لماذا فشلت الطبقة السياسية في تشكيل الحكومة في المغرب؟ | 28 نوفمبر

 

فيديو

لماذا فشلت الطبقة السياسية في تشكيل الحكومة في المغرب؟

خميس, 12/01/2017 - 20:59
الملك محمد السادس

مرت ثلاثة أشهر على الاستحقاقات التشريعية المغربية التي منحت لحزب العدالة والتنمية بزعامة عبد الإله ابن كيران الفوز العادي بأكثر من 20% من الأصوات، وعينه ملك المغرب محمد السادس لتشكيل الحكومة، ولم يحالفه الحظ حتى الآن في مسعاه لأسباب تنسبها مختلف التحاليل في الصحافة المغربية الى سياسة الكواليس الغامضة التي ترغب في تجريده من الصلاحيات وتتركه دمية قابلة للتلاعب السياسي.

وفي خضم حالة اللاستقرار التي يعيشها العالم العربي جراء انتفاضات شعوبه وتدخل الأيادي الخارجية، حافظ المغرب برفقة بعض دول المغرب العربي على الاستقرار، وهو ما جعله يتجاوز بآمان أعاصير الربيع العربي.

لم تتأثر الأوضاع المغربية كثيرا بغياب تشكيل الحكومة حتى الآن، فدول مثل بلجيكا بقيت منذ ثلاث سنوات بحكومة مؤقتة فقط، وجيران المغرب في الشمال الإسبان، قضوا تسعة أشهر بحكومة مؤقتة بل واضطروا الى تكرار الانتخابات، لكن دولة مثل المغرب ما زالت تبحث عن طريق الديمقراطية، سيتم تأويل غياب الحكومة بضعف المؤسسات وهشاشة استقرارها، واحتمال خطر الاحتجاجات.

الأخبار التي تنشرها الصحف المغربية خاصة الجادة منها تتحدث عن وجود مخطط يرمي الى تحويل ابن كيران الى دمية سياسية حتى ينفرد “المخزن المغربي” بصناعة القرار عبر أحزاب موالية له، وارتفعت تصريحات مدهشة من وزراء سابقين يشككون في أن الهدف هو التحكم في الاقتصاد للاغتناء والانتفاع الشخصي، وتقول تحاليل أخرى بالرغبة في استبعاد ابن كيران من رئاسة الحكومة وإن تطلب الأمر تكرار الانتخابات البرلمانية بمبرر أنه فشل في التفاوض وإقناع الأحزاب بتأييده، وبما أن المغرب ليس ديمقراطية سويسرا، أو حتى دول حديثة بالديمقراطية ولكنها صلبة مثل رومانيا، فكل التحاليل وعلى رأسها فكرة المؤامرة، تلقى صداها في الشارع المغربي.

قد يكون ابن كيران أخطأ لأنه تنازل كثيرا عن صلاحياته في الولاية السابقة للقصر وهو ما جلب له انتقادات حادة، وقد يكون أخطأ بتخليه عن أحزاب وطنية ذات تاريخ عريق خلال المفاوضات الحالية لتشكيل الحكومة المقبلة مثل حزب الاستقلال، رغم العهد الذي قطعه على نفسه بينما تشبث بأخرى تخلق له المشاكل وجعلته يحس بأنه يتعرض للإذلال حتى انفجر منذ أيام في بيانه الشهير “انتهى الكلام”، واضعا حدا للمفاوضات الحكومية وبهذا تدخل البلاد المأزق السياسي.

لكن خطأ “المخزن المغربي” سيكون أكبر لو تبين أنه يريد استعادة تلك الصلاحيات المحدودة التي فوتها لرئاسة حكومة ما بعد العمل بدستور 2011. حينئذ سيبدو للمغاربة والرأي العام الدولي أنه انحنى للعاصفة فقط عند اندلاع الربيع العربي وأنه يناور وغير جاد في الإصلاح السياسي، والانتقال نحو ديمقراطية حقيقية، وأن كل مشاريعه السياسية ومنها مقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية هو تماطل وربح للوقت، وسيخسر أمام الرأي العام الدولي.

في جريدة “رأي اليوم”، التي لها قراء عديدون من المغرب ونفتخر بمساندتهم لنا وثقتهم في أخبارنا وتحاليلنا،  نفترض وننطلق من أنه توجد نيات حسنة في التعارك السياسي حول تشكيل الحكومة، وهذا سيجعل المغاربة يجتهدون سياسيا ودستوريا  لتجاوز المأزق السياسي الحالي وبالخصوص أمام النقاش الذي يقول بتكليف الملك الحزب الثاني، الأصالة والمعاصرة، تشكيل الحكومة أو العودة مجددا لصناديق الاقتراع للحسم. فكل أزمة سياسية تقدم حلولا لتجنب تكرارها مستقبلا.

نتمنى نجاح الطبقة السياسية والحاكمة في المغرب في تشكيل الحكومة، فمعركتها الحقيقية هي ضد الفقر والتخلف الذي يعاني منه المغرب ويدفع بشباب للمغامرة في البحر للوصول الى أوروبا، وآخرون فريسة للبطالة واليأس وكم نتأسف للأخبار التي تردنا من هذا البلد الحبيب حول حرق الذات والانتحار كمظهر من مظاهر اليأس وغياب الثقة في المستقبل، وكمثال، ها هي الأخبار تطالعنا اليوم بمأساة بقيام شاب بذبح نفسه من الوريد الى الوريد في مدينة وجدة لأن السلطات صادرت بضاعته التي يسترزق منها.

نتمنى من الحكومة المقبلة الاهتمام بهذا الجانب لأن الشعب المغربي الصبور والذي يضحي ويتحمل كثيرا يستحق العيش الكريم.

رأي اليوم اللندنية