لم يعد يخفى على أي ذي بصيرة الوضعية التي يعيشها القطاع الزراعي في موريتانيا منذ فترة، والتي جعلته اليوم على حافة الإفلاس الحقيقي رغم الحجم الكبير من الاستثمارات، والمبالغ الطائلة التي تم ضخها من طرف الحكومة الموريتانية لتطوير وتنمية هذا القطاع الحيوي.
ورغم ما يتم التشدق بها من طرف الجهات المعنية، والأرقام الفلكية التي تطالعنا بها الوزارة بين الفينة والأخرى، فإن الحقيقة على أرض الواقع تقول شيئا آخر، وتثبت بالمشاهدات والأدلة أن القطاع لم يكن سوى واجهة خفية لتبييض وغسيل الأموال.
يحدثونك عن زيادة في الإنتاج والمساحات المزروعة، وعلى الأرض لا يستطيعون تقديم أبسط دليل يثبت ذلك، فالأزمة الأخيرة التي أخرجت كافة المزارعين – ومن بينهم مقربون من الوزارة عرفوا بالتطبيل لقرارات – عن صمتهم ليوجهوا صرخة استغاثة لأعلى هرم في السلطة الموريتانية، من أجل انتشال القطاع من الضياع الذي بات قاب قوسين أو أدنى.
لقد فشلت الوزارة الوصية فشلا ذريعا في تزويد المزارعين بالمدخلات الزراعية، وتعاني مئات المساحات الزراعية اليوم من العطش الذي يهدد المزارعين بخسارة مليارات من الأوقية اقترضوها من مؤسسات لا تعرف إلا التسديد وفي الوقت المحدد سلفا.
وعجزت الجهات المعنية في القطاع عن تزويد المزارعين بالمبيدات والسموم في الوقت المناسب، وتكاد الفترة المخصصة للمبيدات تنقضي من الحملة الزراعية، والوزارة تقف حائرة عاجزة عن توفيرها في الوقت المناسب.
إنه لمن المعيب واللآوطني أن يلجأ مئات المزارعين إلى دولة السنغال الشقيقة من أجل الحصول على المدخلات الزراعية في ظل عجز حكومة البلد عن توفيرها، رغم تقديمها معلومات رسمية مغلوطة أثبت الأزمة الحالية زيفها وبعدها عن الواقع المعاش.
وأمام هذا العجز البيّن لم تجد الوزيرة الوصية على القطاع سوى أن تقوم بزيارات كرنفالية تقدم من خلالها معلومات مغلوطة لتضليل الرأي العام، والتخفي وراء أرقام تعرف الوزيرة، وتعرف مندوبيتها في اترارزة، وسلطات الولاية بعد ذلك، أنها بعيدة كل البعد من الواقع، ولا أساس لها من الصحة، وأتحدى من يثبت عكس ذلك بالدليل والبرهان.
وفي ظل هذه الوضعية السوداء التي يعيشها القطاع فإن الإدارة في ولاية اترارزة عملت كل ما بوسعها لتزيد الطين بلة، وترفع من مستوى الفشل الذي تعانيه الزراعة.
ومن أجل أن توفر هذه الإدارة المستقيلة من مسؤولياتها أصلا، الحماية الكاملة لوزيرة الزراعة، عملت على حرمان المزارعين خلال زيارتها لمدينة روصو من تقديم مشاكلهم، والتعبير عن المآسي التي يترنحون فيها منذ سنوات، وأجبرتهم على الاكتفاء بدقيقتين من أجل سرد مشاكل بالتأكيد لا تكفي سنوات لحصرها والإحاطة بها.
فأي عدل هذا؟ وأي إحساس بالمسؤولية هو؟ وأية إرادة للإصلاح مافتئت الجهات العليا في البلد تتشدق بها؟
إن الوضعية الحالية تدعونا إلى نطالب وزيرة الزراعة ومن موقعها كشخصية عامة تتحمل مسؤولية عمومية تتعلق بأرزاق ومصالح الشعب الموريتاني، أن تقدم استقالتها فورا بعد أن عجزت عن تسيير القطاع، وهي تعي جيدا أن أدلة الفشل في التسيير أكثر من أن تعد أو تحصى.
إن مسؤوليتها تفرض عليها الاستقالة لإنقاذ القطاع من إفلاس يتهدده يوما بعد يوم.
فهل تستجيب الوزيرة قبل فوات الأوان؟
الحسن ولد الطالب
عضو مكتب اتحادية الزراعة