![ولد امات: ولد عبد العزيز عجز عن تمرير السيناريو رقم 1](https://28novembre.net/sites/default/files/styles/large/public/lamat.jpg?itok=7cJoFS-R)
(الأخبار): قال نائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أ.محمد ولد أمات، إن المعلومات المتوفرة لديه تفيد أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عجز عن تمرير السيناريو رقم 1 المتعلق بتمرير تعديل المأموريات الرئاسية في الدستور، مشيرا إلى أن ذلك يؤكده خطاب اختتام جلسات "الحوار الوطني الشامل".
وأضاف ولد امات في مقابلة شاملة مع صحيفة الأخبار إنفو، إن العجز كان واضحا على الرئيس" خلال خطابه المرتبك"، مؤكدا أن ما اعتبره عجز ولد عبد العزيز عن تمرير المأموريات "لا يغير قناعتنا الراسخة بأن لديه رغبات وخطط مبيتة للبقاء في السلطة، وقد يلجأ للسينارو الثاني أو الثالث بعد فشله في هذه المحاولة الأولى".
وأبدى ولد امات خشيته من مساع لدى ولد عبد العزيز بأن يكون تنفيذ مخرجات هذا الحوار بداية تنفيذ االسيناريو الثاني ببقاء الرجل في السلطة، معتبر أنه "من غير المعروف عن الرجل سعيه لزيادة صلاحيات غيره".
وهذا نص المقابلة:
الأخبار إنفو: لنبدأ من آخر التطورات السياسية، الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أعلن في آخر خطاب له في اختتام الحوار أن موضوع المأمورية الثالثة قد طوي بشكل نهائي، كيف ترون في حزب التكتل هذا الموضوع؟ وما موقفكم منه بكل صراحة؟
ولد لمات: بداية أشكر "الأخبار إنفو"، على تعاطيها مع الشأن العام، ومهنيتها، وعلى إتاحة هذه الفرصة لي.
وقبل أن أبدأ المقابلة، أريد – ومن خلال منبركم – أن أوجه نداء عاجلا وجديا باسم حزب تكتل القوى الديمقراطية إلى كل مناضلي ومناضلات التكتل، وإلى كل مناصري ومناصرات التكتل، وإلى كل سكان نواكشوط، وكل المواطنين الشرفاء بأن يشاركوا وبقوة وفعالية في المسيرة التي ستنظم يوم 29 أكتوبر، يوم السبت القادم ضد التلاعب بالدستور، وضد المؤامرة التي يقودها هذا النظام ضد بلده وضد وطنه، وضده وحدته واستقراره.
وفيما يتعلق بالسؤال، أود أن أنبه إلى أن محمد ولد عبد العزيز وحتى هذه اللحظة لم يعلن بصراحة أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، إطلاقا، لا في تصريحه للصحيفة الإسبانية، ولا في تصريحه للصحيفة الإفريقية، ولا في حديثه في قصر المؤتمرات.
ما صرح به، أنه لا ينوي تعديل المواد الدستورية المحصنة، لكن عبارة أنه "لن يترشح لمأمورية ثالثة"، لم يصرح بها، وندعوه للتصريح بها، وربما يتحاشى ذلك عن قصد.
نحن بالنسبة لنا، هذا الخطاب لا يغير من الواقع شيئا، وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، وما يؤكده الخطاب فإن ولد عبد العزيز عجز عن تمرير السيناريو رقم (1)، والعجز كان واضحا عليه خلال خطابه المرتبك، فقد عجز بشكل واضح عن تمرير المأموريات، هذا العجز لا يغير قناعتنا الراسخة بأن لديه رغبات وخطط مبيتة للبقاء في السلطة، وقد يلجأ للسينارو الثاني أو الثالث بعد فشله في هذه المحاولة الأولى.
والمخرجات التي شاهدناها وكذا الخطاب يفتحان الباب على مصراعيه لكل ما يمكن أن يصب في تنفيذ أجندته الخاصة، فوثيقة المخرجات لم تحدد ولم توثق التغييرات الدستورية، والصلاحيات التي منحها للرئيس تؤكد أن الرجل يشرع لنفسه، فمن غير المعروف عن الرجل سعيه لزيادة صلاحيات غيره.
وبالتالي نخشى أن يكون تنفيذ مخرجات هذا الحوار بداية تنفيذ االسيناريو الثاني ببقاء الرجل في السلطة.
