-بيان_ يكثف مرشح النظام منذ عدة أسابيع - في سابقة خطيرة من نوعها، تشكل خروجا سافرا على الترتيبات القانونية والتنظيمية المعمول بها في المجال، ضمن ما يشبه حملة رئاسية سابقة لأوانها- من نشاطاته السياسية والتعبوية والميدانية، تارة من خلال تواجده الشخصي بصفة مكشوفة في تجمعات قَبَليّة وعشائرية وجهوية، وتارة أخرى بحضوره لقاءات موسعة باسم بعض التجمعات ذات الطابع التجاري والمهني والحرفي، ضاربا بذلك عرض الحائط كل أعراف وتقاليد ممارسة الديمقراطية التعددية.
أما اليوم، فقد قرر مرشح النظام تجاوز كل الحدود من خلال استخدام طائرة مروحية عسكرية وطاقم عسكري لأجل تحقيق أغراضه السياسية، بغية تأمين تنقلاته الدعائية داخل مدن وحواضر البلاد، وهو ما يشكل استفزازا و تجاوزا للعتبة في تحد سافر لكل للقوانين التي تحظر على الجيش توفير وسائله اللوجستية للاستخدام المدني إلا بموجب إجراءات التسخير أو لضرورات الطوارئ واضحة بهذا الشأن.
إن تدشين مرشح النظام لحملة رئاسية سابقة لأوانها، وبهذا القدر من الاستهتار واللامبالاة، وقبل موعد الإنتخابات بحوالي ثلاثة أشهر، يجعلنا نتساءل بقلق واستغراب هل علمت اللجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري بأن الحملة الرئاسية قد انطلقت فعليَّا حتى قبل أن يبدأ إيداع ملفات الترشح؟ وهل لاحظت تلك الهيئات بأن أحد المُرشحين يستخدم مروحية تابعة للجيش الوطني، في تنقلاته السياسية اليومية كما يظهر ذلك في الصور المتداولة والمواقع الإخبارية؟
وهل يدرك الموريتانيون خطورة تداعيات هذه التصرفات على مستقبل الإستحقاقات الرئاسية إذا كانت البداية بهذا الشكل المستفز والمستهتر بكل قواعد اللعبة الديمقراطية؟ وهل يقدر النظام ما قد يترتب على هذا الموقف غير المنصف في حق بقية المرشحين، حيث تلزم القوانين الدولة وجميع مؤسساتها- بما فيها العسكرية وشبه العسكرية والأمنية- بالوقوف على مسافة واحدة من كل المرشحين، وبدون أي تمييز؟
إننا في الوقت الذي ندين فيه- بكل قوة- ما أقدم عليه مرشح النظام من تجاوزات صارخة في هذه الحملة الرئاسية السابقة لأوانها، نلفت انتباه الجميع إلى خطورة هذه الخطوات التصعيدية غير المبررة.. ونهيب بكل المؤسسات المعنية والعقلاء والحكماء في هذه البلاد بأن يقفوا بكل جرأة وحزم ضد استخدام الطائرات العسكرية من طرف أحد المرشحين دون غيره، لأن الأخطار المترتبة على ذلك لا تقتصر على حرمان المؤسسة العسكرية من إمكانياتها اللوجستية وتفويت وسائلها المادية فحسب، بل تحمل في طياتها خطابا مبطنا مفاده أن المستخدِم يتحكم فعليا في القوة العمومية، ويستطيع تسخر إمكانيات الدولة لصالحه، وهو ما يعني بالنسبة للمواطن البسيط بأنه لا جدوى من مقارعته والتصويت ضده.
إن مثل هذا خطاب الذي يرمي إلى بث روح الاستسلام والإنهزام، يتنافى على طول الخط مع ما يبشر به المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، من تغيير بنَّاء ومفيد، من شأنه أن يثبت بأن "موريتانيا ليست غنيمة تتوارث، وليس شعبها خولا يمتهن وتتحكم في مصيره إرادة فرد أو جماعة".
لذا، فإننا ندعوكم جميعا للتكاتف والوقوف معنا جنبا إلى جنب.. فقد "آن الأوان لأن نُخرجَ البلاد والعباد من رِبْقَةِ الأحكام الفردية وتحكم المصالح الضيقة".
الرأي السياسي
أنواكشوط، فاتح إبريل 2019