أعلنت "منظمة أطباء العالم" عن مغادرة طواقمها الطبية اليمن بسبب كثافة الغارات، التي تشنها الطائرات السعودية. جاء ذلك بعد أسابيع على إعلان منظمة "أطباء بلا حدود" عن وقف أعمالها للسبب نفسه.
وقالت المنظمة الخاضعة للقانون الفرنسي، والتي تهتم بتقديم الخدمات والمساعدات على أساس مهني إلى السكان المعرضين للخط، إن الغارات المكثفة لطائرات التحالف الذي تقوده السعودية جعلت الاستمرار في تقديم الخدمات للسكان شبه مستحيل.
وذكرت المنظمة في بيان صدر عنها أن «المعارك اشتدت والغارات الجوية في اليمن تكثفت منذ توقف مفاوضات السلام في 6 أغسطس/ آب الماضي؛ ما جعل الأنشطة الإنسانية شبه مستحيلة. وهو ما دفعها إلى سحب طواقمها الموجودة في صنعاء؛ داعية الأسرة الدولية إلى التحرك لوقف القصف وتوفير إمكانية الوصول إلى السكان من دون عوائق.
مدير العمليات الدولية في المنظمة جان فرنسوا كورتي أوضح أن «80 في المئة من السكان يحتاجون إلى مساعدات عاجلة. وأن قرابة 25% من المراكز الصحية مدمرة ولم تعد صالحة. كما أن قرابة نصف السكان في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وحث كورتي على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية والوصول إلى الجرحى بموجب القانون الإنساني الدولي.
وتشكل هذه الخطوة تحديا إضافيا للتحالف الذي يدعم الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض، والذي يحاول التخفيف من وقع الانتقادات والضغوط الدولية عليه بعد استهدافه البنى التحتية والمنشآت الصحية، حيث اتهمته الأمم المتحدة بالتسبب في وقوع ستين في المئة من الضحايا المدنيين خلال الحرب المتواصلة منذ ما يزيد على عام ونصف العام.
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تعد أكبر منظمة تعمل في القطاع الصحي في مناطق الصراع في اليمن، قد أعلنت عن إجلاء موظفيها من 6 مستشفيات تديرها في شمال اليمن، وذلك بعد أن استهدفت غارات للتحالف الذي تقوده السعودية مستشفى عبس التابع للمنظمة؛ ما أسفر عن مقتل 19 شخصا. وهي الغارة الرابعة التي تستهدف منشآت طبية تديرها المنظمة.
وقالت المنظمة المذكورة إن المستشفيات التي تديرها في محافظتي صعدة وحجة غير آمنة سواء للمرضى أو العاملين، وذلك بعد استهدافها بأكثر من غارة رغم أنها توزع على طرفي النزاع في اليمن صور الأقمار الصناعية لمنشآتها.
وأوضحت أن "مسؤولي التحالف كرروا تأكيد احترام القانون الدولي، ولكن الهجوم الأخير أظهر فشل التحكم في استخدام القوة لمنع استهداف المنشآت والمرضى في داخلها. وأكدت أنها "غير مطمئنة وغير مقتنعة ببيان التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن الذي قال إن الهجوم جاء عن طريق الخطأ".
وجزمت المنظمة، التي تقدم الرعاية الصحية للمرضى والأطفال والمصابين في المواجهات، بأن قرار إجلاء الموظفين لم يُتَّخذ بسهولة. لكن لم يكن أمامها خيار آخر في ظل غياب الصدقية بأن تحترم أطراف الصراع حماية وحرمة المرافق الطبية والعاملين والمرضى".
وكان التحالف قد نفى استهداف مدرسة في صعدة بغارات أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات الأطفال. وقال إنه استهدف مركز تدريب للمقاتلين الحوثيين، متجاهلا تأكيد المنظمة أن الغارة استهدفت هذه المدرسة، وتسببت بمقتل وإصابة العشرات .
وقد كثف التحالف بشكل كبير غاراته على العاصمة اليمنية ومناطق الشريط الحدودي منذ فشل الجولة الأخيرة من محادثات السلام في الكويت. وبلغ عدد الغارات في بعض الأيام أكثر من مئة غارة، فيما يزداد الوضع الإنساني سوءا مع استمرار الحظر الجوي والبحري وصعوبة وصول السلع والأدوية والارتفاع الكبير في أسعارها.
وصرحت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بأن الحرب في اليمن أدت إلى مقتل عشرة آلاف شخص وتشريد ثلاثة ملايين يمني، وأجبرت نحو 200 ألف آخرين على البحث عن مأوى خارج البلاد. ولدى الأمم المتحدة معلومات عن أن 900 ألف من بين الذين شردهم القتال ينوون العودة إلى بلادهم.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن نحو 14 مليونا من سكان البلاد البالغ عددهم 26 مليونا يحتاجون إلى الغذاء، فيما يعاني سبعة ملايين من انعدام الأمن الغذائي، ووصفت الوضع الإنساني في اليمن بأنه مأسَوي، وأن العمل الإنساني بمفرده لا يمكنه حل هذه المشكلات.
محمد الأحمد