الأخبار إنفو: لماذا تصرون على التشكيك في نواياه، في حين أنه أعلن أن ملف المأمورية الثالثة طوي بشكل نهائي؟
ولد لمات: طبعا، بالنسبة لنا، نحن لدينا تجربة – بل لدى الجميع تجارب – بعد وفاء الرجل بالتزاماته وعهوده، وأكبر دليل على ذلك كونه أقسم بالقرآن على الدستور، ومع ذلك تم طرح المأمورية الثالثة أكثر من مرة من طرف مقربين منه حتى لا أقول مأمورين، بل إن خطابه لم يذكر بهذا القسم، ولم يعتبر عدم ترشحه تحصيل حاصل كما أقسم سابقا، بل اعتبره منة منه، وتبجح بتاريخه في الانقلاب على الدساتير، ومن يفخر بتاريخه الانقلابي لا يمكن أن يؤتمن على الدساتير.
لو كان الرئيس صريحا وصادقا مع ذاته وشعبه، لقال: (لقد حاولت، لكنني عجزت، وسأعود وأحاول مرة، وربما مرات).
الأخبار إنفو: لكنه أكد في خطابه أن لا شيء يمنعه من تعديل الدستور لو أراد ذلك، فهو قد ألغى الدستور قبل وغيره، لكن الآن لا يرى في ذلك مصلحة لموريتانيا فما الذي منعه؟
ولد لمات: واضح جدا أن قوة التيار الرافض هي التي منعته من هذه النزوة الشخصية، وهو التيار الذي عصف بعالي عبد الله صالح في اليمن، وببليز كومباوري في بوركينا فاسو، وهو التيار الذي عصف بكل من حاول التلاعب بالدساتير.
هذا التيار الوطني المتشكل من المواطنين الموريتانيين الغيورين على بلدهم، والرافضين لتعريضه للمخاطر، الواعين بمسؤولياتهم تجاه وطنهم، والمطلعين على فساد هذا النظام وما يبيته من نوايا خبيثة، وقفوا أمامه اليوم وسيقفون أمامه مرة أخرى إن حاول، لكنه لن يقبل التنازل إلا إذا كان مخلوعا – للأسف الشديد –.
وقد نبهت مرة سابقة أن الأفضل له أن يكون رئيسا سابقا، وأن يغادر بطريقة محترمة، كما أشار لذلك الرئيس أحمد ولد داداه في خطابه في مهرجان الصمود يوم 24 فبراير الماضي، قبل أن يكون رئيسا مخلوعا، فحتمية زواله محسومة بالنسبة لنا، وعليه أن يختار إحدى الطريقين، وحرصنا على الوطن، ومحبتنا له تجعلنا نختار له الطريق الأول.
أما إذا استمر في هذه المراوغات، وأعاد الكرة بعد فشله الآن، وحاول مرة أخرى، مهما كان نوعها، سواء كانت عن طريق التوريث، أو عن طريق الاستخلاف، أو عن طريق عودته من جديد، كل هذا سيؤدي به إلى أن يكون رئيسا مخلوعا، وعواقب ذلك وخيمة على البلد، ورأس النظام وحده من يمتلك تحديد مصيره، فالشعب الموريتاني شعب كريم ومتسامح، ورغم ما أذاقه رؤساء سابقون من قمع وتنكيل فقد كان متسامحا معهم، وبكل بساطة إذا مد هذا النظام يده للقوى السياسية، وللفاعلين السياسيين، وللمعارضين الحقيقيين الجادين – وكلهم إن شاء الله معارضون حقيقيون وجادون – وللشعب الموريتاني سيجد مخرجا مشرفا له.
الأخبار إنفو: وهل يعني هذا دعوتكم لإطلاق حوار جديد؟
ولد لمات: نحن ندعو لأن يكون الرئيس جادا في أفعاله، صادقا في أقواله، عادلا في أفعاله، سليما في نواياه، هذا ما ندعو إليه، وبعدها لا شيء مستبعد.
نحن حزب سياسي مدني ديمقراطي، والحوار عندنا هو الأسلوب الأمثل، بل الوحيد لحل كل المشاكل، لكن الحوار لا بد أن يكون جادا وشاملا وصريحا وصادقا، ويكون أصحابه صادقين، وأن يكون من أجل غايات محددة، لأن الحوار ليس غاية في حد ذاته.
ونحن مهدنا لهذا بوثيقة أطلقنا عليها الممهدات، وسلمناها للسلطات عن طريق وفد كبير من المنتدى سلمها للوزير الأمين العام للرئاسة، فيها أمور واضحة وبسيطة، وطلبنا تنفيذ هذه الممهدات، والتي لا يوجد فيها ما يحتاج إلى حوار، فهي كلها يمليها الدستور، والقانون، والأخلاق، وسأذكر لكم ثلاثة أمثلة منها:
تصريح الرئيس بممتلكاته: وهذا نص قانون صريح لا غبار عليه، ولكنه يرفض تطبيقه.
