"ظهر الفساد في البر والبحر"، ولكنه استوطن وزارة الشؤون الإسلامية، فكانت الأكثر انحرافا وضياعا، وواصلت صرف المليارات على مبادرات وروابط وهيئات تؤخر ولا تقدم، وتشوه ولا تحسن
يمكن أن تطلق على قطاع الشؤون الإسلامية القطاع السائب والمعطل ما يزال منبر المسجد عرضة للاستغلال السياسي ولم تنل المحاظر ما ينبغي أن تناله من عناية، بل تركت لتموين الحواضن السياسية بالشباب غير المحصن معرفيا يستغلونهم باسم الدين من أجل مآرب الأفراد والمجموعات....
إن المسجد منبر بالغ الأهمية في جميع المجتمعات المسلمة، تنشئه الدولة وتتحمل نفقاته وتستغله لتثقيف وتحصين المجتمع
أما عندنا فيبنيه الأجانب ويقوم عليه الأفراد فرشا وتنظيفا وسداد ماء وكهرباء، ومن هنا يخرج عن سيطرة الدولة
وعلى خلاف دول تتطور بهدي الإسلام، لم تفعّل مؤسسة الأوقاف لتسهم في المنظومة الاقتصادية للبلد، فلم ينشأ صندوق الزكاة ولا هيئة لتوفير الضمان الاجتماعي لكل المعوزين من بني الوطن
من أعظم الأخطاء في هذا القطاع ترك العمل الطوعي بيد الأفراد يشوهون به سمعة الدولة ويسيؤون للمجتمع ويستغلون الصدقات والنذور والكفارات والأوقاف لمراكمة الثروات واكتتاب المصوتين بمقايضتهم على قناعاتهم بإمدادات خيرية قدمها ذووها حقا معلوما ليصرف دون من للسائل والمحروم...
في ملف الحج هناك فساد يؤكده السعوديون قبل الموريتانيين،
ومن إفطار الصائم إلى المعهد العالي، والوعظ والإرشاد والتكوين المهني، تتمدد أوبئة الفساد والمحسوبية، لتخلف مؤسسات مهترئة مخرجات تغلب عليها صفة الجهل
لقد تعاقب على وزارة الشؤون الإسلامية أكثر من عشرين وزيرا ولكنها الآن بدون كادر مناسب لنطاق عملها، فلا يوجد فيها مسمى واعظ ولا مرشد ولا إمام ولا مؤذن
لا علم لي باهتمام بمؤلفات علمائنا طباعة ونشرا. ومن غير المعقول أن تعجز وزارة عن نشر كتاب علمي واحد كل سنة!!!
إن وزارة الشؤون الإسلامية تمثل أسوأ نموذج في الإدارة والعفة المالية، إذ أدمنت على حجب الدعم الأكاديمي والمالي عن مؤسسات التعليم التابعة لها، وإغراقها بالعمال والموظفين وضعيفي الكفايات
وإن الجامعة التي أنشئت لتسد فراغا وتواصل إشعاعا، لا زالت رهينة لوزراء لا يقدرون البحث العلمي ولا يقيمون وزنا للمساطر الأكاديمية إن لم يكن لهم عليها نقمة أو عندهم منها عقدة.
أما المعهد الذي يرزح تحت فائض من الاساتذة والعمال والإداريين فبعض خريجيه لا يميزون بين التمييز والحال ولا يزِنون بيتا من الخفيف أما الفقه والأصول فرحمة الله على زمنهما الزاهي.
ومن المضحكات المبكيات : غياب سياسة توجيه إسلامية ومسطرة برامج وخط عام للفتوى.. كل قناة تقترح برامجها وتختار ضيوفها ويتحدثون بما يحلو لهم بعيدا عن أي تنسيق مع القطاع...
ومن الغرائب والغرائب جمة أن اسم المحظرة تم التلاعب به وتهديم رمزيته فقدم النموذجي منه في شكل معلم يدرس أطفالا التهجي وجزء عم وجزء تبارك. يحدث في أرض العلم والعلماء!
ومن المحزن أيضا أن الوزارة لم تفلح في تصدير العلماء للخارج للاستفادة من علمهم ولم تنجح في تقديمهم محليا بثوب يليق بهم مكرمين معززين
إذا كان هذا "الحبر" يجري "تدفقا"
على غير إصلاح ف"حبر" مضيع
المحامي احمد سالم ولد مايابي