عاود نائب رئيس الجمهورية زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، طرح مشروعه القديم في تشكيل حكومة الأغلبية السياسية الشيعية، عادا إياها المخرج الوحيد للتحديات التي تعصف بالبلاد، ومحذرا في الوقت نفسه من حرب شيعية شيعية.
ودعا المالكي، في لقاء متلفز خلال استقباله، الثلاثاء، وفد عشائر الفرات الأوسط، إلى تجاوز الخلافات وترميم الجبهة الداخلية «لأن المنطقة تمر بمراحل صعبة وانعكاساتها السلبية تقع على الجميع».
وجدد المالكي الدعوة الى «تشكيل حكومة أغلبية سياسية لإنهاء المحاصصة»، مبيناً أن «المخرج الوحيد للتحديات التي تعصف بالبلاد هو عبر تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، مدعومة بأغلبية برلمانية».
وحذر العبادي من «البعض» الذين يريدون ان تكون هناك فتنة شيعية شيعية، مثل الفتنة السنية السنية التي أدت الى وجود ملايين النازحين وتدمير مدنهم، حسب ادعائه.
وطالب المالكي أبناء العشائر بـ»توحيد صفوفهم والوقوف بوجه المخططات التي تستهدف وحدته وإسقاط العملية السياسية!»، محذراً من «وجود مندسين يعبثون بأمن الدولة عبر ادعائهم بالانتماء إلى الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي من أجل تشويه صورة تلك الأجهزة بهدف زعزعة الأمن والاستقرار».
وكان المالكي، وهو زعيم حزب الدعوة الشيعي، قد طالب مرارا بتشكيل حكومة أغلبية شيعية لإدارة البلاد بدل حكومة التوافق بين القوى السياسية المختلفة السائد حاليا. ويستند المالكي في دعوته إلى الأغلبية العددية للنواب الشيعة في البرلمان لتمرير حكومة شيعية، حيث يحتل النواب الشيعة 183 مقعدا من 328، أي أكثر من نصف مقاعد البرلمان.
وقام المالكي مؤخرا بجولة في بعض المحافظات الجنوبية قوبل خلالها بتظاهرات عارمة رافضة له، اتهم إثرها التيار الصدري بالوقوف وراء تلك التظاهرات لتبرير خسارته الشارع الشيعي.
ويشير المتابعون في العاصمة العراقية إلى أن نوري المالكي، ترأس الحكومة العراقية لدورتين ولمدة ثماني سنوات، تميزت بالفشل وانتشار حيتان الفساد وتردي الخدمات وإفلاس الدولة، وشهدت فترة حكمه أسوأ مراحل الفتنة الطائفية في العراق، إضافة إلى فشله في حماية العراق من دخول تنظيم «داعش» رغم كونه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية والمسؤول عن الأجهزة الأمنية جميعها. وهو السبب الذي جعل الشارع العراقي والمرجعية الشيعية العليا، يرفضون التجديد له لولاية ثالثة، إلا انه يسعى الآن إلى إفشال حكومة حيدر العبادي، رفيقه في قيادة حزب الدعوة، ويتحرك على العشائر والميليشيات والقوى الحليفة، لكي يعيد تشكيل حكومة جديدة برئاسته بتشجيع من حليفته إيران.
من جهته، وفي موقف لافت، أعلن العبادي، أن «أي جهة عراقية تقاتل في سوريا لا تمثلنا، وأن العراق لا يريد أن يشارك في صراعات إقليمية».
وأكد العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، الذي عقده في مقر الحكومة في بغداد، عقب اجتماع لمجلس الوزراء، أن «مشاركة جهات عراقية في سوريا لا تمثلنا»، وهي مثل المقاتلين الذين يأتون من دول كثيرة للقتال في سوريا»، داعياً جميع الفصائل العراقية المنضوية تحت راية الحشد الشعبي إلى»الالتزام بسياسة الحكومة العراقية بعدم تدخل بشؤون الدول الأخرى»، ومشددا أن العراق «لا يريد الاشتراك بصراعات إقليمية».
ومعروف أن فصائل عراقية شيعية عديدة تشارك منذ سنوات، في القتال الدائر في سوريا، تحت قيادة إيرانية، إلى جانب قوات النظام السوري.
وعن تطورات معركة الموصل، أشار رئيس الوزراء العراقي إلى أن «داعش» استخدم ما يقارب 900 سيارة مفخخة، خلال عمليات معركة الموصل، ضد القوات الأمنية التي استطاعت تدميرها، مؤكداً ان قدرة «داعش» في هذا المجال بدأت تنخفض.
واعتبر العبادي أن «العراق اليوم أقوى من الفترة الماضية، بفضل التقدم الذي تحققه القوات في محاور القتال»، نافياً «توقف العمليات مثلما تتحدث بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية».
وذكر العبادي أن القوات الأمنية «تمكنت من تحرير 5600 كم مربع من المناطق حول مدينة الموصل، من مجموع 7600 كم مربع المساحة الكلية للمدينة والقرى والأراضي حولها، إلى جانب تحرير العدد الأكبر من سكان المدينة».
واشار العبادي، انه وجه « بمراجعة الخطط الأمنية في هذه العمليات لمفاجئة العدو، مؤكدا «أن القوات العراقية ستتمكن من فرض سيطرتها على أغلب المناطق بمدينة الموصل»، مبيناً أن «جميع محاور القتال في الموصل تشهد تقدماً للقوات نحو مركز الساحل الأيسر (شرق دجلة) للمدينة».
وكشف أن «طائرات القوة الجوية تعمل على قصف بعض الأهداف المحددة لتجمعات (داعش) في الساحل الأيمن لمدينة الموصل، بهدف فتح ثغرات فيها لاقتحامها».
ومن جهة أخرى، حذر رئيس الوزراء حيدر العبادي، دول العالم، من هجمات «إرهابية» قد يشنها تنظيم «داعش» في بعض الدول، داعيا إلى اليقظة، فيما أكد حرص حكومته على حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية في العراق.
وخلال المؤتمر الصحافي، أعلن العبادي عن حاجة العراق إلى «مصالحة مجتمعية»، لكن بعد تحرير المدن من «داعش».
وأشار إلى أن «المصالحة تهدف الى إعادة النسيج العراقي إلى وضعه السابق، خاصة في المناطق التي شهدت استحواذ التنظيم عليها عام 2014، مؤكدا أن «لحمة العراقيين تعود اليوم بسبب نجاحهم وصمودهم».
ويعتقد المراقبون والمتابعون للوضع العراقي، ان موقف العبادي بالتبرأ من مشاركة المليشيات الشيعية في الحرب السورية، يأتي التزاما بتعهدات الحكومة اثناء مناقشة قانون الحشد الشعبي، بجعل الفصائل الشيعية المنضوية فيه، تحت سلطة القانون والحكومة، وهو الأمر الذي ستظهر الأيام المقبلة مدى التزام الفصائل بهذه التعهدات.