في الوقت الذي يستمر فيه اعتقال الملياردير السعودي المشهور، الأمير الوليد بن طلال، تنغمس "شركة المملكة القابضة"، التي يملكها، في أزمة بشكل أعمق فأعمق، بينما لا يسرع أحد لإنقاذها. وأشارت صحيفة "Financial Times" البريطانية إلى أن الوليد بن طلال، الذي تم توقيفه من قبل السلطات السعودية في عاصمة المملكة الرياض، في إطار حملة مكافحة فساد واسعة النطاق، خسر مليارات الدولارات بعد بدء التحقيق معه، معتبرة أن شركته الاستثمارية يكتنف الغموض مصيرها.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان إلى أن الأمير السعودي هو الذي ساعد الشركة المصرفية الأمريكية الكبيرة "Citigroup" عام 2008، عندما ضربتها الأزمة المالية العالمية، حيث رفع الأمير السعودي، في الوقت الذي انخفض فيه سعر أسهمها، حصته في هذه المجموعة من 4 إلى 5 بالمئة، ودعم علنيا رئيسها، فيكرام بانديت، الأمر الذي أسهم كثيرا في إنقاذ شركة الأخير وعزز سمعة الوليد بن طلال.
وتابعت الصحيفة بالقول: "لكن الآن، عندما يعيش الأمير السعودي وقت الحاجة، لم يقدم أحد علنيا على مساعدته، حيث تم شطب مليارات الدولارات من ثروته".
وبحسب المعلومات، التي نشرتها صحيفة "Forbes"، هبطت قيمة "المملكة القابضة" منذ اعتقال رئيسها بحوالي 20 بالمئة، لتنخفض إلى 8.5 مليار دولار، فيما تقلص الحجم الإجمالي لثروته إلى 16 مليار دولار.
وعلى الرغم من تصريحات المدير التنفيذي لـ"المملكة القابضة"، طلال الميمم، الذي قال إن المجموعة "تتمتع بموقع مالي وثيق تعززه خطة استثمارية عقلانية ومتحفظة"، إلا أن المصرفيين، الذي تحدثوا لموظفي الشركة، قالوا، وفقا لـ"Financial Times"، إنها تمثل "ثقبا أسود للمعلومات".
وأضافت الصحيفة أنه حتى هؤلاء الذين عملوا على مدى سنوات طويلة مع "المملكة القابضة"، لا يعلمون كثيرا عن مصيرها وإلى أي درجة يصل تأثير اعتقال الوليد بن طلال عليها.
وقال المصرفيون إن هذه الشركة، التي تعتبر الأداة الاستثمارية الرئيسية للأمير الوليد، تم تعليق نشاطها بسبب غياب الأمير.
وسط تزايد القلق في ظل غموض مصير الأمير السعودي وشركته، قام المقرضون المحليون والدوليون، الذين يشعرون بالانزعاج الشديد بسبب الارتباك الذي يحيط باعتقال الوليد بن طلال، بإيقاف قرض بقيمة 1 مليار دولار، لتمويل شراء حصة 16 بالمئة في البنك السعودي الفرنسي من كريدي أجريكول.
وتأمل المملكة العربية السعودية في الحصول على ما لا يقل عن 100 مليار دولار، وهو ما يعادل دينها الوطني، من خلال حملة مكافحة الفساد التي تشنها حاليا ضد رجال الأعمال وبعض الأمراء والمسؤولين في البلاد، ولكن مصادر مطلعة على سير التحقيق في قضية الوليد بن طلال ذكرت أن الأخير رفض صفقة التسوية التي عرضت عليه ويسعى لإثبات براءته في المحكمة، ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدرين أنه قد قام بالتعاقد مع محامين.
إلا أن مصرف مقرب من الأمير البالغ 62 عاما من عمره يعتبر أن رجل المال من الممكن أن يلجأ إلى صفقة مع السلطات من أجل ضمان حريته، موضحا أن هذه الخطوة قد تجبره على التخلي عن بعض أمواله.
وأضاف المصرف أن ثروة الوليد تشمل مساحات شاسعة من الأراضي، تمتد من الرياض باتجاه المنطقة الشرقية، حيث كان يخطط للحصول على تراخيص لإقامة استثمارات بها، مشيرا إلى أن العقارات وشركاته المحلية، مثل المجموعة الإعلامية روتانا، فضلا عن الأموال نفسها، قد تشكل أساس التسوية.
يذكر أن السعودية تشهد حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد تم في إطارها إيقاف عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين.
وانطلقت هذه الحملة غير المسبوقة بعد إصدار العاهل السعودي، يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أمرا ملكيا أعلن فيه عن اتخاذ إجراءات جديدة في المملكة للتصدي للفاسدين، بما في ذلك تشكيل لجنة خاصة، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتولي هذه المهمة.
وأعلنت السلطات السعودية رسميا أنها تقترح على الموقوفين والمتورطين في قضايا الفساد عقد صفقات مالية مع الحكومة مقابل تسوية أوضاعهم.
المصدر: Financial Times + وكالات