الأخبار إنفو مقاطعا: ولكنه صرح بذلك أمام المحكمة العليا؟
ولد لمات: لا، هو لا يصرح أمام المحكمة العليا، هو تصريحه ينشر كما في القانون، هو ليس مثل الموظفين الآخرين، رئيس الجمهورية ينشر تصريحه بممتلكاته هو وذويه القاصرين، ينشر للعموم، هذا النشر لم يتم إلى الآن، وهو أجاب على ذلك في تعليق سابق بأن لديه فتوى من رئيس المحكمة العليا، هذا لا أساس له، ولا مبرر له، نص القانون لا يمكن أن يلغى بفتوى.
رئيس المحكمة العليا – مع احترامي لرؤساء المحاكم العليا – لا يمكن أن يلغوا القانون بفتوى، ولا أن يوقفه، ولا أن يمنحوه معنى آخر، خصوصا وأن النص صريح جدا.
أما الشرطين الآخرين؛ فأن يعلن بشكل صريح أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة ـ وهو ما زلنا ننتظره كما قلت لكم ـ وسيغادر الحكم مع نهاية مأموريته الحالية، وهذا ما يمليه الدستور، ولا يحتاج إلى حوار ولا إلى مخرجات حوار، لأن الأمور المنصوصة في الدستور يجب أن تنفذ دون الحاجة لأي شيء آخر.
وإذا كان النظام يرفض تطبيق الدستور، وتطبيق القانون الصريح، وهي مواثيق أقسم عليها، ومن صميم مهام أي نظام احترام الدساتير وتطبيق القانون، وإذا رفض ذلك فكيف يمكن أن نثق فيه، وفي أقواله وحواراته.
الموضوع الثالث هو موضوع المحروقات، والتي انخفضت أسعارها عالميا بالثلثين، وتم تخفيض أسعارها في العالم وفي الدول من حولنا، في السنغال خفضوا أسعارها مرتين، وكذا في المغرب وفي مالي، لكن هذا النظام يمانع في تخفيض أسعارها، وهذا إهلاك للمواطنين.
وكان من حق المواطنين الموريتانيين أن يستفيدوا من الرخاء العالمي، في وقت يمنعهم هو من الاستفادة من الرخاء الوطني، لكن الرخاء العالمي والذي لا دور له فيه، وليس من إنجازاته ولا من كسبه، عليه أن يترك المواطنين يستفيدون منه كما استفاد منه كل سكان العالم. فهذا أمر لا مبرر له على الإطلاق.
وهذه النقاط كلها أمور بسيطة، أردنا من خلالها أن نعرف هل هذا الرئيس جاد، وهل هو وطني وصادق فيما يقول، وهل هو على استعداد لتطبيق القوانين الموجودة لديه حتى نشرع معه في تحسينات أخرى.
الأخبار إنفو: لكن الدستور الحالي لا يحرمه هو فقط من الترشح، وإنما يحرم شخصيات أخرى من بينها رئيس حزب التكتل أحمد ولد داداه، لماذا تصرون على رفض أي تعديل له؟
ولد لمات: من يريد أن يقيس وطنية أحمد ولد داداه، أو طموح أحمد ولد داداه للوطن، أو حرصه على موريتانيا بمنفعة خاصة فهو غالط.
فعلا، لكم الحق في أن تطرحوا هذا السؤال، لأن هذا هو التفكير السائد لدى النظام، وقد ظهر في خطابه الأخير في قصر المؤتمرات، فالأمور كلها عنده شخصية، وتقاس بالأشخاص الذين سيستفيدون منها، وهذه ستفيد زيدا أو عمروا، ولا أريد أن يستفيد أحد ما لم أستفد أنا أيضا، ويربط استفادته الشخصية باستفادة آخرين.
فمن أشهد الشعب على انقلاب على الدستور بسبب ردة فعل على قرار استهدفه شخصيا هو رأس النظام الحالي، ومن يسعى لتعديل الدستور من أجل الاستفادة الشخصية هو رأس النظام الحالي.
عقلية أسلفني على أن أسلفك (خليلي المأمورية انخليلك السن) عقلية – للأسف الشديد – منحطة، ولا تضع في الاعتبار روح المواطنة الموجود عند بعض الناس، بل عند أغلب الناس، والحرص على مصلحة موريتانيا، وأجيالها القادمة، وسعيهم لذلك من أجل الآخرين بغض النظر عمن كان رئيسا، أو من تولى قيادتها. هذه هي حقيقة الأمر لمن يبحث عن الحقيقة.
