الظاهرة  | 28 نوفمبر

الظاهرة 

خميس, 06/06/2019 - 15:03
 ناجي محمد لمام

في بلاد التكرور ينمو نوع من فطريات آدمية تكاد تجزم أنه ولد واستكمل نموه ذاتيا ، فلا تستطيع بالتحليل و المقارنة أن تجد له مُشاكِلا أو مُماثِلاً مما يجعله "ظاهرة متكررة بنُدرة" .

السِّمات المميزة:

غالبا ما يكون شبه مجهول ( مكان الميلاد وتاريخه و الإنتماء العائلي أو القبلي) قليل الحظ من التعليم (أصيله و حديثه) ولكنه استثنائي الذكاء اجتماعي الطبع قادر على أن يكون ـ بفضل ذلك ـ من كل الجهات والعوائل و القبائل و الشرائح (تقليديا) بنفس الراحة والسلاسة التي يتنقل بها بين الأحزاب و المهن و منظمات المجتمع المدني و الوظائف و المناشط (عصريا).

السلوك:

إن الميزة الأساسية والفضيلة الكبرى التي يتحلَّى بها "الفطري"هي دماثة الخلق والإستعداد الدائم لتقديم خدماته مجانا و بسرعة و دقة و وجاهة و نكران ذات؛ وقدرة فائقة على انتظار النتيجة بصمت، مكافأة كانت أم تنكراً، و في الحالتين، يأتي رد فعله مناسبا للمقام متناسبا معه شديد التروي ـ"لكنه لا بدَّ أن يكون "ـ بالغ الأثر بليغ التأثير.

العلاقات:

لا بد أن تكون علاقة "الفطري" بمراكز النفوذ "واثقة موثوقة",بالغة "الستر" كما تقتضي أصول "اللعبة" على أن تأخذ مداها انتشارا و انحسارا من مقبس" طاقتها الأصلي" .

الخدمات:

تبدأُ "الخدمات" التي يقدمها "الفطري" من الأمور "الذاتية" ولا تنتهي بالمناصب الهامة والملحقات الخدمية العارضة كــ"إطلاق السراح" بالحقيقة و المجاز،مثلاً, أو "تقييد الحرية" بالحقيقة المُرَّة.

متى ظهرت هذه الميزة؟

من حيث "التأصيل" تعتبر "الفطرية" فرعا من "أقدم مهنة في التاريخ" وعليه فإنها ظاهرة كونية تتحول إلى "وباء" في المجتمعات النامية حيث تغيب المقاييس والمعاييرويلجأ الناس إلى "وسائل سفاحية" توصلهم لــ"حاجاتهم" التي هي في الأساس "حقوق" مسلوبة تعذر الحصول عليها بالتي هي "أقوم".
وضع الفطري قبل شيوع الفساد
كان "الفطري" قبل شيوع "الفساد المالي" منحصر الدور في نقل "الخبر" و "المنتجات " المصاحبة . و لم يكن "مركز قوة" بل "نكرة متنكرة" تخدم "الأجهزة" كما في مختلف دول العالم وفق معايير "المسبح"... 
و من شواهد ذلك أن "فطريا" ذاع صيته في السبعينيات وشاعت علاقته عالية المستوى مع "المسبح" ، شوهد يوماً بإحدى الدوائر الهامة لإتمام معاملة عادية ،فعلم به مسؤولها فبعث وراءه يستدعيه لشاي في المكتب، وعلى وقع كؤوس المدام الحلال طفق المُضيف يمدح الرجل الأول و الثاني و الحزب و غيرهم فأطال و أطنب ، لكن الضيف "الفطري" تمطَّى و تثاءب قائلاً:
سيدي المسؤول نحن مُكتَتَبون لــ"نقل الأخبار الشينة " و ليس لــ"نقل الأخبار الزينة"...

--------------

من صفحة الأستاذ ناجي محمد لمام على الفيس بوك