حضرت الليلة إفطارا جماعيا نظمه حزب تواصل، وحضرته شخصيات عديدة من كلا الضفتين، وما بينهما من إعلاميين من مختلف الأذواق والمعايير.
رغم قلة قنينات الماء على طاولات الإفطار وكثرة الحلويات في المقابل وتهالك بعض مفروشات فندق حليمة وتواضع خدمات حماماته، للأسف، إلا أن تواصل استطاع جمع كافة الأطراف على طاولة إفطاره الشيق الأخوي المريح، حتى أن زعيم إيرا وحزب الصواب، لم يغيبا البتة عن هذا الإفطار، رغم ما يتردد من ٱراء حول مشروع الشراكة السياسية بينهما، حيث يراه البعض محاولة من طرف حزب الصواب لتحريك حزبهم الراكد، ضمن محاولة صعبة لترشيد التطرف أو تبييضه، وذلك الأخير أخطر ربما من تبييض أموال المخدرات أو غيرها من المحظورات، على رأي البعض.
لكن هذا الأسلوب السياسي التواصلي يميل إلى تكريس التقارب رغم الاختلاف.
إننا بحاجة أكثر إلى روح التسامح والحوار والتعايش الايجابي، مهما تكن مستويات التعابد في الرأي والتوجه.
عندما رأيت الأخ بيرام كنت قاعدا فقمت وحييته قائلا "مان متوافقين يغير إخوت" .
ولعل الجانب الأكثر غيابا في ممارسة أو ملامسة الشأن العام، ترجيح أسلوب التخندق الحزبي والسياسي المصلحي الضيق على أسلوب خدمة الدولة.
إن بعض كبريات المؤسسات الإعلامية الفرنسية مثلا تضع في الحسبان أولا مصلحة الدولة الفرنسية قبل دواعي الإثارة الإعلامية والتشبث بمسار مناوأة ومعارضة الجهة السياسية الحاكمة المتغلبة.
عندما هرب نظام جاك شيراك النقيب أعل ولد الداه كانت إذاعة فرنسا الدولية على علم بالأمر قبل تنفيذه، لكنها لم تفش سر دولة فرنسا.
موريتانيا مقبلة على احتمال واسع للتلاعب مرة ثانية بالدستور الموريتاني، للأسف البالغ ، وليس من الحكمة التوجه يوما ما للعنف، لمحاولة مستحيلة، لرد هذا التوجه المحتمل فحسب، الهادف لتكريس مأمورية ثالثة، غير دستورية وغير أخلاقية، على رأي البعض، لكن البدائل السلمية متعددة، بعيدا عن المواجهة المحتملة.
وعموما من يخدم الدولة عن طريق الموالاة أو المعارضة أو الحياد فله الحق، لكن فليعلم أن المقصود خدمة الوطن وليس جهة أو قبيلة أو فئة أو رموز سياسيين في حيز ضيق.
إن دولة موريتانيا مغبونة، في أغلب نشاطاتنا السياسية والإعلامية بوجه أخص.
ومن الأمثل والمفترض أدبيا أن يكون أصحاب وحملة الأقلام والشأن العام هم الأحرص على ملامسة المواضيع الوطنية الجامعة بأسلوب يعلى الصالح العام على الاهتمامات الأنانية الإقصائية.
طابور الموالاة طويل وبطيء أحيانا وصف المعارضة أعف، لكن بشروط، منها أن تكون المعارضة من أجل الوطن بحق وبالحكمة.
وعموما لا مشاحة في الاصطلاح، كما يقال، فلا مشكلة في العمل السياسي في إحدى الضفتين، دون تزكية مجانية لمسار أحدهما.
فالهدف واحد بإذن الله، هو خدمة موريتانيا مسلمة موحدة متراحمة، شعارها العدل والإنصاف للجميع .