تحتاج محاربة الفساد إلى فهم مساراته | 28 نوفمبر

تحتاج محاربة الفساد إلى فهم مساراته

أربعاء, 02/09/2020 - 09:52
أباي الطلبة

تحتاج محاربة الفساد إلى فهم مساراته و محاور تَشَكله فهو يولد في حاضنة اجتماعية محصّنة بمفاهيم تقليدية ثم ينمو برعاية أنظمة سياسية مستفيدة منه بشكل أو بآخر ،  وبعد ذلك يكون معضلة اقتصادية وتنموية لنجد أنفسنا أمام السؤال الأهم كيف نقضي على الظاهرة مرحليا و كيف نعالج الرّحم الاجتماعية التي أنتجته و تنتجه باستمرار  -  على الأقل حتى نوقف خط الإنتاج -  ريثما نتعامل لاحقا مع أطواره المختلفة؟ 
ما يحدث الآن أننا نتعامل مع الفساد في آخر أطواره و تَجلياته بالقوانين التي تُجَرمه وتحاربه دون أن نعي أن الفساد مرتبط بسياقات كبرى تحتاج إلى وضع استراتيجية ثلاثية الأبعاد تجفف ماضيه و تحاصره في حاضره  ، وتقضي عليه في المستقبل ولن يتحقق ذلك -خصوصا لحماية المستقبل-  إلا إذا كانت تلك الاستراتيجية تراعي دور المجتمع و تطوّر من  الأسس التربوية في تكوين الشخصية  التي تشعر بالانتماء لقيمٍ ومُثُلٍ ووطنٍ في مراحل تشكُّلها بتفكيك المناهج وإعادة صياغتها وتضمينها بعدا تربويا لابد منه كوعاء حامل للمعارف ، وقبل ذلك أن يتحول الفساد إلى قضية أمة تريد أن تنهض من بين الركام و تخوض حربا ضد  كل المفسدين ولا بد أن تبدأ تلك الحرب بتحرير العقلية الاجتماعية من سيطرة الصورة النمطية لأصحاب الثروة المشبوهة واعتبارهم مسخاً في مزبلة التاريخ لا يقيم لهم  المجتمع وزنا ولا يمنحهم اعتبارا .
يمكن وضع هذه الاستراتيجية إذا توفرت الإرادة السياسية الصادقة ، والاستعانة بأهل الخبرة والكفاءة والتخفيف من الحمولة السياسية أثناء إعدادها لأن محاربة الفساد ليست شعارا سياسيا استهلاكيا بل هي قرارات إجرائية واضحة تستهدف  مكامن الخلل و مواطن الضعف في البنية الاجتماعية والتربوية  والظروف الاقتصادية والتحسين من سلم الأجور والرواتب ووضع أسس فنية للتقدم والتعيين و آليات الرقابة والتفتيش  . إن التفكير بهذا الاتجاه بات أمرا مُلحا حتى لا نظل في نفس الدائرة المُظلمة .

_________

من صفحة الأستاذ: اباي ولد الطلبة على الفيس بوك