مذكرة تفاهم حول الزراعة في موريتانيا (*) | 28 نوفمبر

مذكرة تفاهم حول الزراعة في موريتانيا (*)

جمعة, 24/01/2020 - 01:15
مذكرة تفاهم حول الزراعة في موريتانيا 

قامت الزراعة الموريتانية بدون بنية تحتية مستديمة تعاملت معها الأنظمة المتعاقبة بطرق ارتجالية , مع أنها في السنوات الأخيرة أعطت إشارات ايجابية استقطبت شريحة من الشباب  و الممولين المحليين والأجانب  نظرا لدورها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية , أساسا في مجال محاربة الفقر و البطالة و دعم الاستقرار و السيادة الوطنية و الأمن الغذائي , إلا أن تلك المؤشرات حجمها و دورها لا يسمحان بالاستمرار في العفوية و الارتجالية .

الزراعة الآن تعانى من مشاكل حادة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التمويل , و الاستصلاح وضعف وسائل الإنتاج وعدم الاعتناء بالتنظيمات المهنية .

ونظرا لكل ما أشرنا إليه أعلاه قررنا أن نحول هذا المشكل إلى قضية وطنية نعرضها على الجميع بغية التعاطي معها بكل ايجابية و أريحية خدمة للوطن .

المشاكل الكبرى التى اعترضت طريق نمو القطاع تتعلق أساسا بالتمويل و الاستصلاح الزراعى  وآليات ووسائل الانتاج و غياب التعاطى مع الهيئات المهنية ....

 أولا : التمويل الزراعي

إن أي نشاط اقتصادي يتطلب وجود هيئات تمويلية لضمان فعاليته وديمومته، إلا أن النشاط الزراعي يحتاج تمويلا خاصا يراعي طبيعة هذا النشاط المهني لكثرة الأخطار المرتبطة به ، تلك الأخطار هي التي جعلت البنوك الوسيطة تعزف عن التعاطي معه. 

المزارع يمكن أن يقترض كل ما تحتاجه دورة الإنتاج، لكن لا يمكنه تحمل تكاليف التعامل مع الظروف المحيطة بالإنتاج، ومن هنا يكون دعم الدولة ضروري، ولا محيد عنه. 

إذا عملية الإنتاج الزراعي تتطلب نوعين من التمويل : 

قرض على حساب الإنتاج ودعم لخلق ظروف ملائمة للإنتاج أي قرض زراعي ودعم زراعي. 

I. القرض الزراعي

القرض الزراعي الذي يتطلبه أي نشاط زراعي، يتعلق أساسا بثلاثة أنواع من التمويل :

أ  ـ تمويل طويل المدى : 

1. تمويل استصلاح الأراضي من الري إلى التصريف ، سواء كان عن طريق شق قنوات للري والصرف وتسوية المساحات، أو اقتناء نظم الري الجديدة (ري محوري، تنقيط...). 

2. . القدرة على تمويل إعادة تأهيل المصانع. 

ب ـ تمويل متوسط المدى 

وهو موجه أساسا لاقتناء : 

1. ـ مضخات الماء 

2. ـ الجرارات الزراعية وأدواتها و الحاصدات. 

 

 

ج- التمويل قصير المدى :

ويختص بتمويل المدخلات الزراعية (كالبذور والأسمدة والطاقة والحصاد..الخ). 

وجرت العادة أن يكون الدفع بعد 6 أشهر، وهذا من الأمور التي تشجع على العزوف عن أخذ هذا النوع من القروض لأن دورة الإنتاج (خاصة الأرز) هي 6 أشهر من (بداية الإنتاج إلى الحصاد)، وبالتالي يصبح المزارع مجبرا على أن يبيع بأقل سعر موجود وإلا وقع تحت رحمة سوط الفوائد المضاعفة، ولذلك لابد من أن تكون الدورة الزراعية 8 أشهر حتى يتمكن المزارع من بيع منتوجه وسداد قرضه. 

