دونالد ترامب لا يهدد إيران وإنما يهدد فعليا أنظمة الخليج | 28 نوفمبر

 

فيديو

دونالد ترامب لا يهدد إيران وإنما يهدد فعليا أنظمة الخليج

ثلاثاء, 07/02/2017 - 20:06
اسماعيل القاسمي الحسني

تلقف الاخوة في الخليج ومن يدور في فلكهم، تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب وبعض رموز أركان حكمه، التي تدفقت فجأة منذ ثلاثة أيام فقط، والتي تعتبر ايران دولة راعية للارهاب وغيرها مما يحمل التهديد والوعيد، بفرحة عارمة وتفاؤل مرتفع السقوف بتغير جذري نحوايران، أولا أقل من كونها موقف يطابق ما كانت تسعى جاهدة انظمة خليجية لأن تؤمن به القيادة الامريكية وتبني عليه سياساتها؛ ولن أتوقف عند حفلة رقص بعض الأقلام على طبول تلكم التصريحات، وتغريدات لشخصيات رفيعة في الامارات والسعودية، لكونها خرقت سقف المنطق والعقل، وتجاوزت في سباحة لاهوتية غريبة كل حدود الجغرافيا، ما يجعل مناقشتها بالعقل والحجة أمرا مستحيلا؛ وقد يحاجج قارئ بأن هذا الحكم مرسل لا يقوم على مثل، وهنا تكفي الاشارة لتغريدات شخصية ما كانت معروفة في عالمنا العربي، لولا دماء الشهيد المبحوح.

ما فات من فرح بهذه القنابل الصوتية الفارغة هوالآتي:

أولا- أن الرئيس الأمريكي طوال حملته الانتخابية لم يأتي على ذكر هذا التقييم حيال إيران، حتى في تناوله بالنقد الحاد للاتفاق النووي معها.

ثانيا- أنه ما جاء على ذكر الصراع في الشرق الأوسط، إلا وأثنى على دور روسيا، وأعلن بصراحة ووضوح توافقه  مع الرئيس بوتين في  معالجة الملف، و لا يمكن أن نتصور بأن الرئيس الأمريكي يجهل علاقة إيران بروسيا وحجم دورها في هذا الملف تحديدا.

ثالثا- كان لافتا بالنسبة لنا، أن تصريحات الرئيس وغيرها، باعتبار إيران دولة ترعى الإرهاب، كلها رُبطت بشكل واضح بأحداث 11 سبتمبر، التي تتهم بها دولة خليجية وليس إيران، وهنا ترتفع علامة استفهام كبيرة، كان على الأشقاء أن يتوقفوا عندها مليا لما تبطنه.

ربعا- من الجانب العملي والواقعي، فإن قانون جاستا، الذي أقر وبات معمولا به، والذي يمس السعودية حصرا، بناء على اتهام مواطنيها بالضلوع في أحداث 11 سبتمبر، لم يتم إلغاؤه أوتعطيله على الأقل، للقول بأن دفة السياسة الأمريكية قد تغيرت فعلا.

خامسا- تعيين ريكس تريلسون وزيرا للخارجية، بحد ذاته لمن يعرف الرجل، رسالة بالغة الوضوح بخصوص مستقبل الخيارات الأمريكية في الشرق الأوسط، والعلاقات مع روسيا، لكن مع ذلك يبدومن المفيد التذكير برد الرجل في الثاني من هذا الشهر أثناء اعتماده بمجلس الشيوخ، على سؤال بخصوص احتمال إلغاء الاتفاقية مع إيران، فكان جوابه بالنفي معززا رؤيته بالتداعيات السلبية لمثل هذا الخيار.

سادسا- إذا كان تصريح الرئيس الأمريكي قد أعطى الأشقاء ما يبنون عليه من تخيلات بعيدة المدى، ألا تدعوهم تصريحاته المتكررة لعديد من المرات، وبشكل واضح وصريح العبارة كذلك، بأن على دول الخليج أن تدفع فواتير كلفة حمايتها للولايات المتحدة؟ ألا ينتبهون لهذا الموقف الذي أصبح لازمة في خطاب الرئيس الذي يهللون لتهديده إيران !!!.

المتابع وأهل الاختصاص، يعلمون جميعا بأن الولايات المتحدة قد قررت من بعد تجربتها المريرة مع العراق، ألا تدخل حربا بشكل مباشر، وإن اقتضت مصالحها خلق حرب، فستكون عبر وكلاء لها، هم من يقدمون العنصر البشري والكلفة المالية وليس الولايات المتحدة، ومن ينتظر عملا عسكريا أمريكيا ضد إيران فلا محالة أنه واهم جدا.

خلاصة القول: العاصفة الكلامية التي أطلقتها بشكل مفاجئ الإدارة الجديدة الأمريكية، في تصورنا تهدف لتحقيق الأهداف التالية:

1)- إبداع سبب وهمي يسوق إعلاميا، لشفط خزائن أنظمة الخليج، بذريعة كلفة حمايتها من البعبع الإيراني، هذا المسوغ لا يخدم الإدارة الأمريكية فحسب، بل يستخدمه كذلك قادة الخليج كعذر ومبرر لدفع مبالغ طائلة من خزائن شعوبهم لحامي الحمى؛ والمفارقة هنا أن القيادة الإيرانية ولأنها ترى إلحاق هذا الاستنزاف يخدم مصالحها، راحت في تناغم ملفت بإصدار تصريحات نارية مضادة ما يعطي الانطباع بأن الحرب فعلا على بعد ساعة فقط؛ تقاطع المصالح بين الخصمين يجعلهما رابحين، في حالة استجابة قادة الخليج لهذه القنابل الصوتية الفارغة، وعلى جري العادة العرب وحدهم الخاسرون في هذا السجال.

2)-  لفت أنظار الرأي العام الأمريكي والغربي عموما، عن تسليم الأمر لروسيا في الملف السوري من جهة، لكن ما هوأخطر وأهم ولا يمكن إغفاله، هولفت النظر عن الجرائم الإسرائيلية ومنها ما وقع البارحة من إقرار قانون يجيز نهب الضفة الغربية وهي مجرد بقية من فلسطين؛ لكن أدعوالقارئ هنا ليحرّك خياله ويتصور تصعيد الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران، وتصوروا تهييج الإعلام للموقف والغبار الكثيف الذي يتصاعد في شكل مخاطر جدية ستعصف بالمنطقة، وهنا يكون اصطفاف “إسرائيل” ضرورة شرعية للدفاع عن النفس بوجه المعتدي “الفارسي الشيعي”، مع استحضار مقدمات سبقت من رموز خليجية تدعولإعلان العلاقة مع كيان العدووترسيمها، في ظل مثل تلكم الأجواء ألا يكون نقل السفارة الأمريكية للقدس الشريف ومنه نقل بقية سفارات الدول اليها، واعتبارها واقعا العاصمة الأبدية لكيان العدو، ميسرا ومستترا تحت عاصفة الحرب على إيران؟ ألا ترون الاعداد لهذا السيناريووتهيئة الأجواء لهذا الحدث الخطير قائما؟

فلاح جزائري