إن يتشَفَّ فقد تشفى أخ له من قبل | 28 نوفمبر

 

فيديو

إن يتشَفَّ فقد تشفى أخ له من قبل

سبت, 06/05/2017 - 20:37
 المشري ولد الرباني

 لدي خوف دفين، غير مبرر ربما، يعتريني تلقائيا عند أي إجماع ينعقد في ظروف عاطفية. وقد استيقظ هذا التخوف بالأمس مع الإجماع في الأوساط الموريتانية الناطقة بالحسانية على الصفح عن الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال بعيد وفاته. لذلك كان نظري مشاحا منذ الوهلة الأولى نحو الصفحات المرجعية لإخوتي الزنوج، لكونهم أبرز ضحايا سنوات الجمر. وفي الحقيقة كان التسامح والصفح سمة غالبة على هؤلاء إلا من استثناءين اثنين -حسب علمي- كأنهما جاءا ليبررا القاعدة.
ما لم أكن أتوقعه أبدا هو أن يأتي خرم الإجماع من مرجعية إسلامية، سيما إخوانية، وهي التي أنبتها الرئيس الفقيد نباتا حسنا وكفلها من الزج بها خارجيا في أتون الشيطنة وداخليا من الانزياح نحو الجهادية، رغم أني لم أستسغ جيدا أن يرسل حزب تواصل عبر بريده الإلكتروني خبر تعليق المنتدى لأنشطته احتراما لروح الفقيد، في حين أنه -أي تواصل- لم يتقدم بالتعزية فيه (سيقوم بذلك بعد حوالي 24 ساعة من الفاجعة).
 وحتى لا نظلم تواصل تجدر الإشارة إلى أن ما كتبه الشنقيطي اليوم لا يمثل الحزب بالضرورة، ولكن لا يمكن نفي أن إحدى المرجعيات الإخوانية البارزة كان قد شكك قبله في الأصل الشرعي لجواز الترحم على الرئيس التونسي الراحل لحبيب بورقيبة، وسبّب ذلك بمسببات هي نفسها -تقريبا- التي اعتمد عليها الشنقيطي اليوم في موقفه.
 وبالعودة إلى ما كتبه الشنقيطي اليوم فإنه يناقض -حتى- الشنقيطي نفسه، ليس فقط بسبب مواقف ماضية له من وفاة فاسقين وظلمة سابقين، وإنما أيضا لأن الشنقيطي النصي القرآني الذي عرفناه سابقا قد اختفى فجأة، ليظهر -فجأة- شنقيطي سني لمّا يحسمْ مسألة المرجعية الاستدلالية في سنيته.
 ما يهمنا مما كتبه الشنقيطي اليوم والصوتان الزنوجيان المشار إليهما آنفا، هو اعتراضهما الاستباقي والمسبق على المنح الدنيوي لصكوك الغفران وإبدال السيئات بالحسنات للقائمين على الشأن العام بمجرد وفاتهم. ومن هنا فهو موقف عام ومجرد ومستقبلي، وتحول كبير في نظرة الموريتاني للشأن العام.
 بيد أن التحولات الكبرى لا تناقَش في سياق عاطفي، أحرى سياق عاطفي ناشئ عن وفاة طبيعية/مفاجئة لرجل تعهد بتسليم السلطة لرئيس منتخب ديمقراطيا ووفى بعهده رغم قدرته حينها على الانسلاخ منه، وختم حياته بالرفض والمعارضة والمقارعة رغم أن انسحابه من الشأن العام ولامبالاته به كانت ستكون أكثر فائدة عليه من الناحية الشخصية.

--------------------

من صفحة الأستاذ المشري ولد الرباني على الفيس بوك