إسرائيل تشهد توترًا غير مسبوق بين الجيش والحكومة | 28 نوفمبر

إسرائيل تشهد توترًا غير مسبوق بين الجيش والحكومة

أربعاء, 02/12/2015 - 14:12

 بدأت الخلافات الكبيرة بين الجيش والإدارة السياسية في إسرائيل تظهر إلى العلن، ففي حين نصح الجيش الحكومة بضرورة التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل تهدئة الوضع، رفضت الحكومة الأمر، واعتبرته تدخلًا غير مقبول في شؤونها.

 

مجدي الحلبي من تل ابيب: التصدّع في المؤسسة الاسرائيلية يطال علاقة المستوى السياسي بالمستوى العسكري بشكل علني، وبدون حجب الأمر بحجة السرية، فالجيش الاسرائيلي لم يُخفِ معارضته للخطوات الاسرائيلية الاخيرة تجاه الفلسطينيين بعد هبّة السكاكين والدهس الاخيرة، بل  وأوصى بالتسهيل على حياة المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وعدم التضييق بتصاريح العمل والتبادل التجاري واقامة الحواجز هنا وهناك، حيث أكد قائد الاركان الاسرائيلي في جلسات الكابنيت الامني اكثر من مرة ضرورة التسهيل وليس التعطيل.

 

إنقسام واضح

 

وفي هذا السياق، أكد ضابط عسكري كبير، يعمل في مجال التنسيق مع الفلسطينيين، في حديث لـ "إيلاف"، أن استمرار الاوامر الحكومية بالتضييق على الفلسطينيين، والغاء تصاريح عمل بالجملة لمناطق معينة مثل الخليل ونابلس، يعني زيادة الاحتقان واستمرار العمليات، فالفلسطينيون لا يرون أي افق سياسي أو أي انفراج مستقبلي، وليس لديهم ما يخسرونه، فلماذا يمتنعون عن القيام بانتفاضة؟، وأضاف: "نحن نقوم احيانًا بخطوات تخالف ارادة المستوى السياسي بحجة الاحتياجات الامنية الميدانية، فلم نقم مثلًا بسحب تصاريح العمل بالجملة من قضاء الخليل".

 

في المقابل، قال مسؤول سياسي من حزب الليكود يتبوّأ منصباً وزارياً، في حديث خاص لـ "إيلاف": "نحن من انتخبهم الشعب لقيادته وانتخب اجندتنا السياسية التي تحارب الارهاب ولا تسهل عليه"، واضاف ان السلطة الفلسطينية مسؤولة عن موجة الارهاب هذه، ويجب معاقبتها ومعاقبة كل من يدعم الارهاب.

 

معاناة مشتركة

 

بين هذا وذاك، هناك من الطرفين شعب يُعاني، يقول مصدر كبير في وزارة الدفاع الاسرائيلية، فالفلسطيني يعاني والاسرائيلي يخشى الموت والقتل دهسًا او طعنًا، مؤكدًا بأن الجانب السياسي يتخبط بين نصائح الجيش والامن، وبين اجندة اليمين الاسرائيلي الحاكم، الذي يرى بأن أي تسوية ستشكل خطرًا عليه، وتدميرًا لرؤيته بضرورة الاستيطان في الضفة الغربية، ومنع اقامة دولة فلسطينية.

 

المصدر أشار إلى أن "الكابينيت" الأمني المصّغر  يتجه نحو اليمين بشكل غير مسبوق، موضحًا بأن تسابق اعضاء هذا الكابينيت على الظهور بمظهر اليميني المنقذ للشعب على حساب عقاب الفلسطينيين، يجعل مهمة رؤساء الاجهزة الامنية والمؤسسات الفاعلة في دولة اسرائيل صعبة لاقناع هؤلاء بضرورة منح الشعب الفلسطيني ولو مجرد الامل بحلحلة الامور، والسير الى عملية سياسية تنتج ضوءًا، ولو خافتًا، في نهاية النفق.

