انتشرت ظاهرة مدونات الموضة المحجبات في العالم العربي، لتصل في الأثناء إلى الغرب. أسماء فارس، مدونة فرنسية محجبة من أصول تونسية تحاول تقديم المرأة المحجبة في أروربا بشكل يتناسب مع الحياة العصرية وبأناقة ملفتة للنظر.
تعد الفرنسية المحجبة أسماء فارس من أكثر المدونات إثارة للجدل في فرنسا، نظرا لنسبة المشاهدات، التي تحظى بها قناتها على يوتيوب والمتابعة من قبل العرب والغرب. تقيم أسماء ،فارس البالغة من العمر 36 عاما، في مدينة مارسيه بجنوب فرنسا وهي من أصول تونسية وأم لطفلتين.
بأزياء أنيقة ومحتشمة تطل أسماء على متابعيها من خلال قناتها على يوتيوب، لتقديم حلقات خاصة بالموضة والتجميل. وعن بدايتها والفكرة التي انطلقت منها تقول أسماء لديتشه فيله عربية: “قبل أن أكون مدونة موضة، فأنا أعمل منذ سنوات في مجال التجميل، وكنت أتابع المدونات على اليوتيوب، لكنني كنت أبحث بالأخص عن مدونات محجبات في فرنسا، لكن لم أجد. فهناك بالطبع الكثير من المدونات المحجبات ولكن أغلبهن من دول الخليج” وتضيف: “لهذا قلت لنفسي لماذا لا أبدأ أنا بهذه الفكرة وأكون أول مدونة محجبة في فرنسا على اليوتيوب لأنقل خبرتي ونصائحي لنساء أخريات”.
لأسماء فارس قناة على اليوتيوب منذ 2012
بداية أسماء في عالم التدوين يمكن وصفها بالمتواضعة، إذ إنها بدأت بكاميرا الحاسوب الشخصي وبآلة تصوير صغيرة رخصية الثمن،إلا أنها حققت النجاح، وتقول أسماء: “أنشأت قناتي على اليوتيوب عام 2012 وفي البداية لم تكن الفيديوهات التي أقدمها ذات جودة عالية، ولكن بالرغم من ذلك حظيت بنسبة مشاهادات عالية. وهذا كان دافعاً قوياً بالنسبة لي لأكمل تجربتي وأحاول تطويرها للأفضل”.
النجاح والشهرة لا يمثلان الهدف الرئيسي لدخول أسماء عالم التدوين: “لقد أصبح الناس في الشارع يعرفونني ويعبرون لي عن حبهم وإعجابهم بما أقدم ويشجعونني على الاستمرار، كما يتمنى البعض مقابلتي، ولكني أسعى فقط لمساعدة النساء ولا أرى نفسي كنجمة مشهورة، بل كأي شخص عادي”.
وحول نجاحها في التوفيق بين عملها والاهتمام بعائلتها تقول المدونة ”أحاول قدر المستطاع التوفيق بين واجبي العائلي وعملي، ولكن بكل صدق هذا أمرصعب للغاية، فبالإضافة إلى قناتي على يوتيوب، أملك مدونة موضة خاصة بي وهذا يتطلب الكثير من الوقت، وأستغل عادة وقت تواجد ابنتي الكبرى في المدرسة والصغرى في الحضانة”. وتضيف ضاحكة “: أحيانا يعاتبني زوجي لأنني أقضي وقتاً أطول أمام الحاسوب”.
تجاهل النجاح
وبخصوص الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارها في مجال التدوين تقول أسماء: “بسبب قلة خبرتي في المجال التقني، كان عمل المونتاج للفيديو يتطلب مني وقتاً طويلاً، ولكن بالممارسة تغلبت على هذه المشكلة”.
إلا أن هذه الصعوبات تبقى هينة بالنسبة للمدونة الشابة مقارنة بالإقصاء، الذي تتعرض له من قبل الماركات الفرنسية الكبرى التى تتجاهلها وترفض التعامل معها. من خلال مقطع فيديو على يوتيوب عبرت أسماء عن احتجاجها وتحدثت عن الظلم الذي تتعرض له بالرغم من نجاحها، حيثإأن عدد متابعيها يزيد عن 100 ألف، وتقول: “كانت لدي شكوك وكنت أقول في نفسي لا يمكن أن يكون هذا بسبب الحجاب، إلا أن مدونات أخريات من العرب أو الفرنسيات ممن لا يضعن الحجاب ولديهن نسبة مشاهدة أقل بكثير مني، يتم استدعاؤهن من قبل شركات التجميل للحفلات والفعاليات الخاصة بالموضة”.