إذا بنك CDD الموجود حاليا لا يمكنه أن يستجيب إلى كل هذه المتطلبات حيث أن محفظته الاستثمارية تقتصر فقط على التمويل قصير المدى، و الذى لا يمثل 40% من قيمة الرهن العقارى ، إضافة إلى تعقيد الإجراءات المرتبطة بالحصول عليه والتي تكون دائما على حساب الجدول الزمني الزراعي ــ وكذلك إجبارية دفع القرض في أجل أقله 6 أشهر فقط كما أشرنا إليه أعلاه. 

المطلوب إذا هو إنشاء قرض زراعي حقيقي يمكنه التعامل مع خصوصية النشاط الزراعي والذي يتطلب ــفائدة خفيفة وفترة سداد أطول... وأن تكون محفظته متنوعة قادرة على  تلبية الحاجة إلى كل أنواع القروض من طويلة المدى إلى المتوسطة والقصيرة المدى . 

II. الدعم الزراعي

الدعم الزراعي هو إعانات من الدولة تستهدف الأنشطة الزراعية و تلك المرتبطة بها و الظروف التي لا يمكن لحساب جرد التكاليف أن يتحملها مثل : 

ـ الاستصلاح الريفي العمومي : ــ كشق الطرق بين المزارع وتنظيف الروافد ومد شبكة الطاقة، وشق قنوات صرف عمومية ...إلخ. 

ـ تمويل بعض البنود المتعلقة باستصلاح أراضى المزارعين ، كالتسوية بالليزر مثلا , لأنها أولا جد مكلفة، وثانيا أقلية المزارعين ما زالوا يرون أن لها فائدة كبرى، فيما هي تزيد من قدرة أداء المزرعة على الإنتاج أكثر كما وكيفا. 

وبما أن الزراعة معرضة للكوارث أكثر من غيرها، ينبغي تفعيل صندوق تسير الكوارث الذي سبق أن تم إنشاؤه، والتخلي عنه في مرحلة لاحقة دون مبرر. 

كما أن صندوق تسيير الكوارث ـيشجع شركات التأمين على الاستثمار في مجال التأمين الزراعي الشيء الذي لا غنى عنه. وينبغي على الدولة أن لا تدخر جهدا في هذا المجال علما بأنه موجود في كافة دول الجوار. 

ثانيا : الاستصلاح الريفي 

إنه لمن البديهي أن أي عمل في مجال الزراعة مرتبط ـبتحضير الظروف الملائمة للحصول على تكثيف الإنتاج كما وكيفا، ولهذا السبب تبدو جليا أهمية الاستصلاح الزراعي سواء    العمومي منه أو الخصوصي : 

ـ الاستصلاح العمومي : 

أغلب المساحات المستصلحة تعتمد في ريها على أفرع النهر وبعض القنوات وهذه كلها تتعرض دائما للانسداد بسبب الأعشاب والأتربة ودأبت الوزارة مشكورة على القيام بعمليات تسليك جزئي سنويا لعدة كيلومترات من هذه المجاري ولكن ولأسباب عدة فإن النتائج تظل محدودة وتظل الخسائر باهظة , ولحل هذا المعضل نقترح : 

أ ـ وضع برنامج متكامل لتسليك جميع المجاري مع وضع حواجز مانعة للسيول في الأماكن المنخفضة. 

ب ـ مراجعة ومراقبة تنفيذ نظام تسيير المياه مع شركة استثمار سوجد النهر ليكون توقيت الفتح وموجة الإغلاق آخذا في الاعتبار كل مراحل الزراعة عندنا. 

ج ـ شق وصيانة الطرق الزراعية لضمان فك العزلة عن كل مناطق الإنتاج. 

د ـ شق قنوات صرف عمومي للمزارع 

هـ ـ مد خطوط الطاقة الكهربائية في جميع مناطق الإنتاج وتحمل الدولة تكاليف كل العملية كوسيلة دعم مباشرة من أجل تخفيض كلفة الإنتاج. 

 ثالثا : دعم أسعار المدخلات الزراعية  

أ ـ توفير الوقود للزراعة بالسعر المخصص لبواخر الصيد وهو 24.3 أوقية للتر بدل 38.65 أوقية للتر بالنسبة للزراعة علما بأن استهلاك باخرة صد واحدة يكفي لري آلاف الهكتارات ومع العمل أن فارق النتيجة على الوطن هو لصالح الزراعة (امتصاص البطالة وتوفير الغذاء). 

