نظرة حول إحتجاجات الفرنسين/ عيشه اعبيدي | 28 نوفمبر

 

فيديو

نظرة حول إحتجاجات الفرنسين/ عيشه اعبيدي

أربعاء, 12/12/2018 - 13:14
عيشه اعبيدي

لا يحتاج المتابع لإحداث احتجاجات أصحاب "السترات الصفراء" أن يكون خبيرا بدهاليز السياسية الفرنسية كي يعطي رأيه، فالموضوع واضح المعالم .
كما هو معلوم فرنسا من أشد دول العالم احترام لشعبها و اكثرهم فعالية في تطبيق القوانين المنظمة للحياة المدنية داخلها .
لكن البعض لديه مآخذ على حجم الضرائب التى لا تتناسب مع الدخل حيث بلغت نسبة المساهمات الاجتماعية التي يدفعها الفرنسيون 45.3% من الدخل القومي .
وهذا سبب كافي لجعل المواطنين يتظاهرون لتخفيض الضرائب خصوصا المواطنين الأقل دخل حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور1498,47 € .
رغم أن هذه المظاهرات تأخذ طابع أسبوعي "يوم السبت" فكان تأثيرها كبير على الاقتصاد و حظيت بتغطية إعلامية منقطعة النظير ،إلا أن تأثيرها على الحياة اليومية يكاد يكون شبه معدوم.
و اللافت في هذه التظاهرات هو سرعة رفع سقف مطالب المحتجين من رفض الضريبة على الوقود إلي مطالب اخري كزيادة الرواتب ، ألغاء الضريبة على رواتب المتقاعدين ، و يزداد سقف المطالب بدخول سياسيين و الأحزاب من اليمين و اليسار،على خط الاحتجاجات. 
ما جعل المتظاهرون يهتفون بطلب حل الجمعية الوطنية وإجراء تعديلات دستورية ،و طلب إستقالة الرئيس ماكرون ، و التلويح بحرق قصر الإليزيه. 
وهنا تظهر حقيقة المكر السياسي حيث أن حل الجمعية الوطنية سيأتي ببرلمان جديد، و هذا مربط الفرس عند أحزاب اليمين واليسار التي حققت نتائج ضئيلة أمام "حركة فرنسا إلي الإمام" التي يقودها ايمانويل ماكرون ، التى حققت فوزا كاسح في البرلمان.
و لذلك تسعي هذه الأحزاب لزيادة فرصة تحقيق مكاسب برلمانية مستغلة الغضب الشعبي .
اما المطلب الثاني و هو استقالة الرئيس ماكرون.
فهو الوتر الذي تعزف عليه أمريكا و من على شاكلتها من الدول الأربية التي تريد لجم طموحات ماكرون، الرامية إلي تعزيز دور فرنسا في أوربا ، و أفريقيا(دعم تجمع قوات الساحل ) و الشرق الأوسط .
وكانت اتفاقية باريس حول المناخ هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث انسحبت منها الولايات المتحدة الأمريكية و اعتبرتها غير مجدية، وهو الوتر الذي يلعب عليه الرئيس الأمريكي ترامب .
فمنذُ أن بدأت هذه المظاهرات و ترامب يهاجم فرنسا و يحرض المتظاهرين من خلال صفحته في تويتر التي دون فيها : "ربما حان الوقت لوضع حدّ لاتفاق باريس السخيف والمكلف للغاية، وإعادة المال إلى الناس عبر خفض الضرائب" و أضاف ترامب "الناس لا يريدون دفع مبالغ كبيرة، قسم كبير منها للدول النامية (التي تدار في شكل يثير الشكوك)، بهدف حماية البيئة، ربما".
و بالعودة إلي محاولة الدولة الفرنسية احتواء ازمتها سارعت إلي تجميد الضرائب على الوقود، و إحالة كلمة الفصل للرئيس ماكرون الذي ألقي خطابه مقدما اعتذاره للشعب، مع سلسلة من الإصلاحات من : بينها زيادة 100€ على معدل الدخل le SMIC و تخفيف الضرائب عن ذوي الدخل المحدود، ، و إلغاء الضريبة عن ساعات العمل الإضافية.
لكن استطلاع للرأي اليوم اظهر ان 57% من الشعب لم يقنعهم الرئيس و لا اصلاحاته،.
فهو منذُ وصوله السلطة متهم بالإنحياز للطبقة الغنية التي كانت وراء وصوله للحكم .
بالإضافة إلي الأحداث الدامية التي حدثت ليلة أمس في مدينة ستراسبورغ الفرنسية . 
فهل ستبقي فرنسا عصية على الاختراق ام انها كباقي الدول تسقط أمام التآمر.

عيشه اعبيدي