
منهم من هلل وفرح بهذه التجربة الجديدة المصرية ، في حين اخرون نددوا وحذروا من نتائجها العكسية ، ففي أي الخندقين يا ترى نتخندق ؟ مع دعاة التصويت بنعم للاستفتاء الذي طرحه الرئيس المصري على برلمانه وشعبه والكثيرون جدااا على فكرة ، أم نساند القلة والرأي المخالف الذي يرفض تمديد فترة حكم الرئيس وتغيير الدستور على مقاسه ، والغاء دور المواطن المصري ، لست مصرية ولكن عروبتي وانتمائي العربي يدفعان للكتابة حول الموضوع المؤرق ليس للمصرين فقط ، وانما لكل شخص عربي يحمل الجنسية والدم العربي ، فما يحدث الان في أرض الفراعنة حدث من قبل في بلدان أخرى والنتيجة هي كما نراها الان انقلابات ، تدخلات أجنبية ، عدم استقرار ، بسب مصطلحات التمديد ، تغيير الدستور، انقلابات ….الخ . فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كما هو معروف ينتمي الى الجيش والعسكر الذي انقلب على رئيسه الشرعي القابع الان في السجون المصرية والمعرض لحكم الاعدام بتهم صراحة لم تقنع أحدا سواء داخليا أو خارجيا ، لكن بما أنها أقنعت أمريكا وحلفائها فخلاص الأمر تم ونفذ ولا نقاش فيه ، لكن ألم يخف الرجل من دوران الزمان وانقلاب السحر على الساحر، ولنا أمثلة كثيرة في هذا المقام لرؤساء أزاحوا أصدقائهم وأعدائهم وتولوا زمام الأمور لسنوات طويلة ظنوا أنهم خالدون في النعيم وجنة الدنيا وملذاتها ، وفي الأخير انتهى بهم المطاف الى الاستقالة أو الاقالة التي نقصد بها الانقلاب عليهم جبرااا ، البشير في السودان انقلب على حسن الترابي سنة 1989 وتولى الحكم لثلاثين سنة ، و الان في السجن ينتظر محاكمته ، أمير قطر السابق ، في الجزائر بومدين انقلب على بن بلة في 19 جوان 1965 .
مختصر الكلام أن كل القادة العرب يحملون نفس الصفات ويؤمنون بنفس الأهداف ، كلهم دون استثناء يعبدون السلطة ، يعشقون الكرسي ويفعلون المستحيل للبقاء كالآلهة ، وهم بالإضافة الى كل هذا اقتصاديون ممتازون خصوصا فيما يتعلق بمصالحهم ومصالح أقربائهم . والله العظيم لم أفهم سبب تمديد فترة حكم الرئيس المصري الى سنة 2030 ، ماذا قدم منذ مجيئه لكي يلقى كل هذا الرضى والاعجاب ، فمصر الان تعيش أزمة اقتصادية فائقة وتحت سيطرة البنك الدولي ، مواطنها يقتاتون من المزابل أكرمكم الله والأسواق الشعبية التي تبيع ما تبقى من أكل الأغنياء والمصانع ، كوارع الدجاج وووو، أما البطالة وارتفاع معدلات الجريمة وغيرها من القضايا الاجتماعية الأخرى فحدث ولا حرج ، وحديثي عن معاناة المصريين ليس الهدف منه التجريح ، وانما سرد حقائق كانت ومازالت ، ومن خلالها سأطرح سؤالا على السيد الرئيس الممتدة فترته ، هل يا سيدي تستطيع اخراج مصر من ضائقتها وتجعلها في مصبة الدول الكبرى بعد 12 سنة من دون مساعدة وضغط أمريكا ، طبعا لا لأن مصر لها موقع استراتيجي وحدود نارية مع دول مهمة تقاتل ويقاتل عليها الغرب للاستحواذ على ثراواتها والسيطرة عليها ، هذا مع حدودها مع الحليفة والأخت العزيزة لأمريكا اسرائيل عدوة العرب ، لذا قلنا أن السيسي أو غيره لا يستطيع قيادة مصر الى القمة دون تقديم تنازلات كبيرة لترامب وحلفائه ، واذا حدث وتذمر