التشويق فن دعائي عرفته البشرية قديما وعرفناه "في قيامة السيبة" بالحكايات والقصص الليلية "تسلسلا" من "الحادث بعشرين اظفر " وكوكوه" الأدخن " وجحا " وكرفاف" تناميا للأحداث بشكل تصاعدي درامي محكم؛ يخيف ويسلى؛يعالج الفكرة من زاوية عميقة بدون تداعيات وتكرار وإظهار واقعي؛شأنه شأن القصاصين وأصحاب الفكاهة في المجتمع الرحل .....
وفي آخر آخر آسيا وأوربا عرف التشويق الدرامي في "قيامة ارطغرل " بشكل فروسي قديم ؛ما إن ينتهي جزء منه حتى تحلق طائرة تركية نحو الدوحة التي تمول" القيامة" وتسائل في برزخها أهدافا ورسالة مدروسة معمقة ....
لتقوم قيامة موريتانيا على "مرتنة"أرطغرل " فكان سعد دينه وقلعته ودولته المعهودة وملوكه وبطولاته اللفظية والقبلية والإجتماعية تمثل في السيارات وبين رمال الوطن وعلى طرقه المتهالكة بشكل جلي وواضح؛وكأنهم يتبعون المسلسل كما لو كان تصويرا ورسالة تتغير أسماؤها فقط ......
يتفنن الموريتانيون في الأسماء تصحيفا لا يقل تمثيلا إدراميا عن محاكاتهم التمثيل عن قصد أو غير قصد؛ فصحفوا "ماري تشوي" فقالوا:"مار انشوّ" و"مارشوش " ودعو الله لها في السر والعلانية ؛ظنا منهم أن ماحدث في التمثيل واقع بها لا محالة !
ونفس الشيء مع "ارطغرل "صحفوه تسميات قددا؛ فهل اسمه قربط كما تقول الويله؟ أم هو أقرط أقرط كما تقول خادجة ؟ أم أن اسمه "اقرور "كما يقول الشيخ أحمد؟ أم هو "طغلل" كما ينطقها "سلمى"وهذا الرجل لا يهمه إلا قتل "سعد الدين " والأم "هيماء" أم "ظغطر" كما ينطق صبي آخر "يأنس" به أقرانه؟
تابعت المسلسل تلفازا غاضا الطرف عن بني نمير وبطولاتهم ؛مجاملة للمدمنين عليه ؛ورأيت شرحه في قيامة القيامة من "الأم هيماء" وزوجة البطل "حليمة " والبطل نفسه وأفراد القبيلة" والسلاطين إلا أن الغابات بدلت في الشرح بصحارى موحشة معطشة بنيتها تكاد تكون تمثيلا واقعيا يشبه الدراما الهازلة المستهترة غير الهادفة يتقاتل فيها الناس حبا للبطل كأنها بنيان غير مرصوص ؛يؤذى فيه الشريف والكريم وصاحب المبدأ؛تمويلا ودعاية مسلسلة متتابعة طول البلاد وعرضها
كتاب حياة البائسين فصول /
تليها حواش للأسى وذيول .
قيامة أرطغرل هي ذاتها قيامة موريتانيا بمعاني القيامة التي تعقب البرزخ ومراحل القبر عند "قيامة موريتانيا " التي قال المجنون الشهير "أنها ماتت منذ زمن وتعيش عذاب القبر"
أكثر من مرة زرت بلاد "أرطغرل" قادما من "قيامة " صنوه التمثيلي مسقط رأسي فما وجدت لأكثرهم من أخلاقيات تمثيلهم نصيبا ؛وكل فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم " ففي تركيا أسلمة بعد علمانية مسومة للمسرفين موغلة في الشعوبية والانحلال ؛وفي "بلاد موريتانيا" قوم عن تقدمها وشعبها ينكصون ؛فما استطاعوا من قيام وماكانوا منتصرين ؛
أجدني واقفا أتأمل نقولات بعض الأصوليين مثل إمام الحرمين والغزالي عن إمام دار الهجرة رحمه الله توسعا منه في المصالح المرسلة قوله :جواز قتل ثلث الأمة لإصلاح الباقي ؛فهل كان لزاما متابعة الأمة كلها للتمثيل واقعيا أو مشاهدة ؟
إن المسلسلات نتاج فكري هادف ؛ووسيلة في غاية التأثير لإيصال الفكرة لو أحسن تدبرها وفهمت مقاصدها .ثم هي التميمة الوحيدة التي تدخل كل بيت تنبح بما لا يريده أهله ولربما يخشونه ؛وقد تكون نعم الآلة لنعم الهدف ؛غير أن "أرطغرل" طغى في رأي قومه وأصلح قوميته ودينه وساعد أمته في نظر من شاهده؛ومهد طريق الملك لابنه "عثمان" تمهيدا " فأي الحكمين أحق بالتصويت ؟ وأي التمثيلين أحق بالمشاهدة ؟ "قيامة أرطغرل "
وموريتانية "قيامة أرطغرل ؟"
"إن في ذلك آيات للمتوسمين "
ولله الأمر من قبل ومن بعد .
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولدمخلوك