مع تصاعد أحداث 17 فبراير 2011، تباينت مواقف موريتانيا والمغرب من تلك الثورة، مابين رفض نواكشوط علنيا لها وتحفظ الرباط عليها، قبل أن تنحاز الأخيرة "للثوار" من خلال دعمها للاقتراح العربي آنذاك بفرض حظر طيران في ليبيا، وهو ما اعتبره نظام القذافي سلوكا عدوانيا يستهدف الليبيين.
كان الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز، أول الزعماء العرب الذين أعلنوا رفضهم "للثورة" الليبية، في اتصال هاتفي مع العقيد الراحل معمر القذافي في الأسبوع الأول لانطلاق الأحداث، بعد ذلك انخرط ولد عبد العزيز رفقة بعض القادة الأفارقة في مساع لدى العقيد لإحداث تسوية سياسية للأزمة برعاية إفريقية، وساطة كان ولد العزيز يرى أنها قد تجنب ليبيا التدخل الدولي وتسمح بتنفيذ إصلاح سياسي شامل بأقل التكاليف المادية والبشرية. وبعد فشل وساطة الرئيس الموريتاني الذي زار طرابلس مرتين في العام 2011 تسارعت الأحداث مطيحة بنظام القذافي، وهو ما شكل صدمة قوية لولد عبد العزيز بسقوط أحد أهم حلفائه في المنطقة.
بعد أن أصبح نظام العقيد معمر القذافي في حكم الماضي، حاول ولد عبد العزيز التكيف مع واقع ليبيا الجديد في محاولة منه لمحاباة الثوار، ومما أعطاه دفعة قوية في ذلك الاتجاه تسليم الصندوق الأسود لنظام القذافي عبد الله السنوسي هدية للمجلس الانتقالي الليبي، تزامنا مع اعترافه بالمجلس الانتقالي مع بداية 2013.
قبل تسليم السنوسي للسلطات الليبية 2012 صرح الرئيس الموريتاني "بأن السنوسي في عهدة القضاء الموريتاني، ولدينا التزام أخلاقي تجاهه"، بعد ذلك يبدو أن الوفد الليبي الذي زار نواكشوط وضم وزير المالية جعل ولد عبد العزيز يتخلى عن التزامه الأخلاقي تجاه السنوسي إذ تم تسليمه للسلطات الليبية في صفقة مثيرة للجدل، فقد وصفتها المعارضة الموريتانية بالفضيحة، متهمة نظام ولد عبد العزيز ببيع السنوسي، بينما صرح الرئيس في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية بأن ثمن تسليم السنوسي لا يتعدى تحسين العلاقات مع حكام ليبيا الجدد.
على خلاف الموقف الموريتاني المنحاز لنظام العقيد القذفي 2011، جاء الموقف المغربي أقرب إلى الحياد، حيث اختارت الرباط الصمت كثيرا باعتبار ما يجري في ليبيا شأن داخلي، إلا أن موقفها المعلن من فرض حصار جوي على نظام القذافي جعلها تدخل ضمن قائمة المعسكر الآخر المؤيد لتلك الثورة.
بعد ذلك كان المغرب أول المعترفين بالمجلس الانتقال الليبي في الثاني والعشرين من اغسطس 2011، حيث أرسل العاهل المغربي الملك محمد السادس مبعوثا شخصيا الى مدينة بنغازي، ولم يكن ذلك المبعوث الا وزير الشؤون الخارجية والتعاون آنذاك الطيب الفاسي الفهري الذي حل ضيفا على رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، حيث نقل له رسالة شفوية من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وخلال هذه الزيارة أبلغ الفاسي الفهري المسؤولين الليبيين دعم المغرب في المراحل الموالية سواء على المستوى السياسي أو بخصوص كافة القضايا المرتبطة بإعادة بناء وتعمير البلاد.
في العام 2014 دعا العاهل المغربي محمد السادس الليبيين إلى حوار وطني شامل بمشاركة كافة مكونات الشعب الليبي، ودون استثناء لتجاوز المرحلة الدقيقة التي تعرفها ليبيا حاليا. دعوة العاهل المغربي هذه وجدت آذانا صاغية من طرف الفرقاء الليبيين، حيث وصلوا الى المغرب فرادى وجماعات وانخرطوا في حوار ماراثوني بمدينة الصخيرات المغربية، توج لاحقا بتوقيع الاتفاق المذكور. واتفاق الصخيرات أو الاتفاق السياسي الليبي، هو اتفاق شمل أطراف الصراع في ليبيا وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات بالمغرب بتاريخ 17 ديسمبر 2015 بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر، ويرى بعض المراقبين أن المملكة المغربية كان لها دور كبير في إقناع الأطراف الليبية بتوقيعه على أراضيها.
بوابة افريقيا