كثيرة هي المتاعب التي يعيشها سكان دول المغرب العربي بفعل الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتدهورة التي تعيشها بلادهم منذ سنوات، فمستويات الفقر والبطالة لديهم ضمن الأعلى عالمياً ومتوسط دخل الفرد السنوي متدن، وتزيد النزاعات العسكرية والسياسية التي تنامت، مؤخراً، من أزماتهم المعيشية.
ولكن ذلك ليس ناتجاً عن ضعف موارد تلك البلاد، فمنطقة المغرب العربي تغرقها الثروات النفطية والمعدنية والبحرية والزراعية.
ولم يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول المغرب العربي 360 مليار دولار في 2017، أي ما يعادل 0.27% من الناتج الإجمالي العالمي، في وقت وصل فيه عدد سكان الدول الخمس إلى نحو 100 مليون نسمة.
وتقترب نسبة الفقر في دول المغرب العربي من 10٪، في حين يصل معدل البطالة إلى 20٪، ويتراوح متوسط دخل الفرد السنوي ما بين 1120 و4270دولاراً، وتزيد الديون الحكومية في هذه البلاد بشكل كبير سنوياً حيث وصلت قيمتها مجتمعة في نهاية 2017، إلى ما يزيد على 128 مليار دولار.
وفي سياق التقرير التالي يرصد "الخليج أونلاين" واقع المؤشرات الاقتصادية والثروات التي تملكها كل دولة في منطقة المغرب العربي.
الجزائر
يعتمد الاقتصاد الجزائري على صادرات النفط والغاز الطبيعي والمنتجات ذات الصلة، وتهيمن عليه الدولة.
ويعتبر قطاع الصناعات الهيدروكربونية مسؤولاً عن 30% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 95% من عائدات التصدير.
وبسبب اعتمادها على عائدات النفط كمصدر دخل رئيسي تعاني الجزائر منذ انهيار أسعار النفط عام 2014 من أزمة مالية واقتصادية خانقة.
وانعكست تلك الأزمة على الأوضاع المعيشية للجزائريين، حيث ارتفعت نسبة البطالة في البلاد عام 2017 إلى 12.3%، مقارنة بـ10.5% بالعام 2016، ووصل معدل الفقر إلى 7٪، بحسب الإحصائيات الرسمية.
تلك المؤشرات السلبية كان يمكن أن تقفز إلى المنطقة الخضراء لو تم استغلال الموارد الطبيعية للدولة مبكراً، فالجزائر غنية بالنفط والغاز فهي تحتل المرتبة الـ15 عالمياً في احتياطي النفط بما يقارب 45 مليون طن.
وتملك ثروات من الحديد والفوسفات والزنك والزئبق والرصاص والنحاس والذهب واليورانيوم، إضافة إلى إمكانية استغلال الطاقة الشمسية فيها لتوليد الكهرباء بطاقة عالية.
وإضافة إلى المعادن ومصادر الطاقة، فإن الجزائر تملك ثروة زراعية هائلة غير مستغلة، فمساحة أراضيها الصالحة للزراعة من إجمالي المساحة الكلية للبلاد تقدر بنحو 3.5% أي ما يعادل 8.5 ملايين هكتار، إلا أن أكثر من 3 ملايين هكتار من هذه الأراضي الفلاحية غير مستغلة ما يشكل عائقاً أمام تنمية هذا القطاع.
ليبيا
يشكّل النفط نحو 94% من موارد ليبيا المالية، وأهم ما يميزه غزارة الآبار المستخرج منها وقربها من موانئ التصدير.
بحسب تقرير حديث لمنظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، فقد بلغ إنتاج ليبيا النفطي نحو 1.03 ملايين برميل يومياً، في العام الماضي.
وتقدّر الاحتياطات المؤكّدة من النفط الخام في ليبيا بنحو 46.42 مليار برميل، وهذا الرقم يمثّل 3.4% من احتياطي العالم من النفط.
ونتيجة الصراع العسكري القائم في ليبيا منذ انهيار نظام العقيد معمر القذافي في 2011، تراجع الإنتاج النفطي للبلاد ما أدخلها في أزمة اقتصادية كبيرة.
وارتفعت معدلات التضخّم في ليبيا عام 2017، فوفق تقرير البنك الدولي للعام 2018، سجّلت معدلات التضخّم مستوى قياسياً نسبته 28.4% عام 2017، صعوداً من 25.9% عام 2016، و15.9% بالعام 2012.
