تعد ظاهرة التسول من المشكلات الاجتماعية التي تنتشر في أنحاء العالم ، وتتباين نسبة من يمتهنوها من مكان إلى أخر نتيجة عوامل ومتغيرات عدة منها : الثقافية ، والإجتماعية والإقتصادية, ولا يختلف إثنان في سوء ظاهرة التسول واستجداء المال من الناس في الشوارع والأسواق ، حتى أنه إذا أردنا ننعت شخصاً بالقبح فإن كلمة (شحاذ ) متسول تفي بالغرض. ان كثيراً ممن امتهنوا التسول حقيقةً ليسوا في حاجة إلى المال ولا يعانون من العجز الصحي أو البدني وما يعوقهم عن العمل ، فئة من ضعاف النفوس سلكوا تلك الطريقة القبيحة كنوع من الكسب السريع بدون جهد اتخذوا الكثير من الخداع والدجل والتضليل حتي يستدروا عطف الناس ،وما نشاهده حاليا في الأسواق لأمر مؤسف حيث لا أعتقد أن المسألة تسول فرد أو شخص واحد فقط ، بل نجد أن هناك عائلات متسولين ، الرجال في المساجد يقفون بعد كل صلاة حاملين صكوكا أو اوراقا مصورة كثيرة ، ما إن يبدأ الإمام بالسلام حتى يسابقونا على باب المسجد في منظر مخزٍ ، يستعطفون ويتأوهون الزمن ويشكون للعباد دون رب العباد ، وينسجون قصصاً تقطع القلب وتُدمع العيون وكيف أنهم تقطعت بهم السبل ، والنساء والاطفال أيضا في الاسواق والاماكن العامة يتابعون الناس من متجر لمتجر ، يستغلون مواسم الخير فيمدون أيديهم بلا استحياء أو تعفف ، بل واصبحوا يستخدمون التقنية والتكنولوجيا مواكبة للعصر ، تردنا أنواع الرسائل سواءا على البريد الإلكتروني أو صفحات التواصل الإجتماعي كنوع من الإستجداء ، أُفضل أن أُسمية الإستجداء الإلكتروني ، إن ضعف النفس والكسل كذلك سوء التربية قد تدفع إلى هذا السلوك المشين ، كثيرا من المتسولين يمشون ويسرحون ليس بهم عجز إلا ضعف نفوسهم وعدم رغبتهم في العمل الشريف متناسين ما حثنا به الدين الإسلامي حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن يأخذ أحدكم حبله ، فيأتي الجبل ، فيجيء بحزمة من حطب على ظهره ، فيبيعها ، فيستغني بها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه .
رواه البخاري . لا شك أن التسول ظاهرة سلبية من مظاهر التخلف الاجتماعي التي تسيء للوطن والمجتمع ،واجبنا أن لا نساعد على انتشارها بعطاءاتنا لهم عشوائياً حيث أن من أراد أن يتصدق فليتثبت أو يذهب إلى الجمعيات الخيرية التي تدل على الفقراء والمساكين المتعففين ، إننا بحاجة إلى إجراء بحث شامل عن أسباب هذه الظاهرة ووضع الحلول المناسبة لها ، وتفعيل جهود الجهات المعنية بها كمكافحة التسول وإيقاضها من سباتها خصوصا هذه الأيام ، والضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي لها الدور الرئيس في الحد من هذه المشكلة ، لكي يؤهل ويوجه القادر على العمل بحيث يسهل له الطريق إليه والعاجز يساعد بطريقة حضارية ويستفاد منه بحسب قدرته ، أما ضعاف النفوس غير المحتاجين فهم مرضى ينبغي معالجتهم سلوكياً وأخلاقياً بالتوعية والتوجيه ، وردعهم بالعقاب المناسب لمن لم يلتزم بذلك ، لكي يكون مجتمعنا راقياً حضارياً