هذه المعطيات الدستورية التي صودق عليها في العام 2006 كانت واضحة لأحمد ولد داداه، وواضحة لحزب التكتل، وعلى اطلاع بكل تفاصيلها، لكنها لم تعرقل عمله السياسي، ولن تعرقل حرصه على موريتانيا، ولا حرصه على الوطن، ولا حرصه على التقدم لكل الاستحقاقات الجدية التي تكون فيها مصلحة موريتانيا، والتي تخدم موريتانيا، بغض النظر عمن سيتقدم وعن نوعية الاستحقاق.
المهم أن حرمان زيد أو عمرو لا يغير من التكتل شيئا، لأن زيدا أو عمروا قد يحرمه ملك الموت، وقد يعوقه أي عائق، لكن هذا لا يغير من عطائه، وفي الحديث: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.."، نحن نعمل فقط، لا أحد منا اليوم يستطيع أن يضمن أنه سيصل الاستحقاقات القادمة، أو نهاية المأمورية، وبالتالي فنحن نعمل على أساس إنجاز أقصى ما نستطيعه لهذا الشعب اليوم قبل الغد.
الأخبار إنفو: بعبارة أخرى، في العام القادم سيكون رئيس التكتل أحمد ولد داداه – وهو أحد أبرز الشخصيات السياسية الموريتانية – سيكون بحكم الدستور غير معني بالسباق الرئاسي، هل فكر التكتل في طريقة لملأ هذا الفراغ الذي سيتركه خروج أحمد من السباق الرئاسي؟
ولد لمات: هناك معطيين، أو منحيين لا بد من الإشارة إليهما.
المعطى الأول: أن حزب التكتل ونضال التكتل وعطاء التكتل مستمر بديمومة، ولا انقطاع فيه ولا فراغ، بغض النظر عن كل الاستحقاقات على إطلاقها، وبالتالي لا يوجد فراغ لدينا، إذا تعرض أحدنا لإعاقة صحية، أو عمرية، أو غير ذلك تمنعه من استحقاق معين، أو تحجزه عن مكان معين، هذا لا يغير شيئا في نضال التكتل، وفي خط التكتل، وفي الأمانة التي يحملها التكتل وقادته على عواتقهم من أجل مصلحة موريتانيا.
المعطى الثاني: ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا، هو أننا في حالة غير طبيعية، وما ذكرتموه في سؤالكم يتم في الظروف الطبيعية، ونحن واكبناه بشكل طبيعي في 2006، ولكن منذ 2007، وما أكده انقلاب 2008 لم نعد في وضع طبيعي، أصبحنا في وضع لا يحكمه دستور، ولا قانون، ولا معطى ديمقراطي، ولا أي معيار منضبط، وبالتالي أصبحنا في وضعية استثنائية، لا يمكن أن تغيب عن أذهاننا.
هذه الوضعية الاستثنائية التي وضعنا فيها النظام الحالي، المعطيات الدستورية العادية لا تحكمها، والمعطيات الديمقراطية لا تحكمها، والمعطيات العرفية لا تحكمها، وضعية خاصة جدا، ولا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار.
الأخبار إنفو: اتهمكم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في رده على الوثيقة التي أصدرتموها بأن تلقيتم تمويلات من رجل الأعمال المقيم في الخارج محمد ولد بوعماتو، بل وصفه بالممول الرئيس لكم، ما طبيعة علاقة حزب التكتل برجل الأعمال محمد ولد بوعماتو؟
ولد لمات: محمد ولد بوعماتو كنت أسمع عنه كما يسمع عنه كل الموريتانيين، ليس مناضلا في حزب التكتل، وأنا شخصيا ليس لي احتكاك كبير به، أعرفه عن بعد كما أعرف كل رجال الأعمال الموريتانيين، وبعد مغادرته إلى الخارج لم ألتقه.
ما أستطيع تأكيده أنه ليس مناضلا في التكتل، وتعاطي التكتل مع مناضليه ليس منطبقا عليه، وبالتالي أنا من أتعاطى معهم إما أن يكونوا مناضلين في التكتل، أو في إطار علاقاتي الخاصة
الأخبار إنفو: وقضية أنه هو الممول الرئيس للحزب؟
ولد لمات: لا علم لي بها، والواقع لا يثبته، فالحزب منذ تأسيسه، وقبله حزب اتحاد القوى الديمقراطية – عهد جديد قبل ربع قرن من الزمن، يعتمد على تمويلاته الذاتية والخاصة، من رجال أعمال وخيرين وشرفاء، ومن معلمين، وتجار، ومحامين، وغيرهم، وإذا كان في مرحلة من المراحل قد ساعدته أو تساعده شخصيات معتبرة فلديهم الحق في التكتم على أنفسهم لأن الأنظمة كانت ولا زالت تصارع وتقارع وتنكل بكل من ظهر أنه يعارضه، وعليه فلا يمكن أن تجد خلال ربع القرن الأخير أحد رجال الأعمال يقر بأنه كان معارضا، أو أنه ساعد المعارضة، أو أنه ساهم في مهرجان أو مسيرة أو حملة معارضة إطلاقا، لأنه يدرك ما ستفعله به الأنظمة العسكرية الحاكمة منذ ذلك الوقت إلى الآن.
وبالتالي من حقهم أن يتكتموا على أنفسهم، وأن يحتاطوا لها، ومن حقنا كحزب أن نطلب من جميع الموريتانيين بكل أطيافهم وألوانهم، كل من ينتمي أو يناصر تكتل القوى الديمقراطية أن يشارك في مهرجاناته وأنشطته، وأن يساعد التكتل في حملة انتساب وتنصيب هياكله الجارية حاليا، والتي تحتاج المساعدة المالية والبشرية، وأن ينضم لهم، وينصهر في تكتل القوى الديمقراطية.
الجديد هنا، والذي كان ينبغي أن يكون محل سؤالكم، هو أسلوب النظام المنبطح، فنحن – كما ذكرت لك – نقارع الأنظمة العسكرية منذ ربع قرن، وننظم المهرجانات والمسيرات الكبيرة، ونجمع التمويلات الضخمة على مناضلينا، ولم يسبق لأي نظام أن وصل درجة من الانبطاح والسفالة والعجز والفشل لأن يقول إن مشكلتي معكم هي أنكم يمولكم زيد أو عمرو..
الجديد في الموضوع هو أسلوب النظام، وهو أسلوب ينم عن عجز وفشل، وعدم وجود حجة، فنحن أنجزنا وثيقة من إعدادنا وإنجازنا، وتفكيرنا، ومبادرتنا، وليست هي أول وثيقة نعدها، بل سبق وأن أعددنا وثيقة أدت بالبنك الدولي إلى فتح تحقيق كشف الكثير من الفضائح في البنك المركزي الموريتاني أيام ولد الطايع، كما أنجزنا وثائق أخرى في عهود أخرى، وأنجزنا ثلاث وثائق بعد عهد معاوية، وهذه هي الوثيقة الرابعة.
والواضح أن وقعها عليهم كان مؤلما بسبب ما حملته من الحقائق الدامغة، ولأنهم لم يجدوا طريقا للرد عليها، أو مبرر عن ما حملته في طياتها، فوقفوا أمامها عاجزين أمام الرأي العام، وقد كان من أسباب تعجيل الحوار سعي النظام للتغطية على وثيقة التكتل، وللتغطية على المآسي التي كشفتها الوثيقة.
وبدل أن يردوا على الوثيقة بمعطيات وأرقام، وبالأسلوب الذي أعدت به، عمدوا إلى الهروب إلى الأمام، وبدؤوا الحديث عن تمويل فلان أو علان للحزب، هل هذا يغير من واقع الوثيقة شيئا؟ أنتم أفسدتم كذا.. وأفسدتم كذا؟ أجيبوا على هذه الموضوعات.
الأخبار إنفو: لكن، واقعيا، يجري الحديث عن تمويل رجل الأعمال ولد بوعماتو للمعارضة عموما، ولحزب التكتل تحديدا، وهناك من يربط بين موقفكم الذي يصفه بـ"الراديكالي" وبين تقاربكم مع ولد بوعماتو، كيف ترون هذا الموضوع؟
ولد لمات: أنا لن أتحدث نيابة عن الآخرين، كما أنني لم أحكم بناء على أحاديثهم، ووصفنا بالراديكالية أو غيرها لا يعنينا، لأن ما يحرك بوصلتنا هي المصلحة الوطنية، وكما قلت فهذا النوع من الدعايات ليس جديدا، لكنه يشتد مع شدة الفساد والانحراف.
والمرحلة التي وصلها النظام الحالي من الانحراف ومن الانزلاقات ومن المخاطر التي أضحت نذرها قائمة، لا يمكن إلا أن تدفعنا لأن نبذل كل جهودنا بما يناسب المقام، ويواجه المخاطر.
لا يمكن أن أنكر وجود معارضة في الخارج حقيقية، وقوية، ولها عدة أقطاب، وليس مجرد محمد ولد بوعماتو، وربما لم يتمكنوا من المعارضة من الداخل أو فضلوا المعارضة من الخارج وهذا حقهم، وهي قضية وقعت لكل الأنظمة.
