والاجتماعية والخدمية.
٦ - تم قطع مسافة طويلة في التشخيص العلمي المدروس لمشكلات قطاع التعليم حتى يكون الإصلاح التربوي بعيدا عن الارتجال الذي هدَّ المنظومة التربوية واحالها إلى الوضع الحالي.
٧ - رغم خطورة جائحة كورونا وأثرها السلبي والكارثي أحيانا على  المستوى العالمي، ورغم حالة الاستنزاف الاقتصادي التي واكبتها محليا وعالميا، فقد كان التدبير الوطني في مواجهة هذه الجائحة محل ثناء دولي كبير، كما كان من إيجابياتها وطنيا:
 - التعزيز الكبير للقدرات الصحية الوطنية لوجستيا وبشريا.
- خلق مستوى كبير من التمرن والتديب لدى مختلف أجهزة الدولة وصناع قرارها على التعامل الرزين مع المستجدات استباقا ومواكبة وتقويما وتقييما.
٨ - تألق دبلوماسي، وسمعة دولية مميزة، تُؤشر لها أول قمة واقعية تعقد في اجواء كورونا في شبه المنطقة، حيث استضافت موريتانيا في هذا الظرف الحساس قمة ناجحة دقيقة التنظيم شارك فيها العديد من صناع القرار العالمي، وكانت موريتانيا هي الناطقَ باسم محيطها الساحلي، ومُخاطِبةَ العالم باسمه.
وكانت زيارة الرئيس الأخيرة إلى عواصم أوروبية مؤثرة في القرار العالمي، ومستوى الحفاوة والتقدير الذي تلقاه في قصر الأليزيه، وفي مقر قوة الردع العالمية الأولى "حلف الناتو" ..كل ذلك كان مؤشرا لألق دبلوماسي تعززه شواهد الميدان.
٩ - تم تجسيد فصل السلطات، وتمكين السلطة التشريعية من القيام بدورها الرقابي والتحقيقي كاملا، وفي ذلك رسائل واضحة من النظام القائم أنه لا حماية ولا تسَتُّرَ على أي ممارسة تمت للفساد بصلة، وتلك من الرسائل الضرورية في البدايات، حتى يفهم المسؤولون أنهم سيواجهون القانون إن أفسدوا.
١٠ - مارس النظام مستوى لم تعهده الساحة السياسية من الأداء السياسي النظيف، حيث رفض رفضا باتا التدخل في انتخابات الروابط والنقابات، خصوصا ذات الوزن والمكانة، بل أصدر الحزب الحاكم بيانا يعلن فيه الوقوف على الحياد التام في انتخابات نقابة المحامين، وبعدها انتخابات غرفة الصناعة التقليدية، وهو أسلوب جديد لدى الأحزاب الحاكمة في البلاد التي كانت تتعمد أن تدس الأنف في كل مفاصل الحياة.

١١ - تبني أسلوب التصريح بدل الترخيص، فيما يتعلق بالجمعيات والأحزاب، وهو ما يضيف نفسا جديدا في مجال الحريات، يشكل مكسبا كان بعيد المنال.
١٢ - تمت زيادة معاشات المتقاعدين الأساسية بنسبة 100%
وهو نبأ يفيد أن الدولة لن تنسى خدمتهم، وأنهم على قمة لائحة الاهتمام، وأن لكل منهم لسانا وقلبا في مركز صنع القرار الوطني.
١٣ - صبيحة ذكرى الاستقلال الماضية أصبحت أرامل المتقاعدين على نبإ مفرح يخبرهن أن الدولة لن تنسى خدمة أرباب أسرهن، وأنها تعمل قدر الوسع أن تخلفهم في أهلهم بخير، وأنهن أيضا على لائحة الاهتمام، وأن لكل منهن لسانا وقلبا في مركز صنع القرار الوطني.
١٤ - بعد أن كان المتقاعد ينتظر ثلاثة أشهر دون أي دخل أصبح دخله يصرف شهريا ومضاعفا.
١٥ - أصبح أصحاب الفشل الكلوي يدركون أن هناك من يحس بآلامهم، فتم تَحَمُّل حصص المُعوزين منهم بنسبة 50% إضافة إلى تحويلٍ شهريٍّ لصالح كل منهم بمبلغ 15000 
١٦ - كل أصحاب الاحتياجات الخاصة، بدأت إجراءات استفادتهم من الضمان الصحي.
١٧ - كل متعددي الإعاقة سيستفيدون من تحويلات شهرية بمبلغ 20000

١٨ - تم اكتتاب 800 مابين إمام ومؤذن يستفيدون من رواتب شهرية.
١٩ - تم إطلاق جائزة رئيس الجمهورية لحفظ وفهم المتون المحظرية، وهي جائزة وتظاهرة كبرى تشكل وفاء للبصمة الموريتانية الأصيلة في مجال المعرفة، وهي بصمة أبانت من خلال مخرجاتها تاريخيا، ودَوْلِيًّا عن فرادة وتميز، كما أن إكبار أهل العلم وخلق جو تنافسي معرفي من شأنه إنزال العلماء منازلهم، وإبعاد أصحاب العواطف غير المفقّهة، عن دائرة التأثير الديني، ما جنى عليا شيء مثل جنايتهم التي أزاغوا بها الناس، وسمموا أفكار الناشئة.
أخيرا: 
أي تقييم للفترة الماضية من حكم سيادة رئيس الجمهورية، لكي يكون منصفا يجب أن يضع في الاعتبار الظروف القاهرة التي خضع لها العالم كله في ظل جائحة كورونا والتي ما زالت تضرب باطنابها على الجميع، وحينها سنكتشف أنه تحقق الكثير خصوصا في مستوى التأسيس والتشخيص، وترسيخ قواعد الحكم، مع انطلاق مدروس ورزين، يتأخر فيه القول خطوات لصالح الفعل، وهو ما يبشر بقادم أفضل، توضع فيه مسارات التنمية الوطنية على السكة لتنطلق مُتَخفِّفةً من العقبات التي كثيرا ما تنشأ عن الارتجال.
ويبقى الطموح دائما للأفضل حقا مشروعا، وظاهرة صحية لدى الجميع.
لكن الحقائق تبقى أبِيّةً على الطمس، ولا تقبل النفي أبدا.
ومقتضى الإنصاف أن نعترف بما أنجز، وفي الوقت نفسه نطالب ونطلع إلى المزيد.
  والله يرعى ويحفظ ويسدد

بقلم الأستاذ/ الولي طه