زادت مؤخرًا حدة التكهنات بشأن دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد لحضور القمة الاقتصادية العربية المزمع إقامتها في بيروت.
وكتب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على حسابه في "تويتر"، أن لبنان يستطيع أن يبادر ويعمل لعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وقالت تقارير صحفية لبنانية إن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل طرح مسألة دعوة سوريا للقمة الاقتصادية، خلال لقاء مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري منذ يومين، إلا أن الحريري لم يبد أي تجاوب بشأن الطرح.
ومن المقرر أن تستضيف بيروت في 19 و20 من الشهر الجاري، القمة التنموية الاقتصادية التي تعقدها الجامعة العربية، فيما تبذل بعض الدول العربية مشاورات مكثفة بشأن دعوة سوريا للقمة.
ثلاثة زوايا
طارق سكرية، عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني، قال إن الحريري ينظر إلى هذا الموضوع من ثلاث زوايا، أولها: إن قرار منع سوريا من حضور اجتماعات الجامعة العربية جاء من مجلس الجامعة، بعد ظهور الفظائع التي ارتكبها الرئيس بشار الأسد بحق شعبه بعد ثورة ٢٠١١، ولذلك فقرار عودة سوريا لممارسة دورها في الجامعة العربية يعود للجامعة وليس للبنان.
وتابع: "الدعوات لحضور القمة العربية تأتي من الجامعة العربية وليس من لبنان".
وأضاف لـ "مصر العربية": "الزاوية الثانية هي أن النظام السوري في عهد الرئيس حافظ الأسد هو الذي ارتكب جريمة قتل المرحوم رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، كما ثبت لقضاة المحكمة الخاصة بلبنان، وهو الذي كلف وزيرًا لبنانيًا سابقًا هو السيد ميشال سماحة بنقل متفجرات في سيارته من سوريا إلى لبنان بناءً لتكليف السيد علي المملوك رئيس المخابرات السورية، وذلك بهدف إحداث فتنة كبرى في لبنان، والسيد سماحة هو بالسجن حاليًا.
أما الزاوية الثالثة - والكلام لازال على لسان سكرية- تؤكد أن النظام السوري بالاتفاق مع إيران يدعم حزب الله في لبنان، ويعرقل كل المحاولات التي يقوم بها الرئيس الحريري والدولة اللبنانية لتحسين سير الأمور في لبنان.
وأكمل العسكري اللبناني: "من المعلوم أيضًا أن الرئيس سعد الحريري لا يمكنه اتخاذ أي موقف في هذا المجال دون تنسيق وموافقة السعودية، وللسعودية الدور الأول في جامعة الدول العربية لاتخاذ قرار إعادة سوريا إلى الجامعة.
دورة الجامعة العربية
وقررت جامعة الدول العربية تأجيل اجتماع المندوبين الدائمين لبحث عودة سوريا، الذي كان من المقرر عقده اليوم، إلى تاريخ 9 يناير الجاري.
ونقلت "آر تي" عن مصادر في الجامعة العربية القول إنه "تقرر تأجيل اجتماع التنسيق العربي على مستوى المندوبين المقرر اليوم إلى 9 من الشهر الجاري".
وسينظر اجتماع المندوبين الدائمين في جملة من القضايا، بينها سبل إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية إلى طبيعتها والتي جمدت في نوفمبر من عام 2011.
وكانت صحيفة "الأهرام العربي" نقلت عن مصادر، أمس السبت، القول إن "مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين يوم 6 يناير الجاري، سيسمح بإعادة فتح الدول العربية لسفاراتها في العاصمة السورية دمشق وإعادة فتح السفارات السورية في العواصم العربية بعد أن جمدت الجامعة العربية عضوية سوريا في نوفمبر عام 2011.
وأوضحت المصادر، أن "هناك مجموعتين داخل الجامعة العربية، المجموعة الأولى تدعو لإعادة سوريا إلى مقعدها الشاغر منذ 7 سنوات خلال اجتماع المندوبين الدائمين ما يمهد حضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمة العربية الاقتصادية في لبنان هذا الشهر، ومن ثم القمة العربية الدورية في مارس المقبل".
وأضافت أن "المجموعة الأخرى تريد أن يسمح اجتماع المندوبين الدائمين بإعادة عمل السفارات العربية والسفراء العرب لدمشق، وعودة السفراء السوريين إلى الدول العربية، وتأجيل قرار عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية إلى القمة المقبلة، وأن يكون هذا القرار بيد الزعماء العرب في مارس المقبل".
وقالت المصادر، "إنه لم يستقر الجميع على موقف موحد حتى الآن، لكن المؤكد وفق جميع المصادر أن عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية مسألة وقت".