نظام ولد الطايع كانت لديه معارضة قوية في الخارج، والنظام الحالي لديه معارضة قوية في الخارج، وقد أشار الإعلام إلى تشابه بين الوضع الحالي وفترة نهاية ولد الطايع، وهذه حقيقة، لأنه حين يشتد الوضع، فإن جميع المواطنين الغيورين على الوطن سيهبوا لإنقاذه، وسيهبوا في الداخل وفي الخارج، ويمكن أن تكون هبة أهل الخارج أقوى، كما أن المجال لديهم أوسع.
الأخبار إنفو: يقال إن تجربتكم في حزب التكتل مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز جعلت معركتكم معه "صفرية"، بمعنى أنكم لن تدخلوا معه في أي لعبة أو حوار، وهذا ما أدى لرفضكم كل اللقاءات معه، أو محاولات تقريب وجهات النظر، ولكنكم ترفضون إعلان هذا الموقف بشكل رسمي؟
ولد لمات: هناك فرق بين معرفة بالحقائق التي نعبر عنها من حين لآخر، وبين نهجنا في العمل السياسي.
أنا قلت لكم قبل قليل إنني متأكد – وكذلك حزب التكتل – أن هذا النظام ليس نظاما حواريا، وأن لديه أجندة خاصة يريد تمريرها، وقد أوضحنا هذه القضية أكثر من مرة، وتأتي المؤشرات والقرائن لتثبته وتؤكده.
وهناك فرق بين المعرفة الحقيقية التي نعبر عنها كل حين بمعرفتنا لحقيقة هذا النظام، ولحقيقة رأسه، وبين نهجنا، وما لا بد أن يقع، وإذا لم نقم نحن به فسيقوم به غيرنا، نحن لا بد أن نجد حوارا وطنيا ديمقراطيا جادا يخرج البلاد من أزمتها، وإذا لم يقم به ولد عبد العزيز فسيقوم به غيره بعد انزياحه هو.
وهذا قلنا وكررناه، ولا نخفيه.
هذا النهج الذي يتبعه محمد ولد عبد العزيز لا يمكن أن يستمر إطلاقا، ولا بد أن يقوم بانقلاب على نفسه، وعلى نظامه، ويغير من عقله ومن أسلوبه، ومن تعاطيه مع الشأن الوطني، ويتفضل لإجراء حوار سياسي يخرج البلاد من أزمتها، ويدخلها مرحلة أخرى، أو يعرف أنه إذ استمر في هذا المسار فسيخلعه الشعب الموريتاني، ويصبح الرئيس المخلوع، والشعب الموريتاني قادر على خلعه.
الأخبار إنفو: في موضوع ولد بوعماتو دائما، هناك من يقول إن ولد بوعماتو يستثمر الآن في حزب التكتل من أجل أن يكون مرشحه للرئاسيات في 2019 أو ينال دعمه، هل يمكن أن تنفوا الآن ترشيح التكتل لولد بوعماتو 2019؟
ولد لمات: (يضحك)، أريد أن أرى هذا الاستثمار أو ألمسه، أطالب من يتحدثون عن هذا الاستثمار أن يدلونا عليه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى هذا لم يصل درجة يستحق معها النفي أو الإثبات، لا يستحق أن ينفى، لأنه في الحقيقة أمر غريب، نفيه تحصيل حاصل.
نحن حزب سياسي له نصوصه وهيئاته، وطرحه السياسي، وله برامجه، ويتعاطى مع الشأن العام بكل وضوح وصراحة، وحين يقترب الاستحقاق ويكون مشاركا فيه سيجتمع ويعلن لكم عن مرشحه، ويخبركم بمن تقدم للترشح من مناضليه.
أما التكهنات بترشيح فلان أو علان فلا تصل عندي مستوى أن أعلق عليها نفيا أو إثباتا، لأنه لا علاقة للحزب بها.
أما قضية الترشح والترشيح فنحن ليست لدينا – لله الحمد – أزمة أشخاص.
الأخبار إنفو: عدتم في الفترة الأخيرة إلى التنسيق مع منتدى المعارضة بعد فترة من التباعد بينكما، ما مبررات هذا التقارب الجديد؟
ولد لمات: نحن من المؤسسين الفاعلين في المنتدى، ومن واضعي اللبنات الأولى له، ولنهجه.
في مرحلة من المراحل وقع خلاف داخل المنتدى، رأت بعض مكونات المنتدى أن تقوم بتكتيك معين، في حين رأت أحزاب أخرى أن تقوم بتكتيك مغاير، ووقع انفصال في هذا المواقف.