وقرر الاستغناء عن خدماته فالنتيجة معروفة مسبقا ، وسيكون حظه مثل اخوانه ويدخل التاريخ لكن من بابه الخلفي ، تسود صفحته ، ينفى أو يعدم ، يفرض على بلاده حصارا اقتصاديا كما في ايران ، وهكذا يكون اخواننا هناك كأنهم لم يفعلوا شيئا وبدأوا من الصفر ، وكل الثورات والنضالات تذهب في مهب الريح ، وتبقى مصر وكل الدول العربية التي يفكر حكامها بهذه الطريقة والمنطق في طليعة الدول المتخلفة . فنجاح الاستفتاء في مصر لا يعني بالضرورة ديمقراطية وتطور ايجابي في السياسة الداخلية ، فكلنا نعرف كيف يتم تمرير القوانين في البلدان العربية ، وكل البرلمانات العربية مجرد شكل وهيكل بدون روح ، تنفذ وتتبع القوانين ، لذا كان سهلا جدا على الرئيس المصري ودعاة التمديد أن يمرروا القانون ويوافقوا عليه بالأغلبية ، أما المعارضون فنسبتهم قليلة ولن تؤثر على نجاح العملية ، ثم بعد ذلك يأتي دور الشعب ، فالمواطن المصري مغلوب على أمره ، منهك من الظروف الاقتصادية الصعبة ، والسيسي استطاع شرائه بتخفيضات ومساعدات ، دعم للمواد الأولية وغيرها من الأساليب المتبعة في الدول النامية ، واذا اقتضى الأمر فسيستعمل القوة تحت شعار “المحافظة على الأمن ” يعني كل شيء مدروس ومحضر له من كل الجوانب ، أما المعارضة المصرية فهي نوعان :
اما ضعيفة ومغلوبة على أمرها ، وبقاؤها فقط للاسترزاق وقضاء مصالح ، وهي هنا لا تختلف عن معارضة جيرانها من الدول الافريقية والعربية.
معارضة شرسة وقوية ، لكن مع حكم العسكر والقوانين العسكرية لم تستطع التأثير ، لذا صوتها لن يكون مسموعا ، وتماديها يعني هلاكها ودخول قادتها الى السجن بتهم جاهزة .
فمبروك لأمريكا فوز السيسي بفترة رئاسية جديدة تمكنها من استعماله كطعم لقضاء ماربها ومشاريعها في المنطقة ، وأولها صفقة القرن المحضر لها منذ سنوات في المخابر الغربية ، صفقة من خلالها سيستوطن الفلسطينيون جزيرتي سيناء ،كوطن بديل عن الأم فلسطين ، ولأن الفكرة مرفوضة مسبقا من الفلسطينيين والمصريين لا أدري كيف سيقنع السيسي شعبه ومواطنيه بقبول هذا العرض المغري له والمذل لهم ، ففي النهاية نحن أبناء أمة واحدة نتقاسم مقومات ومبادئ مشتركة ، لذا لا يجب التفكير بمنطق أنا ومن بعدي الطوفان ، وعوض الضحك على الأذقان باجتماعات افريقية وعربية لمناقشة أوضاع الجيران كما يحدث في مصر من خلال القمة الافريقية التي ترأستها لمناقشة الوضع في السودان ، والمضحك في القادة الأفارقة أنهم كانوا تلاميذ يسمعون لكلمة ناظرهم ، فبعدما رفضوا الحكم العسكري وأمهلوا القادة السودانيين مدة يومين لتسليم الحكم الى المدنيين ، نفاجئ بتغيير رأيهم وتمديد الفترة الى ثلاث شهور ، وياعالم ماذا سيحدث بعد ؟ القمة العربية في تونس والتي كانت مجرد مضيعة للوقت ،هدر للمال و كلام على ورق ، أما التنفيذ والتطبيق يجيب ربي كما يقال ، وفي الأخير نتمنى فقط أن يتعلم القادة العرب الدرس ، ويكفوا عن المشي وراء أهوائهم لكيلا نعيش انقلابات وثورات أخرى ففي الأخير العبرة في ليس من حكم أكبر مدة ، بل من قدم الكثير في فترة وجيزة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
كاتبة من الجزائر