- استضافت الجزيرة الشيخ الددو فانقسمتم، تأليها وتتفيها، قسمين: مفرطين ومقسطين، فضاع المحتوى، في غمرة الحديث عن مكانة شيخ لا ينبغي أن تكون أصلا محل خلاف.
- انتظرت البارحة، ورصدت الجزيرة على هاتفي لأول مرة منذ تسع سنين بحثا عن المقابلة، وأمسكت بالقلم، وهيأت الطرس لتسجيل بعض الأقوال، وقد سجلتها مفرقا بينها وبين تعليقاتي عليها. ودونت بعض الملاحظات:
1- دأب الشيخ على الظهور في البرامج الدينية، أو الحوارية ذات الصبغة الدينية في قنوات مأمونة الجانب، منها قناة الجزيرة ذاتها، غير أن جزيرة الأمس تبدو على أبواب مراجعة شاملة فيما يتعلق بموقفها مما تسميه الربيع العربي، فنقل الصحفي للشيخ ما يكتبه ويقوله عنه وعن الجماعة خصومهم، بل حاول في الأخير إلصاق صفة التشدد به استنادا إلى تصريحات الرسميين الموريتانيين، كرر ذلك مرتين على الأقل، وكأنه يريد هز صورة الشيخ خارجيا. أو كأن ثمة من يريد التنصل من عبء "الثورات"؛ ليجعلها في باب الاجتهاد الخاطئ.
2- تعمد الصحفي جر الشيخ للهجوم على القرني، فقال عند حديثه عن الاعتذار: الآن وصلنا إلى لب الموضوع! فتفادى الشيخ الحفرة، فأعاد الصحفي الكرة قائلا: هل تعتقد أنه متلون؟، وهنا استشهد الشيخ ب"الحي لا تؤمن فتنته" ( كأنه وافق) ثم استدرك: كلنا معرضون لذلك. وفي جواب سؤال الجبر تفادى السؤال ثم عاد وقرر الجبر تلويحا.
3- دافع الشيخ عن "الثورات"، واعترف بفشل تسييرها، وأعاد جدلية قتل عمار (من أول من حمل السلاح؟)
4- عند الحديث عن "الثورات" تحدث عن شعوب مظلومة، وحين وصل إلى السودان قال: "البشير ثار عليه من له حق ومن لا حق له" (ظالم ومظلوم، وغيره ظالم فقط).
5- يقول الصحفي كنتم انتقائيين، فيرد الشيخ الحكام ليسوا متساوين، والشعوب ليست متساوية" (لم أفهم ما معنى عدم تساوي الشعوب) وقال: في الخليج حكام يحبون شعوبهم ويتبادلون معهم الزيارات... وشتان بين من يفعل ذلك وبين من يقصف شعبه بالبراميل (هذا الركن مظلم جدا: حب الشعوب للحاكم الجالس على الكرسي لا يمكن الجزم به، نحتاج سنين بعد زوال حكمه لنحكم، فمثلا نحن الآن جميعا نحب عزيز! ثم إن النظام السوري المشار إليه لم تندلع المظاهرات ضده؛ لأنه يقصف بالبراميل المتفجرة.. سوريا كانت بلدا يحكمه مستبد ككل البلاد العربية.. والقصف بالبراميل المتفجرة - إن كان - جاء جزءا من حرب يتسابق طرفاها للإفناء.. أرى الشيخ هنا جعل العرض علة!) ثم قال: من يزور شعبه ويزورونه... ليس من العدل أن يثور عليه الناس(قال: يثور بتضعيف العين، وبالبناء للمجهول) (توقفت كثيرا عند "يثور عليه الناس" فالشيخ عالم بخبايا اللغة، ويعرف جيدا الفرق بين "ثار" و"ثور"، ويعرف معاني حذف الفاعل.. ووجدتني هنا أتفق معه تماما: تثوير لا ثورات، فمن قتل عمارا؟).
6- الصحفي يحاول جر الشيخ للهجوم على ابن سلمان، والشيخ يدعو له ويقول: أنا لا أتكلم عن الجهات والأفراد والأنظمة (هذه الجزئية من بين ما لا أستطيع فهمه، فالبرنامج سياسي بامتياز، طرحت فيه أسئلة فقهية قليلة جدا، ومحاضرات الشيخ السياسية لا أعتقد أنها تقل عن محاضراته الفقهية الخالصة، والسياسة حديث عن الأفراد وعن الجهات والأنظمة، وما فتوى تكفير الرؤساء الثلاثة منا ببعيد)
7- يقول الشيخ: "اليمن شعب كريم لا يستحق الإهانة والأذية... والمؤامرة كبيرة عليه من كل جهة... وقد ظلم مرات: حين سلبت شرعيته، واحتلت عاصمته (يقصد حكم الحوثيين) ثم جاء القصف وتهديم المدن (يعني عاصفة الحزم) (هذه الحزئية أيضا تحتاج توضيحا، فالشيخ رحب بالعاصفة وباركها، وكان يعلم أنها حرب وليست مباراة في كرة القدم!، وفي الحرب لا تنثر الورود، وإنما يقع القصف وتهديم المدن، لا أصدق أنه يجهل ذلك، وهو العارف بقول الشاعر:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم @ وما هو عنها بالحديث المرجم
... إلخ
نظرة الشيخ تغيرت رأسا على عقب فيما يتعلق باليمن، دون أن يوضح السبب.
8- كان الشيخ ممسكا العصا من الوسط في علاقته بالنظام الموريتاني، وكأنه لا يريد استعداء قادم يرجح أن يكون خليفة الحاكم الحالي، كما راعى علاقته بالسعودية وقطر، دون إفراط أو تفريط، حيث لم يرتهن لقطر في الهجوم الحاد على السعودية، وعوضها عن ذلك إشارة خفيفة حين قال إن البلدان التي اتجهت إلى الحكم الرشيد حوصرت، ولم يقل ذلك إلا بعد نفيه وجود بلد عربي وإسلامي حكمه رشيد، فألح الصحفي على الاستدراك فاستدرك ذلك الاستدراك الخفيف، الذي تستبطن فيه قطر وربما السودان، دون العراق سابقا وسوريا وإيران.
حاصله أن ما قاله الشيخ مما يتعلق بالفقه لا يستطيع مناقشته إلا من هم على حظ من العلم، أما ما يتعلق بالمواقف من الأحداث فهي مواقف للسياسة فيها نصيب كبير، والتعرض لها لا يجافي واجب الاحترام، وما عرضته هنا مما نسبته له أخذت أكثره بألفاظه، وبالإمكان الرجوع إليه في مصدره، ومن لديه قراءة أخرى له، فقد عرضته له وليقدمها، إن شاء، فذلك هو الرد، وليس الرد التذكير بمكانة الشيخ العلمية والدينية، كما ليس الهدف من المنشور فتح مجال الإساءة.
"فهاكموها جاد منها عارض @ فسلموا مضمونها أو عارضوا".
** ممو الخراش