الأهداف والعامة، والبرنامج العام لم يتغير فيه شيء بالنسبة للمكونات الأساسية للمنتدى، ما وقع أصنفه بأنه خلاف في التكتيك، والأيام القادمة يمكن أن توضح ما هو أكثر من هذا، ورغم ذلك فحتى الآن ما ظهر أنه خلاف بيننا والمنتدى هو تكتيك، فهو اختار تكتيك ومناورة تقتضي اللقاء بالحكومة، ونحن رأينا أن نتخذ تكتيكا ومناورة تتشبث بالموقف الإجماعي الذي اتخذناه في المنتدى ككل، ونتمسك بالممهدات، ولا نمنح النظام فرصة جديدة للتنفس بنا، أو يقطع بنا مرحلة أخرى.
وبعد ذلك بينت الوقائع والأحوال والأحداث والقرائن حقيقة ما حدث، والرأي العام سيحكم أينا كان على صواب، وأينا كان صادقا معه، أما أنا فلن أحدده.
وقد التقينا اليوم على أرضية تجمعنا، كما جمعتنا من قبل، وهي الوقوف ضد التلاعب بمصالح موريتانيا العليا، وضد تدميرها، وضد تمزيقها، والبطش بمقدساتها وثوابتها، والتي نظم ولد عبد العزيز من أجل مسرحية في قصر المؤتمرات.
التقينا على هذه الأرضية التي تجمعنا نحن والمنتدى، بل وتجمع نحن وكل الأحزاب وكل الأحزاب الأخرى (إيناد، والصواب، وعدة شخصيات) وكل من يؤمن بهذه الفكرة، فنحن معه على أرضية واحدة، وسننق معه، وقد صرحنا بذلك في أول اللحظات اختتام المسرحية، ووجهنا نداء لتكوين جبهة عريضة من أجل الوقوف في وجه التلاعب الذي سيقوم به النظام من خلال هذه المسرحية.
هذه هي الأرضية التي جمعتنا مع المنتدى من جديد، وسندعم المسيرة التي قررها المنتدى يوم 29 أكتوبر، التكتل وإيناد – الذي يتوحد معنا في التوجه – سيدعمان بكل قوة هذه المسيرة، وهو موضوع النداء الذي وجهته من أجل أن تكون مسيرة ناجحة، وأن تعطي النتائج المرجوة منها، وأن تساعد في الوقوف أمام المؤامرات التي يحيكها النظام، وستتبعها نشاطات أخرى ننسقها، ونأمل أن ينسقها المنتدى معنا، لأن الأرضية التي تجمعنا ما زالت قائمة.
الأخبار إنفو: وكيف تتصورون في حزب التكتل حل ما تصفوه بالأزمة السياسية القائمة في البلاد؟
ولد لمات: نريد بشكل محدد من النظام أن يعرف بأنه فشل – يعترف أو لا يعترف بها لا يهم – ونتيجة لفشله، ورفضه من قبل القوى السياسية في البلاد، فإن عليه أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بأن يتنحى عن السلطة.
والتنحي عن السلطة نوعان:
تنحي اتفاقي: يتفق عليها الجميع، وينسقه مع الأطراف الأخرى، ويتم التمهيد له، ويضمن له ما يستحقه، وهذا هو ما نصبوا إليه، وهو ما أشار إليه الرئيس أحمد في خطابه في مهرجان فبراير الماضي، ولا يمكن أن أحدد له فترة محددة، ولا برنامجا محددا، وإنما أؤكد أنها هي الفكرة الأساسية التي ندعو لها.
هناك تنحي آخر، وهو ترحيل قسري للأسف الشديد، وهذا يمكن أن يقع في أي لحظة، ويمكن أن يكون نتيجة للمسيرة التي ستقع يوم 29 أكتوبر، ويمكن أن يكون نتيجة لمسيرة أو تظاهرة أخرى..
وهذا النوع من التنحي لا نريده، لأنه يعرض الكثير من المصالح للمخاطر، ونفضل أن لا يوصل النظام للبلاد لذلك الوضع، وأن لا يوصل الشعب الموريتاني لوضع يفرضه عليه.
الأخبار إنفو: لماذا التنسيق بين الأطراف المعارضة دائما قصير النفس والمدة، ويكون حول مسيرة أو تظاهرة بدل الاتفاق والتنسيق على برنامج طويل الأمد حول مستقبل البلاد ما بعد 2019؟
ولد لمات: نحن بالنسبة للمنتدى لدينا طرح – يمكن أن يكون لم يتبلور بعد – ورغم الخلاف الذي وقع بيننا كانت هناك لجان قائمة للتفكير في إستراتجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد.
