يمكن وصف أول حكومة يعينها الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني، بأنها أكثر حكومة ترقبها الموريتانيون في تاريخهم السياسي الحديث، فحالة الانتظار التي سبقتها كانت غير مسبوقة، وما رافقها من تعتيم على أسماء أعضائها كان أمراً غير مألوف في هذه الصحراء المكشوفة والمكشوف فيها كل شيء.
أعتقد أن ولد الغزواني بعث بالعديد من الرسائل عبر الطريقة التي عين بها حكومته، أول هذه الرسائل عندما أكد للجميع أنه وحده من يمسك بخيوط اللعبة، وأن فريق عمله ما يزال أشخاصاً محدودين جداً، قد لا يزيدون على الثلاثة أو الأربعة أشخاص، وهم فيما يبدو جديرون بالثقة، إذ لم يتسرب من عندهم أي شيء يتعلق بطريقة تفكير الرجل أو خطواته المقبلة.
الأمر الثاني هو أنه نجح في الاستحواذ على انتباه الموريتانيين، بطريقة غير متوقعة وغير تقليدية، فعندما كان البعض يطلبون منه قرارات قوية، وإجراءات حاسمة لوضع نفسه في موضع الثقة، وهي خطوة مهمة لأي رئيس جديد، ها هو يصل لنفس المبتغى دون اتخاذ أي قرار، فقط عندما راهن على الوقت والهدوء والتأني.
عندما تسلم ولد الغزواني السلطة من صديقه ورفيق سلاحه، خرج الأخير من القصر في ثوب المنتصر، وهو الذي أقدم على خطوة غير مسبوقة في موريتانيا، والجميع يترقب خطواته المقبلة ومستقبله السياسي، اليوم تحولت الأنظار عنه في ظل حالة الترقب التي أخذت بعقول الموريتانيين، حالة جعلت الرئيس الجديد في مركز الأحداث، وهو أمر حدث بسلاسة كبيرة، وإن كان سببه الأول بريق السلطة، إلا أن تأخر إعلان الحكومة زاد من المساحة الزمنية المخصصة للرئيس الجديد، وهي مساحة ضرورية للتشبع بسلطته، قبل تسمية حكومة جديدة ستأخذ هي الأخرى نصيبها من الاهتمام.
يمكنني القول إن الأيام الأولى من حكم ولد الغزواني، أعطتنا صورة تقريبية لسنوات حكمه، فعودوا أنفسكم على الصبر والتأني، والكثير من الشائعات وياسر من كَلّت معطَ لخبارْ.
* بقلم: الشيخ ولد محمد حرمة