أكد سيديكي كابا وزير خارجية السنغال أمس «طي صفحة التوتر مع موريتانيا جارتنا في الشمال بعد رسالة الرئيس السنغالي التي سلمها بنفسه الجمعة للرئيس الموريتاني، والزيارة التي أنهاها توا إلى نواكشوط». وأوضح في تصريح للصحافة أمس «أن الرئيس الموريتاني أكد له خلال المقابلة اهتمامه بضرورة العمل معا من أجل تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين والسهر على بناء عمل مشترك يحفظ للأجيال القادمة قيم التصالح والسلم والوئام».
وأضاف «إن رسالة الرئيس السنغالي التي سلمها للرئيس الموريتاني تتعلق بتطوير العلاقات بين السنغال وموريتانيا، البلدين الشقيقين بحكم الجغرافيا والتاريخ والدين والثقافة».
وقال «يسعى الرئيسان الموريتاني والسنغالي دائما لبناء تعاون قوي لمصلحة الشعبين في ظل إرادة صلبة لترقية فضاء مشترك للازدهار والنماء».
وقال الوزير «أنه سلم للرئيس محمد ولد عبد العزيز دعوة من الرئيس السنغالي للمشاركة في منتدى السلم والأمن المقرر في داكار الشهر المقبل».
وأكد «أنه طلب خلال اللقاء دعم موريتانيا لترشح السنغال المنتظر لعضوية مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.»
وتأتي زيارة الوزير السنغالي لموريتانيا أياما بعد أن تدهورت العلاقات الموريتانية السنغالية بسبب نشاط إعلامي أرادت منظمات حقوقية دولية وسنغالية وموريتانية تنظيمه في داكار لانتقاد الوضع السياسي والحقوقي في موريتانيا.
واحتجت الحكومة الموريتانية على لسان وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية على تنظيم هذا النشاط حيث اضطرت حكومة داكار للضغط على منظمي المؤتمر الصحافي من أجل إلغائه مرتين متتاليتين.
وأكدت الوكالة في تعليقها «كان من الأفضل أن توجه هذه المنظمات التي تستهدف موريتانيا ظلما، أنظارها نحو وجهة أخرى يرمى فيها بعرض الحائط حرية الصحافة وتقمع تظاهرات المعارضة». ومع أن العلاقات وصلت قبل أسبوعين لمستوى عال من التوتر، فإن مراقبيها مجمعون على أن زيارة الوزير السنغالي لنواكشوط أسفرت عن إزالة التوتر المخيم والمنضاف لسلسلة توترات شهدتها العلاقات في السنوات الأخيرة.
فمن بين المنغصات التي هزت العلاقات الموريتانية السنغالية في الفترة الأخيرة قضية انتجاع المواشي الموريتانية في المراعي السنغالية وطرد موريتانيا للصيادين السنغاليين والخلاف حول تسيير ملف تخلي الرئيس الغامبي يحيا جامي عن السلطة. وإلى جانب هذه المنغصات هناك دواع عديدة تدفع البلدين نحو التفاهم بينها اقتراب انطلاق مشروع جسر روصو الحدودي الواصل بين ضفتي نهر السنغال، وبينها الاستغلال المشترك المتوقع للغاز الطبيعي المكتشف بكميات هائلة على الحدود البحرية المشتركة. «والمهم، يقول مراقب موريتاني متابع للملف، أن تظل شعرة معاوية موجودة بين الطرفين برغم التجاذبات الكبيرة التي تمس الجوار بين الفينة والأخرى».
وفي تحليل لهذه العلاقات، أكدت صحيفة «القلم» الموريتانية المستقلة «أن العلاقات الموريتانية السنغالية لم تخرج من التوترات المتلاحقة منذ وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للسلطة»؛ «فمند سنوات، تضيف الصحيفة، والعلاقات الموريتانية السنغالية تشهد صدمات متلاحقة، حيث كانت مشكلة انتجاع المواشي الموريتاني في السنغال التي رفضتها حكومة داكار عام 2016، أول صدمة تتعرض لها العلاقات، فقد استاءت حكومة نواكشوط من القرار السنغالي ورحلت الصيادين السنغاليين العاملين في الشواطئ الموريتانية، ثم جاء تسيير الرئيسين السنغالي والموريتاني لقضية التناوب على السلطة في غامبيا بين يحيا جامي المدعوم من الرئيس الموريتاني وآدم بارو الرئيس المنتخب المدعوم من السنغال.
وتؤكد صحيفة «القلم» في تحليلها «أن من أسباب التوتر الدائم في العلاقات الموريتانية السنغالية خلافهما حول العلاقات بين موريتانيا والمغرب، حيث شكلت مناسبة إعادة المملكة المغربية لعضويتها في الاتحاد الأفريقي، مجالا ظهر فيه الخلاف على أشده بعد أن وقفت حكومة داكار إلى جانب المغرب، ووقفت موريتانيا إلى جانب الجزائر وحركة بوليساريو».
القدس