تلميحات باسيل
وكتب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على حسابه في "تويتر"، أن لبنان ليس من يدعو، بل يتقيد بقرار الجامعة العربية، لكنه يستطيع أن يبادر ويعمل لعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وقال باسيل في مؤتمر صحفي عقده عقب لقائه البطريرك اللبناني مار بشارة بطرس الراعي: "أعتقد أننا نقوم منذ زمن بكل ما يلزم نتيجة لقناعاتنا ومواقفنا وما حصل في سوريا هو أنه
يجب أن تكون في قلب الحضن العربي والجامعة العربية ووضعها خارج الجامعة غير سليم، لبنان لا يوجه الدعوة وإنما يمكنه المبادرة والعمل لكي تكون سوريا في الجامعة العربية".
وتابع: "رأينا كفريق سياسي وكخارجية لبنانية معروف، نحن لم نقطع العلاقة مع سوريا، عندنا سفارة في الشام ولسوريا سفارة في لبنان وهناك علاقة دبلوماسية بين البلدين
ووضعنا سليم معها ومع صدور قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لبنان كان من الرافضين للقرار".
ومن المقرر أن تستضيف بيروت يومي 19 و20 من الشهر الجاري، القمة التنموية الاقتصادية التي تعقدها الجامعة العربية.
وكانت الجامعة العربية قد علقت عضوية سوريا في نوفمبر 2011، نتيجة ضغوط مارستها دول عربية حمّلت حكومة الرئيس بشار الأسد المسؤولية عن مقتل المدنيين في سوريا.
عودة عربية
ومؤخرًا سارعت العديد من الدول العربية لتعلن عن تقاربها مع النظام السوري، كان آخرها الحديث عن زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز لسوريا منتصف يناير الجاري.
ويزور الرئيس الموريتاني دمشق قبل مشاركته في القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية المقررة في بيروت بين السادس عشر والعشرين من الشهر الحالي، حسب المصدر نفسه.
وأبقت موريتانيا سفارتها مفتوحة في دمشقبخلاف العديد من الدول العربية الأخرى بعيد اندلاع النزاع السوري مطلع العام 2011.
وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، قد زار دمشق والتقى نظيره السوري، بشار الأسد، يوم 16 ديسمبر.
وجاءت زيارة البشير بعد أن دعا البرلمان العربي جامعة الدول العربية، إلى العودة للعمل المشترك مع سوريا، مشيرا إلى أن المنظمة "يمكنها التحرك لإعادة تمثيل سوريا في مؤسساتها بعد تعليق أنشطتها قبل 7 سنوات".
وبعد استضافة البشير، لم تستبعد دمشق الرسمية إمكانية زيارات رؤساء عرب آخرين إلى سوريا.
وأعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، إعادة فتح سفارة بلادها في العاصمة السورية دمشق، وذلك في إطار حرص الإمارات على تعزيز التواجد العربي في سوريا، بحسب بيان رسمي.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان إن القائم بالأعمال بالنيابة "باشر مهام عمله من مقر السفارة في الجمهورية العربية السورية الشقيقة اعتبارا من اليوم".
وأعربت عن تطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن يسود السلام والأمن والاستقرار في ربوع الجمهورية العربية السورية.
تقارب عربي
الدكتور عماد الدين الخطيب، سياسي سوري، ورئيس حزب التضامن، قال إن إعلان وزارة الخارجية الإماراتية إعادة فتح سفارتها في دمشق لم يكن مفاجئًا لمتتبعي السياسات الخليجية، ولم تكن كذلك زيارة البشير مقدمة لعودة العلاقات العربية مع النظام ولا سيما الخليجية.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن دولة الأردن مثلا لم تقطع علاقاتها بالنظام السوري، رغم برودة العلاقة.
وتابع: "الإمارات العربية المتحدة لم تكن يومًا متباعدة عن النظام، فالكثير من أفراد عائلة الأسد حصلت على الجنسية الإماراتية وفي مقدمتهم بشرى الأسد والعديد من رجالات النظام وداعميه.
ويرى الخطيب أن الإمارات لم تبتعد عنها الشبهات يوما في دعم نظام الاسد رغم عداءها الظاهري، إضافة لتمويل روسيا بحربها ضد الثورة.
وبشأن تداعليات القرار، قال إن الإمارات لن تكون الأخيرة، وستتبعها لاحقا العديد من الدول العربية وسيتجلى ذاك بعودة سوريا للجامعة العربية وحظيرتها.
بدوره قال الدكتور أكثم نعيسة، سياسي سوري، ومدير مركز الشام للدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، إن الوضع في سوريا بات معقدًا، خصوصا بعد الانسحاب الأمريكي من هناك.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن أمريكا لم تهزم عسكريًا وإنما سياسيًا، ما جعلها تجد في انساحبها من هذا المستنقع مصلحة لها.
وأكد أن هناك إجماعًا لدى الدول التي تدخلت في سوريا أن الأسد انتصر، وعليهم التعامل مع هذا الواقع الجديد بجدية.
وتابع: "ما حدث من الإمارات بإعادة سفارتها في سوريا، سيتبعه إعادة سفارات عربية أخرى إلى دمشق، وبعدها سفارات لدول غربية".
وائل مجدي مصر العريبة