وكالات: تمكنت قوات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس الخميس، من السيطرة على قصور الضيافة الرئاسية والفندق المتاخم لها، في مدينة سرت وسط البلاد، وذلك غداة تحقيقها تقدما كبيرا تمثل في استعادتها عدة مقار أبرزها مجمع «واغادوغو» الواقع في قلب المدينة والذي يعد مقر القيادة لتنظيم «الدولة الإسلامية» فيها.
وقال محمد الغصري المتحدث باسم عملية «البنيان المرصوص» التابعة للمجلس الرئاسي إن «العملية العسكرية انطلقت ظهر اليوم (أمس) بعد ورود معلومات تفيد بضعف وجود مقاتلي داعش في مبنى الفندق الرئاسي المتاخم للقصور مما عجل بالسيطرة عليه خلال أقل من ساعة».
وأضاف الغصري أن «سرعة سقوط معقل كانت تعول عليه داعش كثيراً شجع القوات على المضي في العملية لتسيطر في وقت قصير على القصور الرئاسية أيضاً»، لافتاً إلى أن وجود التنظيم كان ضعيفاً في الموقعين.
وأشار إلى أن فرق الهندسة العسكرية التي بدأت في تمشيط الموقعين كشفت عن وجود جثث 12 مقاتلاً لتنظيم «الدولة»، فيما فرّ ما يقارب الـ20 إلى الأحياء السكنية المجاورة.
وتابع: «لقد تأكد لنا أن التنظيم فقد أغلب مقاتليه لكنه يعول الآن على الاحتماء بمساكن المدنيين التي ننتظر تأكيدات بخلوها من ساكنيها قبل بدء عملية السيطرة عليها».
ونعتبر منطقة قصور الضيافة الرئاسية المتاخمة للميناء، من أهم المناطق التي يتحصن داخلها مسلحو «الدولة»، وتتوزع على مساحة كبيرة تضمّ عدداً من المقار التي أنشئت في عهد النظام السابق لاستقبال الوفود الرئاسية.
وعملت القوات الليبية أمس الخميس على تأمين المناطق التي سيطرت عليها في مدينة سرت ونزع الألغام منها، حيث قامت بتمشيط المنطقة المحيطة بمركز للمؤتمرات كان رمزا لسلطة التنظيم المتشدد في المدينة.
وسيطرت قوات متحالفة مع الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة على مركز واغادوغو للمؤتمرات وعدد من المواقع الرئيسية الأربعاء، وتقدمت إلى مناطق حاربت للسيطرة عليها لأسابيع.
وقالت القوات – المدعومة بضربات جوية أمريكية منذ الأول من أغسطس/ آب – في بيان إنها سيطرت على أهم مواقع التنظيم في سرت معقله السابق.
غير أنها لم تتمكن بعد من السيطرة على بعض الأحياء بوسط سرت حيث يتحصن عدد غير معلوم من مقاتلي التنظيم.
وقال رضا عيسى المتحدث باسم عملية سرت إن 18 من المقاتلين الموالين للحكومة قتلوا الأربعاء وأصيب 72.
ودارت معارك من بيت إلى بيت في المناطق السكنية في الأسابيع الماضية حيث واجه المقاتلون الليبيون صعوبة في تحقيق مكاسب بسبب نيران القناصة والشراك والألغام الأرضية.
وتقود كتائب من مدينة مصراتة القريبة المقاتلين بعدما صدت تقدما للتنظيم جنوبي المدينة في مطلع مايو /أيار قبل أن تتقدم شرقا نحو سرت وتحاصر المتشددين في وسط المدينة الساحلية.
وتشكل خسارة سرت انتكاسة كبيرة للدولة الإسلامية التي ستخسر المدينة الوحيدة التي سيطرت عليها بالكامل في ليبيا.
وقد يعزز ذلك في الوقت نفسه الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والتي تكافح لبسط سلطتها في بلد يموج بالخصومات السياسية والمسلحة.
وقال عيسى إن مقاتلي الكتائب عثروا على منزل استخدم كمصنع للأحزمة الناسفة، واستولوا على عدد من السيارات العسكرية التي استخدمها التنظيم بعضها متضرر وبعضها في حالة جيدة.
