الديون تغرق الموريتانيين وأجورهم يأكلها التضخم | 28 نوفمبر

 

فيديو

الديون تغرق الموريتانيين وأجورهم يأكلها التضخم

اثنين, 11/01/2016 - 12:15

نتهى موسم الأعياد والإجازات في موريتانيا لتتضاعف الضغوط على الموريتانيين، بعدما خرجوا من فترة بدء العام الدراسي الذي يكبّدهم الكثير من النفقات. فالعديد من الموريتانيين أنفقوا ما لديهم من أموال خلال موسم الأعياد الذي تزامن مع موعد الإجازات، حيث تفضّل غالبية الأسر الموريتانية الخروج من المدن الكبرى إلى الأرياف والبوادي بحثاً عن الراحة والاستجمام، ما أثقل كاهل العديد من أرباب الأسر. 
سالم ولد إسلك، وهو موظف حكومي، يقول إنه اضطر للاستدانة عدة مرات من أجل تأمين تكاليف الدراسة لأبنائه الثلاثة. ويضيف ولد إسلك لـ”العربي الجديد”: “سجلت أبنائي في مدرسة خاصة وأدفع أقساطاً شهرية تزيد عن 80 دولاراً ودخلي لا يتجاوز 300 دولار في الشهر”. ويبرر إسلك اختياره للمدارس الخاصة دون المدارس الرسمية بالقول إن الأخيرة “لا تخضع للرقابة، فالأساتذة لا يحضرون ونتائج الطلاب ضعيفة ولا يتجاوز أغلب الطلاب في المدارس الرسمية مسابقة البكالوريا”.

ويبدو أن إسلك أحسن حظاً من غيره ممّن تجبرهم ظروفهم الاقتصادية على عدم إرسال أبنائهم للمدارس أصلاً. جدو ولد أوبك، يعمل بائعاً للمياه على عربته، اضطر لترك مقاعد الدراسة لأن والده مريض، ولم يعد يستطيع العمل على عربته، ما جعل جدو يقوم بهذه المهمة حتى يؤمّن القوت لأبيه وإخوته الصغار. جدو يقول لـ”العربي الجديد”، إنه يجني “حوالي 5 دولارات يومياً، وهو مبلغ لا يكفي لمصروف البيت في اليوم”، لكنه يعلّق الأمل على الله. 
الحد الأدنى للأجور في موريتانيا هو الأقل في الدول المغاربية، إذ لا يتجاوز 100 دولار، ورغم إعلان الحكومة الموريتانية عن زيادات في الأجور خلال السنوات الماضية، إلا أن ارتفاع الأسعار وضعف التوظيف وضعف العملة المحلية قلّل من أهمية هذه الزيادات، حيث بقيت أعداد كبيرة من الشباب الموريتاني ترزح تحت وطأة البطالة، فيما لجأ العديد من شركات المعادن في شمال موريتانيا إلى تسريح العديد من عمالها لمواجهة انهيار أسعار الحديد عالمياً. وكان آخر ذلك إعلان شركة “تازيازت موريتانيا” عن تسريح 148 من عمالها، فيما غادر عدد آخر طوعاً بسبب خطط التقشف التي تتبعها شركات المعادن والتي كان العمال ضحيتها الأولى. 
وصرح وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية سيد أحمد ولد الرايس، خلال ورشة عقدتها الوزارة أخيراً لتقييم خطة الإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر، أن نتائج المسح حول الظروف المعيشية للأسر سنة 2014، أظهرت تراجع مستوى الفقر ما بين سنة 2008 و2014 بمعدل 1.8 نقطة سنوياً، أي من 31% مقابل 42% هي نسبة الفقر سنة 2008. 
وتعاني العديد من المناطق الريفية من غياب للخدمات الأساسية، كالمياه والكهرباء والمستشفيات وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وزاد من السخط الاجتماعي رفض الحكومة تخفيض أسعار البترول ومشتقاته رغم انهيار أسعاره عالمياً.

الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها الموريتانيون أضعفت الطبقة المتوسطة ووسّعت من دائرة الفقر، ما أدى إلى نتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة على مستقبل موريتانيا، حسب بعض الخبراء، كما كان للفساد وسوء التسيير دور بارز في تبديد المشاريع الحكومية لمواجهة الفقر وإفراغها من مضمونها. 
وينتقد الخبير الاقتصادي محمد ولد أحمدو، تسارع وتيرة الهجرة إلى الخارج كأحد النتائج المباشرة والخطيرة للضغوط الاقتصادية على الموريتانيين “فالكثير من عقول موريتانيا وأُطرها خرجت من البلاد، كما أن انتشار الجريمة وشبكات الإرهاب إحدى نتائج اتساع الفوارق بين الموريتانيين، فهناك أغنياء لا يعرفون ماذا يفعلون بأموالهم وهناك فقراء لا يجدون قوت يومهم”. 
ويضيف ولد أحمدو لـ”العربي الجديد”: “غياب الطبقة المتوسطة أو بالأحرى إضعافها، تنجم عنه مخاطر اقتصادية واجتماعية كبيرة، خاصة أننا في مجتمع متنوّع عرقياً وفئوياً. وقد شهدت البلاد أخيراً اضطرابات اجتماعية سببها الأساسي هو الفقر والتهميش والحرمان والتفاوت الاجتماعي والطبقي”. ويتابع: “تحتاج موريتانيا لمواجهة أزمة تصفية آثار الرق وما يُعرف بـ”الإرث الإنساني” إلى حلول اقتصادية واجتماعية جذرية، وليس إلى عمليات توزيع مساعدات هنا وهناك أو تنفيذ هذا البرنامج التنموي أو ذاك، إنما نحتاج إلى خطة متكاملة لتصفية الفقر ومكافحة الفساد وتحفيز الاقتصاد الوطني وخلق حوافز استثمارية حتى يتسنى للاقتصاد الموريتاني أن ينهض وينمو وحتى يعيش المواطن الموريتاني حياة كريمة في وطنه”.

 

المصدر : صحيفة العربي الجديد