والآن وقد جمعتنا أرضية موحدة من جديد، مع قناعة لدى الجميع بأننا يجب أن نظل على أرضية واحدة، وكذا يأس زملائها في المنتدى من النظام، فقد عدنا من جديد للتنسيق في هذا المجال، وهناك لجنة ستفكر في إعداد هذه الإستراتجيات في هذا المجال.
وفي الحقيقة إذا ظل هذا الوضع قائما، وصدقت النيات واتحدت الأهداف، فإن اختلاف الأساليب لن يؤثر، لأن الاختلاف في الأساليب غير مؤثر في ظل اتحاد الغايات والأهداف، وسيظل السير في اتجاه واحد.
أما إذا اختلفت الغايات والأهداف فحينها سيكون لاختلاف الأساليب تأثيرها، وبالتالي فنحن حتى الآن نرى أن الاختلاف في الساحة المعارضة هو اختلاف في الأساليب وليس في الأهداف أو الغايات.
الأخبار إنفو: هل ترون أن بإمكان المعارضة الاتفاق على مرشح موحد في الانتخابات الرئاسية القادمة 2019؟
ولد لمات: المهم، وما يجب أن نفكر فيه، هو أن توجد أرضية ومناخ يمكن أن تجرى فيها انتخابات شفافة ونزيهة، وليبلغ المترشحين – حينها – مليون مترشح، حين تجرى انتخابات شفافة ونزيهة، وآلياتها محترمة لا يهم حينها عدد المترشحين، حتى ولو كان المترشحين من المعارضة 100 مترشح، الأهم أن يكون من أبناء موريتانيا وتتوفر فيه المعايير.
والشرط الوحيد الذي لن نقبل بغير هو أن تكون الظروف التي ستجرى فيها الانتخابات ليست ظروف انتخابات 1992، ولا ظروف انتخابات 1997، ولا ظروف انتخابات 2003، ولا ظروف انتخابات 2007، ولا ظروف انتخابات 2009، ولا انتخابات 2014..
الأخبار إنفو: حتى ولو كانت ظروف انتخابات 2007؟
ولد لمات: حتى ولو كانت ظروف 2007، لأن انتخابات 2007 هي القشة التي قسمت ظهر البعير، والخطأ الفادح والكبير والخطير على موريتانيا هو انتخابات 2007، ولولا ما وقع 2007 لكنا تخلصنا من العسكر إلى النهاية، لأنها كانت فرصتنا للتخلص من النظام العسكري، ومن الأنظمة الاستبدادية التي ما تزال تحكمنا إلى اليوم.
وفرصتنا الوحيدة كانت اتفاق ابروكسل، أن نحترمه وننفذه، ولكن للأسف اتفاق ابروكسل تم النكول والتراجع عنه، ورشح العسكر مرشحهم، وبقي مرشحهم حتى قاموا بإزالته، وهذه كارثة كبيرة.
إذا فانتخابات 2007 لم تكن سليمة، والأطراف كلها اعترفت أن العسكر كان لديهم مرشحهم، بل وفرضوا مرشحهم، ولو لم يقع ذلك ونجح أي كان دون دعم العسكر لسرنا خلف من جاء بأصوات الموريتانيين.
الأخبار إنفو: عايشتم المعارضة خلال العقدين الماضيين، كيف تقارنون بين وضعيتها الآن ووضعيتها خلال العقدين الماضيين؟ وهل هي أقوى الآن أم أضعف؟
ولد لمات: على كل حال، ما أعرفه أن الوضع الذي يدعوا للمعارضة أسوء الآن من الماضي، والمخاطر التي تدفع للمعارضة أكثر توفرا الآن، أكثر تهديد الوحدة الآن من أي وقت مضى، أكثر مخاطر الانزلاق التي تشرف عليها موريتانيا الآن من أي وقت مضى.
وبالتالي على المعارضة أن تكون أقوى الآن وأشد لحمة، وأكثر جدية وحزما من أي وقت مضى، وأعتقد أن المعارضة اليوم – دون مقارنتها بأي معارضة أخرى – جيدة، ونوعية، ومتكاملة، وقوية، وأغلبية الشعب الموريتاني، وكذا أغلبية النخبة الموريتانية.
وما ينقصهم هو أن يتخلوا عن الكسل، وأن يتحركوا بجدية، ويدركوا أن النظام الحالي لا أمل فيه ولا إصلاح يرجى منه، وذلك من أجل نتقدم جميعا لتغييره.
نقلا عن موقع وكالة الأخبار المستقلة