وقال عيسى إن الوحدات الهندسية العسكرية تعمل حاليا على تطهير المناطق المحررة من الألغام.
ومن بين قوة قتالية قدر قوامها بنحو 6000 رجل لقي أكثر من 350 من مقاتلي الكتائب حتفهم، وأصيب ما لا يقل عن 1500 منذ بدء حملة استعادة سرت.
ولقي مختار فكرون المتحدث باسم القوات الجوية حتفه وقتل طيار آخر الأربعاء عندما تحطمت طائرتهم فوق سرت.
وبحسب بيانات صدرت عن القيادة الأمريكية في أفريقيا فقد شنت الطائرات بدون طيار والطائرات المقاتلة الأمريكية حتى الأربعاء 29 ضربة جوية في سرت واستهدفت عددا من مواقع التنظيم وعربات وعتادا عسكريا.
هذا ورفضت الحكومة الايطالية أمس الخميس تأكيد معلومات لوسائل الإعلام عن وجود قوات خاصة في ليبيا، فيما تعرض رئيس الوزراء ماتيو رينزي لانتقادات المعارضة في هذا الصدد.
وأشارت غالبية الصحف الخميس إلى وجود عشرات الجنود الإيطاليين في ليبيا منذ الأسبوع الفائت. وتحدثت صحيفة «لا ريبوبليكا» عن خمسين جنديا.
لكن حكومة يمين الوسط رفضت تأكيد هذا الأمر.
وأورد الإعلام أن دور هذه القوات هو الإشراف على عمليات نزع الألغام وتدريب قوات حكومة الوفاق الليبية التي تشن هجوما على تنظيم «الدولة الإسلامية» في معقله سرت بشمال البلاد.
وصرح وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني لصحيفة «كوريري ديلا سيرا» «ليست لدينا مهمة عسكرية في ليبيا. لو كان الأمر كذلك لتم إبلاغ البرلمان».
وعما إذا كان هذا الأمر يشمل أيضا الاستخبارات الإيطالية، رد جنتيلوني «لا أعلق على العمليات المصنفة أسرارا دفاعية».
وتم العام الفائت إقرار نص مثير للجدل يتيح لرئيس الوزراء إرسال قوات خاصة إلى مناطق نزاع بهدف القيام بمهمات استخباراتية من دون موافقة البرلمان.
وينبغي إبلاغ اللجنة البرلمانية التي تشرف على عمل الاستخبارات بالأمر، لكنها ملزمة بعدم الإعلان عن هذا القرار.
وأكدت وسائل الإعلام الإيطالية إبلاغ هذه اللجنة سرا بأمر نشر قوات الأسبوع الفائت.
وسمحت إيطاليا للمقاتلات والطائرات الأمريكية من دون طيار باستخدام مجالها الجوي وقواعدها العسكرية لتوجيه ضربات في سرت.
واتهمت أحزاب المعارضة رينزي باستغلال النص المذكور لجر إيطاليا إلى حرب.
وقال نواب مجموعة النجوم الخمس، القوة الأكثر شعبية في البلاد، إن «هذا النص يتحدث بوضوح عن إرسال تعزيزات بشرية لعمليات الاستخبارات، الأمر الذي لا علاقة له بما تقوم به القوات الخاصة حاليا في ليبيا».
وأضافوا «مع التنازل في شأن قواعدنا والآن مع إرسال جنودنا على الأرض، تجرنا الحكومة الى ساحة حرب من دون موافقة البرلمان».
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» هذا الأسبوع ان قوات خاصة أمريكية تساعد بدورها للمرة الأولى حكومة الوفاق الليبية التي تسعى إلى بسط سيطرتها على كل الأراضي.
وحتى الآن، اقتصر الدعم العملاني الوحيد من جانب إيطاليا على إجلاء مصابين من القوات الحكومية ليتلقوا العلاج.
وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن ثمانين في المئة من الإيطاليين يرفضون أي تورط عسكري لبلادهم في المعارك في ليبيا.