 

اليمين ينتقد

 

وزراء اليمين الاسرائيلي، مثل نفتالي بنيت واييلت شاكيد، عضوي الكابينيت الأمني، انتقدا علنًا تصريحات ضباط الجيش الاسرائيلي حول خطوات الحكومة الاسرائيلية الاخيرة بشأن اخراج الحركة الاسلامية خارج القانون، مع العلم ان وزراء في الليكود عارضوا الامر خلال النقاشات، لأن أي خطوة كهذه من شأنها خلق تيارات سريّة متطرفة يكون ضررها على اسرائيل اكبر، بحسب ما قال الوزير يوفال شطاينتس في جلسات الكابينيت.

 

بنيامين نتانياهو لا يختلف كثيرًا عن نفتالي بينيت واييلت شاكيد في هذا الامر، الا انه لا "يطيقهما"، لذلك تراه ينتقد تصريحاتهما ضد الاجهزة الامنية، وفي بعض الاحيان يمنعهما، من خلال منصبه كرئيس للحكومة، من سن قوانين، أو القيام باجراءات قانونية ضد الاقلية العربية او الفلسطينيين، ليس محبةً بالعرب، بل كُرهًا لهما.

 

الجيش والسياسة

 

وفي سياق منفصل، أوصى الجيش الاسرائيلي، بقيادته الحالية، بأن تكون هناك تحركات سياسية على الصعد كافة، بهدف تخفيف نسبة نشوب حرب في غزة او مع حزب الله في الشمال، الامر الذي فسرته القيادة السياسية على انه تطاول على دورها وشرعيتها المستمدة من الانتخابات الديمقراطية في اسرائيل، فيما تحدّث ضابط في قيادة الأركان عن أن العلاقة الوثيقة بين الجيش والمستوى السياسي بدأت تتصدع، وذلك عبر دردشة مغلقة مع بعض الصحافيين، ومن بينهم مراسل "إيلاف". 

 

وزير الدفاع الاسرائيلي الحالي متفق مع رئيس الوزراء بكل شيء تقريبًا، الا انه يعتبر نفسه منافسًا له في أي انتخابات داخلية في حزب الليكود، لذلك فهو يبقى على يمينه من الناحية السياسية، لان غالبية اعضاء الليكود في اليمين اكثر من وسط المركز، وتصريحات نتانياهو مثلًا بشأن حل الدولتين، هي ما يعارضه كثيرون داخل الليكود، خاصة بين الوزراء الصقور، مثل موشيه يعالون وزير الدفاع، وغلعاد اردان وزير الامن الداخلي، ويسرائيل كاتس وزير شؤون اجهزة المخابرات.

 

تمرّد الليكود

 

بنيامين نتانياهو رئيس حكومة اسرائيل، الذي صافح الرئيس الفلسطيني بحرارة على هامش قمة المناخ في باريس بعد خمس سنوات من القطيعة، عاجز عن القيام بأي تقدم أو خطوة على صعيد المسألة الفلسطينية، أو أن يعمل بتوصيات الجيش في هذا المجال، وحتى إن أراد ذلك، فإن حكومة الـ 61 ستجعل من المستحيل القيام بأي شيء، لان كل عضو كنيست في الائتلاف الحكومي قد يعرقل ذلك بامتناعه عن التصويت، او التصويت ضد القرارات الحكومية، ومن الصعب رؤية أي تطور في الفترة القريبة، بحسب ما يقول ضابط تنسيق مع الفلسطينيين، ويضيف: "الجيش لا يتدخل بالسياسة، الا انه يساعد في تسهيل عمل الحكومة إن لزم الامر عبر اجتماعات مع قادة الاحزاب اليهودية المعارضة لاقناعهم بضرورة القيام بهذا العمل أو ذاك".

 

ضمن هذا الإطار، قال مقرّب من نتانياهو لـ "إيلاف"، إن الخيارات امام رئيس الحكومة واضحة، وقد حددها له الرئيس الاميركي في اجتماعهما الاخير في البيت الابيض، وهي توسيع قاعدة الائتلاف الحكومي مع احزاب الوسط واليسار، أو الذهاب لانتخابات جديدة، وأضاف: "نتانياهو يسعى لتوسيع قاعدة الائتلاف، الا انه يخشى من تمرد اعضاء حزبه الحاكم، تمامًا كما حصل مع شارون خلال الانسحاب من قطاع غزة".

ايلاف