اليوم 10-10-2017 يصدر العدد 1000 من جريدة "الأقصى"، بعد أن صدر العدد الأول يوم 19 بريل2001، وبعد أن أذنت وزارة الداخلية الموريتانية أيام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع للصدور لجريدة "الأقصى"، حيث طلب مني الراحل سيدي يسلم ولد اعمر شين رحمه الله، بعد ما أبديت الرغبة في الحصول على وصل، تسمية مقترح النشر الورقي ضمن الطلب، فأخترت دون تردد اسم المسجد الأقصى، تيامنا بالإنشغال الإيجابي بقضايا الأمة المشروعة الإستعجالية ومنهجها الرباني الناصع الخاتم، الإسلام، على أن تكون تلك الأهداف والمحاور كلها تحت اسم الأقصى إختصارا، وقد عبرت عن ذلك في العدد الأول، الذي أشرف على طبع بعض محتوياته الزميل الوفي يحيى ولد الحمد حفظه الله وأطال عمره في طاعته صحبة الزميل منير ولد إخليه حفظه الله ورعاه، وكانت الوسائل يومها متواضعة سواء تعلق الأمر بالنسبة لي أو بالنسبة للمذكورين، رغم دماثة أخلاقهم ومهنيتهم وتضامنهم، وتم إعداد العدد الأول من الأقصى قبيل الصبح بقليل، وتواصلت المسيرة المظفرة بعد ذلك، لكن بصراحة صاحبها الكثير من المصاعب المادية والنفسية بسبب السجن والمطاردة، إبان الشكوى التي رفعها عدو الحرية الأول في موريتانيا المتغطرس الغشوم رجل الأعمال الملياردير محمد ولد بوعماتو، إثر نشر مقال حول "المخدرات"، كتبته في مدخله: "معلومات غير مؤكدة وفي المقابل لا يمكن نفيها"، حيث صدر ضدي حكم قضائي تعسفي بحكم ربطه بالقانون الجنائي ،ولا وجه لذلك في عملية النشر.
نعم حكم علي بالسجن النافذ سنة كاملة وغرمت ب300 مليون أوقية، وهي أكبر غرامة في الكون ضد أي منتج معرفي بأي لغة كانت، ولكن حفظ الله وما شاء فعل، وإني لراض بقضاء الله وقدره مهما كان، وأحسبه الأفضل والأجمل في كل الأحوال، ورب محنة منحة، وقال المولى جل شأنه في هذا الشأن: "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
وفي هذا المقام، أشهد الله أني وأمام الخلق أجمعين إنسا وجنا وطرا، أنني أسمح جانب الآخرة لكل من آذاني من قريب أو بعيد في هذا الملف أو غيره، أما جانب الدنيا فأرجو من الله أن ينتقم إنتقاما موعظة ومريحا لقلبي وحالي أجمعه من كل من آذاني ظلما وعدوانا في هذا الملف بوجه خاص ،وولد بوعماتو بوجه أخص، أما ولد عبد العزيز سواء ساهم في هذا الملف من قريب أو بعيد، رغم أنه أصدر عفوا رئاسيا خرجت على إثره من السجن يوم الأربعاء 8-5-2009، أقول محمد ولد عبد العزيز استثنيه من هذه اللعبة، أنتقده أو أوأوافقه في جانب أوآخر من مساره العمومي ،ولكن لا أحقد عليه البتة، فهو بالمفهوم العائلي القريب صهري، ونحن العرب المسلمون نقدر المصاهرة ونسهمها سهمها، وإن كان لم يرتح لتوجه ولد بوعماتو ضدي في المحصلة، ولو ظاهريا ،وأصدر عفوا رئاسيا مكتوبا موثقا، فإنني في المقابل أصدر له اليوم بطاقة بيضاء دنيا وآخرة في هذا الملف، ولن يصيبه مني بعد اليوم دعاء أو حال آخر. وأعرف في نفسي من نفسي أنني شديد "التازبه" ،ولا غرابة ولا غرو فأنا وحيد والدتي رحمها الله، ربتني تربية إسلامية حسنة راسخة، ومنذ أنعومة أظافري تأثرت بالمدرسة الإسلامية الوسطية إلى حد النخاع ،الإخوان المسلمون وغيرهم من منابع الفكر الإسلامي الثر الواسع المتنوع، وفي الأصل ابن أسرة عريقة في هذا الصدد الروحي ،"الصلاح والاستقامة والصلة الوثيقة بالله"، سواء تعلق الأمر بـ"اسماسيد" عموما الأدارسة أو "أهل اعبيدن" خصوصا ،ويفور في دمي ما يفور من التنوع والعبقرية وبعد النظر والإلهام والكشف والعناية الربانية ،ورب الكعبة.
