عيش منطقة "الفرع" في مقاطعة بابابي بولاية لبراكنة وضعا لم يعد قابلا للاستمرار، فاق كل منطق وتجاوز المعقول.. ذلك أن منطقة "الفرع" هاته تقطنها تجمعات بشرية قرونا قبل الاستعمار، تتقدمها أسر ظلت هي صاحبة الحل والعقد فيها، سعت دائما إلى ترسيخ الأمن والإخاء والمودة بين تلك الساكنة.
وبعد مجيء المستعمر وظهور الدولة الوطنية، تقيد الجميع بالقوانين وبالضوابط الإدارية، التي بموجبها استثمرت الأرض وفقا للمساطر القانونية وأقيمت السدود، وآثر قادتها جيرانهم على أنفسهم وتبادلوا معهم الود، منذ عصور قديمة، فكانت الألفة والإخاء، سمة بارزة للعلاقات البينية بين ساكنة "الفرع" جميعهم، إلى أن نزحت إلى هذه المنطقة مؤخرا أسرة قدمت من شرق مقاطعة ألاك، فاستقبلناها بالإخوة والترحاب.. لكن جزاءها لنا لم يكن من جنس تعاملنا معها.
فقد سعت هذه الأسرة - منذ نزوحها من شرق ألاك - إلى تجاوز الساكنة، مستخدمة التضليل وقلب الحقائق، بغية الهيمنة على المناصب الانتخابية ب"الفرع"، مستعينة بنفوذ فرد منها داخل الإدارة الإقليمية، استطاع- بفضل علاقته المهنية - الهيمنة على شيخ مقاطعة بابابي، ضمن محاصصة فئوية، مستعينا بمغالطات يلفقها لوحده، وفي ظلام دامس.. سرعان ما يظهر زيفها، بمجرد وضعها على المحك.
لكن والي المغالطات: يحيى ولد الشيخ محمد فال، الذي ظل يتنقل من ولاية إلى أخرى، حتى وصل به المطاف مؤخرا إلى عاصمة ولاية لا تبعد عن منزله ب"الفرع"، سوى 50 كلم، الشيء الذي جعله أكثر قدرة على الوصول إلى تلك المنطقة من والي لبراكنة نفسه، الذي يقع "الفرع" ضمن دائرة اختصاصه الإدارية، لكنها من الناحية العملية أضحت منطقة نفوذ مؤقت للوالي: يحيى ولد الشيخ محمد فال، الذي ظل ينسج الأوهام ويسبب البلابل والصراعات بين المواطنين داخل دوائر ضيقة، مؤكدا لها أنه صاحب النفوذ الأوحد في منطقة الفرع..
وبالتالي فما على الراغب في الفوز فيها، سوى الاعتماد عليه، بوصفه صاحب النفوذ الحقيقي، الذي لا يشق له غبار ولا يسد أمامه باب.. والنتيجة، هي: سيطرة المعارضة على تلك البلدية، التي تعهد آنذاك (2013) والي المغالطات هذا: يحيي ولد الشيخ محمد فال لرئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وقتها: السيد محمد محمود ولد محمد الأمين بأن شرط نجاح الحزب، يتمثل في تبنيه لمقترحاته للترشيحات.. فكانت النتيجة: الفوز اليتيم للمعارضة بولاية لبراكنة كلها، والسبب في ذلك كون ولد محمد فال خدع (الحزب الحاكم) خلال ترشيحات البلدية، لتبرهن ساكنة الفرع بأنها صاحبة الكلمة الأخيرة، حيث صوتت بنسبة 90% للرئيس ولد عبد العزيز، وبنسبة 75% لنواب (الحزب الحاكم)، لكنها أسقطت مرشح ولد محمد فال في الانتخابات البلدية لأنه لم يستشرها في ترشيحه وإنما حاول –حينها- أن يفرضه على السكان مثلما يفعل دائما خلف الكواليس.
فالحديث عن آخر بطولات والينا "الهمام" هذه الأيام، يبرز لنا جزءا من تلك الأوهام التي نجح في تسويقها للسلطة، عند ما تعهد لها بأن شيخ بابابي: ينج ولد أحمد شلله (المحسوب عليه، والذي اقترح يحيي ترشيح أخيه: محمد ولد أحمد شلله في نفس المنصب، لحظة الحديث عن عملية تجديد للفئتين: "ب" و"ج" سنة 2015، والتي لم تحصل- معولا على 6 مستشارين، استطاع تلفيقهم- فبقي السابق ولم يلتحق اللاحق المفترض)، هو شخص في طوعه شخصيا وضامن لتصويته لصالح التعديلات الدستورية.. لكن المفاجأة جاءت عند ما صرح هذا الشيخ لبعض خاصته، بمعارضته الشديدة لتلك التعديلات وتأكيده لتصويته ضدها.. فكانت الخسارة الثانية للدولة، بفعل التضليل، الذي ما فتئ يمارسه "والي المغالطات".
فإلى متى تكافئ الدولة شخصا، ظل يبيعها الأوهام ويخلف لها الوعود، ويخذلها عند أول امتحان؟
ابود /محمد عبد الرحمن / صيبوط