ب ـ توفير دعم حقيقي للأسمدة والمبيدات ومراقبة جودتها عند الاستيراد مقارنة بالسنغال المجاور حيث تصل مادة اليوريا مثلا إلى المزارع بما يعادل 4000 أوقية للطن بينما عندنا تكلف أكثر من 000 10 أوقية جديدة . وللتوضيح فإن الدعم يجب أن يوجه للمنتج مباشرة لتقليل كلفة الإنتاج وبالتالي تخفيض السعر بالنسبة للمستهلك الذي هو الهدف الأول من عمليات دعم الدولة. 

تدني الإنتاجية : 

هنالك الكثير من العوامل تتضافر فتؤدي إلى تدهور الإنتاجية، من هذه العوامل ما تقدم ذكره ومنها غياب تحليل التربة لمعرفة الاحتياجات الفعلية من الأسمدة ومنها تأخر تطبيق الأسمدة بفعل إجراءات شرائها ومنها عدم قلة العرض من البذور المحسنة وعدم قدرة البعض على شرائها. 

لحل هذه الإشكالات نقترح على الوزارة إضافة إلى ما تقدم أن تتحمل تكاليف تحليل التربة في كافة المناطق وأن تدعم البذور و أن تخفف من إجراءات بيع الأسمدة وأن تدعم قطاع البذور و توفيرها ولتقليل كلفة إنتاجها حتى تكون في متناول الجميع. 

الخطأ في توجيه دعم الآليات والتسويق : 

تنفق الدولة أموالا طائلة بحجة دعم سعر شراء الحاصدات لكن هذه المبالغ في الحقيقة ما هي إلا دعم لعدد قليل من كبار الموردين. 

أ ـ دعم سعر شراء الآليات : 

حاليا تستورد الدولة الحاصدة مع جرارها بسعر يقابل عشرة ملايين أوقية جديدة وعند البيع تتحمل الدولة نصف المبلغ كدعم للمزارعين ولكن المدعوم في هذه العملية هم أفراد قلائل من التجار حيث السعر الحقيقي لهذه الحاصدة في السنغال المجاور في حدود 3.5 مليون أوقية تتحمل الدولة منها نسبا معتبرة والباقي يصل المزارع الحقيقي بقرض ميسر أما حاصدات دولتنا فتعود للتجار القادرين على توفير نصف هذا الثمن نقدا. 

لذا ولكي يصل الدعم إلى المزارع نطالب بشراء حاصدات الهند أو الصين بسعر معقول لكي يتسنى للمزارعين العاديين تحصيل الأقساط المطلوبة منهم وهذه العملية ستمكن من استيراد مائة حاصدة بنفس المبلغ بدل 36 مقررة هذه السنة. 

 

رابعا : الإصلاح البنيوي 

أولا : تغييب بعض الهيآت النقابية و احتواء البعض الآخر : 

لكي تكون الهيئات النقابية للزراعة شريكا فعالا للسلطات العمومية تعينها على تشخيص وتخطيط وتنفيذ البرامج والاستراتيجيات المعول عليها في النهوض بالقطاع، فإنه من الضروري إشراكها بصفة رسمية في وضع هذه الاستراتيجيات حين تصورها بصفة دائمة. 

إن تغيير بعض الهيئات النقابية واحتواء البعض الآخر من طرف السلطات العمومية حال دون أن يكون المزارع شريكا فعالا للسلطات العمومية في تشخيص وتخطيط وتنفيذ البرامج والاستراتيجيات الكفيلة بتطوير القطاع. 

وفي هذا الإطار فإننا نطالب بصفة ملحة بفصل غرفة الزراعة عن غرفة التجارة والصناعة لكي يستفيد المزارع من الخدمات التي يمكن أن تتوفر في إطار هذه الغرفة كالبحث عن المستثمرين في القطاع وتنظيم دورات تدريبية ورحلات علمية لفائدة منتسبيها من المزارعين وأن لا تبقى حصرا لأغراض خاصة.