دعا عدد من الباحثين والمثقفين رد الإعتبار للداعية الحاج محمود باه، على دوره في نشر العلم والثقافة الإسلامية في غرب إفريقيا"، جاء ذالك في ندوة نظمتها جمعية "هودري انكندي" مساء اليوم بنواكشوط تحدث فيها عدد من المحاضرين عن حياته، كما طالبوا برد الاعتبار له، والاعتراف بجمله ودوره العلمي والتاريخي في موريتانيا وفي منطقة غرب إفريقيا.
وبدأت الندوة المنظمة بمناسبة مرور 40 سنة على وفاة الحاج محمود باه بكلمة قدمها نجله أبو بكر الحاج محمود باه استعرض فيها حياته منذ ميلاده 1905 في بلدة جول في ولاية كوركل جنوب موريتانيا، مرورا بطلبه العلم بعد حصول حادثة فقد فيها عينه، حيث عيره بعض قومه بأنه ترك الرعي تملصا من المشقة، فقرر طلب العلم، وقال قولته المشهورة: "أفضل أن أكون عالما أعور، على أن أكون راعيا أعور".
وتتبع نجل الشيخ مسيرته التعليمية التي بدأت مع الشيخ عمر جاه في قرية "ويندو بوسيابي"، ثم المجرية بولاية تكانت، حيث درس على المرابط عبد الفتاح التركزي ومنحه الإجازة في القرآن الكريم، قبل أن يرحل إلى الديار المقدسة في سفر شاق قال عنه: "إن ما بذله من جهد للوصول إلى الديار المقدسة يستحق مثله وأكثر".
ووصف أبو بكر الحاج محمود باه فترة مقام الحاج في الديار المقدسة بأنه كانت فرصة للقيام بجولات عديدة للوقوف على المآثر التاريخية التي شهدت بطولات وأمجاد المسلمين في العهد النبوي، كما وسع قراءاته الثقافية خاصة ما يتعلق بكتب الدعوة السلفية، بالإضافة لاطلاعه على أحداث العالم الإسلامي بقراءة مجلات "المؤيد"، و"الرسالة".
وأكد أبو بكر الحاج محمود باه أن الحاج محمود باه كان من الذين فهموا أن الحياة حركة، وأن التطوير يبدأ بالانطلاق، مشيرا إلى أنه جمع بين الانتظام في المدرسة "الصولتية"، ثم مدارس الفلاح، مع ملازمة مجالس العلم في المسجد الحرام، مستعرضا جوانب من تجديده في الدعوة إلى الرجوع إلى أحكام الدين من مصدريه الأصليين الكتاب والسنة، والاحتكام إليهام.
كما جدد في أساليب التدريس من خلال تحسين الطرق التقليدية، واستبدالها بطرق التعليم الحديثة، فكان يعلم الطالب القراءة والكتابة وأساسيات العلوم الشرعية – عقيدة وعبادة وسلوكا – تكسبه مهارات للتعلم الذاتي وللدعوة إلى الله حسب الطاقة، وبذلك – يقول أبو بكر – نبذ منهج التلقي والتلقين دون السعي إلى فهم النصوص في دقتها وتنزيلها على الواقع.
ورأى أبو بكر الحاج محمود باه أن الحاج محمود باه أضفى تطبيقا على الإسلام يتسم بالحركية والشمولية، فلم يحصر نفسه في الزوايا، ولم يجمد على مآثر الأجداد بل دعا إلى إزاحة الحواجز بين العبد وربه، فانتهج الشمولية في دعوته، وأضفى إصلاحات عديدة على جوانب العقيدة والأخلاق والاجتماع والسياسة والتربية والتعليم الذي اشتهر به.
وعرفت الندوة مشاركة العديد من الأساتذة والباحثين من بينهم بعض خريجي مدارس الفلاح التي أنشأها الحاج محمود باه وكان له دور كبير في نشر العلم والثقافة الإسلامية في غرف إفريقيا، وتحديدا في موريتانيا، ومالي والسنغال، وغينيا، كما وصل صداها – حسب المحاضرين – إلى الغابون، والكاميرون، والكونغو، والسيراليون، وغيرهم.
وبلغ عدد المدارس التي أنشأها الحاج محمود با 76 مدرسة، كما أقام 81 مسجدا في إفريقيا، وتوفي يوم 04 – 01- 1978 ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه في جول بولاية كوركل حيث وري الثرى هناك.
كما تحدث المحاضرون عن مساهمة الحاج محمود با الكبيرة في بناء الدولة الموريتانية الحديثة، وخاصة من الناحية التعليمية، حيث شارك في بعثات أرسلت للخارج، وخاصة بعثة توجهت إلى مصر وإلى المملكة العربية السعودية.
ورأى المحاضرون في الندوة التي حضرها جمهور معتبر أن "رغم ما بذله الحاج محمود باه من جهود وما قام به من جولات داخلية وخارجية في سبيل دعم وترسيخ تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي حتى وفاته، إلا أن اسمه لا يكاد يذكر ضمن تاريخ من خدموا هذا البلد من الناحية الثقافة والعلمية، ولم يطلق اسمه على أي معلم في الدولة تخليدا له، أو تنظم مسابقة سنوية أو ملتقى عملي باسمه".
وطالب المشاركون في الندوة الدولة والمجتمع الموريتانيين برد الاعتبار للحاج محمود باه بإطلاق اسمه على إحدى الجامعات أو المؤسسات المهمة، وتنظيم ملتقى علمي سنوي باسمه، وكذلك تنظيم مسابقات سنوية باسمه، وغيرها من مبادرات الاعتراف بجميله، وتثمين جهوده العلمية والثقافية في خدمة البلد.
المصدر: وكالة الأخبار المستقلة