أكد 35 مجلسا محليا في موريتانيا تطلعهم للعب دور فعال في الجهود المبذولة للقضاء على ظاهرة العبودية التي يحتدم الجدل بشأنها في البلاد منذ سنوات وسط تباين في المواقف الرسمية التي تنفي وجود أي حالة استرقاق في حين تؤكد المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق الأرقاء السابقين استشراء الظاهرة وتتهم الجهازين التنفيذي والقضائي بحماية ملاك العبيد رغم الترسانة القانونية التي سنت مؤخرا للقضاء على الظاهرة.
وقد أصدر العمد إعلانا وصفوه بالتاريخي أسموه “إعلان ألاك” وضمنوه دعوة لكافة زملائهم من رؤساء المجالس المحلية وكذا المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية وشركاء البلاد في التنمية فضلا عن الحكومة الموريتانية إلى المساهمة الإيجابية في الطرح الجديد مؤكدين استعدادهم للعمل من أجل الكشف الطوعي عن أي ممارسات محتملة واتخاذ إجراءات وتدابير تضمن القضاء على المخلفات، استنادا إلى تعاليم الدين الإسلامي وتسلحا بالترسانة القانونية المعمول بها في البلاد.
ويأتي تبني العمد للديناميكية الجديدة بعد احتضان مدينة ألاك لأول مجلس بلدي مفتوح في موريتانيا في الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي خصص لمناقشة تقرير أعدته لجنة فنية عن الحوزة الترابية لبلدية ألاك وأكدت فيه استنادا على نتائج عملية مسح ميدانية للأحياء السكنية تضمنت مقابلات ولقاءات مع أئمة المساجد والوجهاء بالإضافة إلى نشطاء حقوقيين وبعض منظمات المجتمع المدني خلو البلدية من أي ممارسات استرقاق مع تأكيدها على أن المخلفات لا تزال بادية للعيان في العديد من المناطق واقترحت حلولا لمعالجتها على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
ويقول البو ولد اصنيبة وهو عضو المكتب التنفيذي لمنظمة نجدة العبيد الناشطة في الدفاع عن حقوق الأرقاء السابقين إن منظمته رصدت خلال الأعوام الماضية أكثر من 100 حالة استعباد في مناطق عدة من البلاد وتقدمت بشكوى لدى السلطات القضائية في الدوائر المعنية لمؤازرة الضحايا غير أن القضاء لم يتعاط إيجابا مع منظمته من خلال عدم نظره في الملفات المعروضة أمامه في تستر واضح على ملاك العبيد.
واعتبر البو ولد اصنيبه أن مقاطعة “باسكنو” الواقعة في الشرق الموريتاني المحاذي لمنطقة “آزاواد” بالشمال المالي تعتبر اليوم قلعة من قلاع الاستعباد حيث يستفيد ملاك العبيد فيها مما وصفه بظروف سكان المنطقة النائية وانتشار نقص الوعي وصعوبات التعليم و بعد المنطقة عن دائرة الاهتمام الإعلامي وهو ما يوفر فرصة لملاك العبيد للإفلات من الكشف والمحاسبة.
وختم ولد اصنيبه بالقول إنه إذا كان التقرير الفني الذي أعد في الحوزة الترابية لبلدية ألاك قد أكد خلوها من الممارسات فإن المخلفات المذكورة فيه يجب أن يتم التعامل معها بشكل جاد وسريع لإنصاف الضحايا لأن المخلفات قد تتحول إلى قنابل موقوتة ما لم يؤخذ حجم مأساة أصحابها في الحسبان.
وقد شهد الحفل المقام بعد اختتام دورة المجلس البلدي المفتوحة لتوقيع العمد على “الإعلان” مداخلة العديد من الأرقاء السابقين أكدوا فيه وجود أنماط جديدة من الاسترقاق تشمل توجيه المشاريع التنموية لمناطق محددة ومنحها الأولوية في الصحة والتعليم والطرق المعبدة كما طالبوا بالانتباه لدور وأداء الإعلام الرسمي معتبرينه نموذجا حيا لتكريس العبودية وإقصاء شريحة “لحراطين”.
فيما ركز بعض نشطاء الشريحة على المطالبة بتمييز إيجابي من خلال المتابعة الفعلية لأداء المؤسسات التعليمة والصحية في الأوساط الهشة مع تشجيع التكوين المهني للأشخاص الذين تجاوز سن الدراسة لضمان دمجهم في الحياة النشطة.
ويبقى السؤال المطروح هو ما مدى قدرة المجالس المحلية في البلاد على تعميم التجربة والتعامل بشكل حاسم مع أي حالات استعباد قد تكتشف خلال عمل اللجان الفنية، وكيف ستنظر الجهات المهتمة بالمجال من منظمات حقوقية وطنية وأجنبية وكذا شركاء البلاد في التنمية إلى الاهتمام الطارئ للمجالس المحلية بالظاهرة.
المصدر: صوت الكثبان