وتسجل معدلات البطالة في ليبيا نسبة كبيرة وصلت السنة الماضية إلى نحو 20%، في حين تعيش 29% من الأسر الليبية تحت خط الفقر.
كما حلّق الدين العام الليبي مسرعاً في العام الماضي إلى نحو 100 مليار دينار (74.7 مليار دولار)، مقابل 72 مليار دينار (53.8 مليار دولار) في نهاية ديسمبر 2017، حسب بيانات مصرف ليبيا المركزي.
وإضافة إلى الثروة النفطية التي تسبب الصراع بعدم استغلالها، فإن ليبيا تتوفر على عدد من الثروات المعدنية غير الفلزية كالأحجار الجيرية وخامات الجص ورمال السليكا وصخور الزينة إضافة إلى الحديد والصلب.
موريتانيا
تعاني موريتانيا وهي الدولة الأفقر عربياً من كل شيء تقريباً؛ فاقتصادها شبه منهار، ومعدّلات الفقر والفقر المدقع والبطالة فيها الأعلى عربياً.
وتبلغ نسبة البطالة في موريتانيا 31.1%، ويعاني 89% من الشعب من الفقر، كما ذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة، في مايو الماضي.
وإضافة إلى ذلك، فإن ديون موريتانيا وصلت إلى 4.95 مليارات دولار، وهذا الرقم تبلغ نسبته أكثر من 100% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد الذي يبلغ 4.6 مليارات دولار.
ويبلغ نصيب كل مواطن موريتاني 1150 دولاراً من ديون بلاده، وهو ما يقدَّر بـ88.5% من دخل الفرد السنوي في البلاد، الذي يبلغ 1300 دولار.
وكان يمكن لموريتانيا أن تصعد بمؤشراتها الاقتصادية لو استُغلَّت مواردها، فهي تملك ثروات ضخمة من الحديد (1.5 مليار طن)، والذهب (25 مليون أونصة)، والنحاس (28 مليون طن)، والفوسفات (140 مليون طن)، والكوارتز (11 مليون طن)، والملح (245 مليون طن)، والجص (100 ميلون طن).
تونس
مثل بقية دول المغرب العربي تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة، فحجم نموها الاقتصادي خلال السنة الماضية لم يتجاوز 2.5٪، ونحو 40٪ من موازنتها مخصصة للأجور الأمر الذي يستنزف 15٪ من ناتجها المحلي الإجمالي.
وبداية العام الجاري تدنى مستوى احتياطي العملة الصعبة في تونس إلى 83 يوماً من الواردات، وهبط سعر صرف الدينار بنسبة 43٪ من قيمته منذ 2011، كما بلغت نسبة البطالة في تونس 15.5٪ العام الماضي، في حين وصل معدل الفقر إلى 15.2٪.
وعلى صعيد الثروات فإن تونس تملك ما يمكن أن ينقلها إلى عمالقة الاقتصاد بسبب عدد سكانها القليل (11 مليون نسمة).
وتنتج البلاد نحو 97600 برميل يومياً من النفط، كما تحصل على ما يقارب النصف من مصادرها الطاقية فقط من الغاز الطبيعي الذي تتوفر عليه.
وتبلغ احتياطات تونس من الغاز الطبيعي نحو 65 مليار سنتيمتر مكعب، في حين يبلغ المخزون الاحتياطي للنفط 450 مليون برميل، حسب بيانات وكالة الاستخبارات الأمريكية.
كما يوجد في تونس أيضاً ثروة مائية مهمة تعادل 5% من مساحتها الإجمالية، علاوة على أن 17.35٪ من مساحتها الإجمالية صالحة للزراعة.
وتطل تونس على واجهتين بحريتين أمام البحر الأبيض المتوسط، ما قد يوفر لها اكتفاءً ذاتياً في الثروة السمكية.
كما تعد رابع منتج في العالم لمادة الفوسفات، إلا أن إنتاج هذه المادة شهد تراجعاً خلال السنة الماضية بسبب احتجاجات ضد الحكومة، حيث وصل إلى مستوى 3 ملايين طن، بعدما سجل 4.1 ملايين طن في 2017.
وكان الفوسفات يمثل نحو 10% من صادرات تونس قبل 2011، متصدراً قائمة الصادرات، إلا أنه في 2018 انكمشت حصته من الصادرات لتصل إلى نحو 4٪.