ولي صلة خؤولة بأهل كلاي من جهة الأب "أولاد هنون-إديشلي"، ومن جهة الأم جدتي سلمه بنت عبد الله السالم "اصماره/واعربات"، ووالدتها من "إدميجن" أولاد ابييري /بوتلميت، وبعد ذلك أولاد امبارك وأولاد اللب /إنشيري، وعندما تأهلت لاحقا وجدت نفسي وسط "الخالفه الكحله" زنبتي، وأنا إبن 51 سنة، لدي ما لدي من الإيمان بالله الواحد الأحد وهو رصيدي الأول والأخير، رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
ولدي ما لدي أيضا من الفكر المتنوع والتجربة الواسعة، ومقبل على مرحلة قادمة ستكون مثيرة على رأي قاصر عند البعض، وهي لا تمثل تزكية لجهة معينة بقدر ما تعتبر إسهاما اجتهاديا في محاولة تحصين الوطن بكافة مكوناته السياسية والعرقية وغيرها، مما أتوقع من تحديات، قد لا تكون ذات بال ،عندما تسبقها خطوات استباقية، شرحت للرئيس الحالي ضرورتها وغيره من أركان الدولة وخاصيتى من المعارضة، التواصليون تحديدا ،وبوجه أخص زميلي وأخي في الله السياسي الواعد محمد جميل ولد منصور حفظه الله، ولا أراه يوما إلا لاعب دور في حديبية موريتانيا القادمة.
وباختصار كان إصدار الأعداد الألف ملحمة متنوعة بإيجاز، لابد من الإشارة في هذا السياق بوجه أخص إلى المعضلة المادية التي عانيتها ضمن هذه التجربة الإعلامية، في الإعلام الورقي بوجه خاص والالكتروني كذلك منذ بزوغه، حيث أصدرت موقعا مصاحبا للجريدة منذ أواخر2009.
وأقول في هذا الصدد إن الوضعية التي عامل بها النظام منذ بزوغ التعددية وإلى اليوم، وبالأخص في فترة النظام القائم ، جعلت في الأغلب ممتهنيه في بعض الحالات على الأقل مرتزقة متسولون ولو كتبوا مقالات نظيفة رفيعة السبك والمحتوى، مهما كانت كثرتها، ولقد أصدرت فعلا آلاف المقالات، حيث كتبت في الإعلام الحرالخارجي من مدينة أطار سنة 1981 ،وأنا ابن أقل من 14 سنة، أما عندما ظهر الإعلام الحر في موريتانيا ودخلت عبر عنوان معروف الأقصى، فقد كان الإنتاج غزيرا واليد قصيرة، لأن "جامبور اسماسيد" المشتغلين في الربا،إلا صديقي الوفي الكريم رغم بعض المآخذ عليه، وأعني طبعا محمد ولد عبد الله ولد نويكظ، فهؤلاء بعضهم تحالف مع ولد بوعماتو وتعمدوا إهانتي ومعنويا، وما كانت إسهامات بعضهم القليلة إلا ملوثة من حيث الأسلوب وقلة العطاء، أما الدولة العميقة وأنظمتها التي عايشت، فقد حاربتني أيام معاوية وإلى اليوم، وأرجو أن أنجح في رفع الظلم والاستهداف فترة ما تبقى من حكم ولد عبد العزيز وغيره.
فأنا كاتب صحفي بإذن الله ،والصحفي عرفه قانون الصحافة المعدل سنة 2007 "الشخص المخول بالحصول على الخبر ومعالجته دون ضغوط أو مخاطر"، فإنما أدور مع جدي صلى الله عليه وسلم على مذهبه المعروف: ّ"أدور مع الحق حيث دار" ولا يهمني ما يترتب على ذلك من أثمان باهظة، فأني جذيلها المحكك بإذن الله.
والله معيني فيما تبقى من مسار لهذا المنبر العزيز الغالي على نفسي، سواء كان ورقيا أو ألكترونيا، وسأسعى في قادم الأيام إلى الترخيص لإذاعة وقناة ،بل وإذاعات وقنوات بهذا الإسم "الأقصى" بإذن الله.
وإلى حلقة قادمة من التأمل حول مسار الأقصى وألفيتها الأولى "تجربة إصدار ألف عدد"، سأواصل معكم التذكر وأخذ العبر بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.