وتذكر أسماء محاولتها في المشاركة بفعالية تقام في باريس و يتم فيها استدعاء أشهر وأنجح المدونين لمقابلة جمهورهم: “إنتظرت أن يتم استدعائي للمشاركة أيضا، لكن لم أتلق الدعوة وعندما اتصلت ووضحت بأنه تم استدعاء مدونين لديهم نسبة مشاهدة أقل مني وطلبت منهم تفسيرا للسبب، كان الجواب بأنه لم يعد هناك مكان متاح، وأن هذا ليس له علاقة بحجابي، ولكنني أعرف أنه العكس”، وتردف القول:“ قابلت العديد من رؤساء شركات التجميل والصحفيين، الذين أكدوا لي بأن هناك العديد من الماركات العالمية لا تفضل التعامل مع مدونات محجبات وبالأخص مع العرب لأنهم لا يحبون أن تلتصق صورة ماركتهم بصورة المرأة المحجبة”.
صورة المرأة المحجبة في فرنسا
وانتقدت المدونة نظرة المجتمع الفرنسي السلبية للمرأة المحجبة ، والتي ازدات بعد أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر الإرهابية وتقول: “المرأة المحجبة تعتبربنظر أغلب الفرنسيين امرأة غير متعلمة، تجلس في البيت ولا تجيد عمل أي شئ سوى إنجاب الأطفال والعيش على مساعدات الدولة ويتحكم زوجها فيها، وبالتالي لاتعكس صورة المرأة المتحررة، لأنهم لا يعرفون بأن المرأة حرة بحجابها أيضا”.
وكمحاولة منها لتغيير هذه الأحكام المسبقة عن المحجبة، أنجزت أسماء فيديو خاصاً عن الحجاب: “تلقيت الكثير من التعليقات وتفاجأت بالكم الهائل من الأحكام المسبقة عن المرأة المحجبة في المجتمع الفرنسي. ومن بين التعليقات مثلا، من يقلن بأنهن لم يعرفن، أن المرأة المحجبة بإمكانها خلع حجابها في بيتها، والعديد من المتابعات شكروني لأنني فتحت أعينهن عن أشياء كثيرة لم يعرفنها عن الحجاب والإسلام”.
أصداء التجربة
بالرغم من الإقصاء ،الذي تتعرض له المدونة الفرنسية المحجبة من طرف الماركات الفرنسية الكبرى، إلا أنها تتمتع بشريحة كبيرة من المعجبات الأجنبيات والعربيات، بالأخص بعد أن أنشأت قناة أخرى باللغة العربية، وتقول أسماء: “لدي متابعات من ديانات مختلفة ويعبرن لي عن حبهن وتقديرهن لما أقدمه لهن وبأنني أقدم صورة جيدة للمرأة المحجبة ومثالاً للمرأة الذكية والمثقة وهذا يشعرني بالسعادة، لأنني أحاول تغيير الصور النمطية عن المرأة المحجبة ويشجعنني على الاستمرارعلى اليوتيوب”.
واختلفت آراء المتابعات حول تجربة أسماء والصورة التي تقدمها عن المرأة المحجبة، وتقول إملي وهي فتاة فرنسية عمرها 28 عاماً لدويتشه فيله عربية: “تعجبني أسماء كشخصية وكمدونة محجبة، لأنها تعكس صورة المرأة المسلمة والمثقفة والذكية والناجحة في جميع المجالات”.
في المقابل ترى بعض المتابعات المسلمات، أن ما تقوم به أسماء مخالف للإسلام وأن المرأة المحجبة لا يجب أن تظهر على اليوتيوب. سارة، فتاة مسلمة، لها رأي مخالف وتقول: “هناك الكثير من المدونات المحجبات، يحاولن تقديم صورة جيدة للمرأة المحجبة والأنيقة في نفس الوقت، ولكن العديد منهن يبالغن في استعمال مواد التجميل مثلا، لكنني لا أتفق مع الآراء التي تنتقد بصفة عامة ظهور المرأة المحجبة على اليوتيوب”.(دوتشيه فيليه)