هل ترغب فرنسا بتواجد فرق من الشرطة الجزائرية على أراضيها من أجل التحكم أكثر بالوضع الأمني داخل الأحياء التي تقطنها أغلبية مسلمة؟ هذه الفرضية تبقى مطروحة لدى بعض الخبراء الأمنيين بالجزائر.
هذا السؤال فرض طرحه، مضمون رسالة بعث بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الثلاثاء، يدعوه فيها، إلى ضمان تعاون أكبر لحكومة بلاده مع باريس في إطار مكافحة الإرهاب.
واعتبر هولاند، الإرهاب "عدوا مشتركا"، بمضمون "رسالة شكر" للرئيس الجزائري عقب تقديم بوتفليقة التعازي لنظيره الفرنسي إثر الهجوم الذي استهدف كنيسة سانت إتيان يوم 27 تموز/ يوليو الماضي.
وخاطب هولاند، الرئيس الجزائري بالقول: "في هذه الظروف الحزينة تؤكد فرنسا، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة إقامة تعاون ثنائي معمق في مجال مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف حماية لمواطنينا".
كما أوضح الرئيس الفرنسي، أنه "باسم الشعب الفرنسي وباسمي الخاص، أعبّر لكم عن شكري نظير التعازي التي وجهتموها لي بعد الاعتداء الإرهابي الشنيع، الذي استهدف كنيسة سانت إيتيان دو روفري، بالسين البحري"، مضيفا: "لقد تأثرت كثيرا بعد عبارات المواساة والتضامن الصادرة عن بلد صديق، والذي عانى هو نفسه أشد المعاناة من العنف الإرهابي".
وأبلغ الرئيس الفرنسي نظيره الجزائري، بأن "آفة الإرهاب تعتبر عدونا المشترك، وأن مواجهته تشكل أولوية لبلدينا، ونحن بحاجة إلى العمل معا أكثر، وأنا مدرك لالتزام بلدكم لتحقيق هذا الهدف"، متابعا: "تلك الأعمال الهمجية لا علاقة لها بالإسلام".
وتعتبر هذه الرسالة، الثانية من نوعها في أقل من أسبوعين، حيث سبق لهولاند أن بعث برسالة أولى لنظيره الجزائري وتضمنت دعوة "لتعاون أكبر بمكافحة الإرهاب".
ويرى خبراء أن دعاوى فرنسا للجزائر بتوثيق التعاون الأمني، يهدف إلى إقناع الجزائر بضرورة مراقبة جاليتها بهذا البلد، والتي يفوق عددها 4 ملايين جزائري.
وأفاد المحلل السياسي رشيد صارم لـ "عربي21"، أن " فرنسا ترى في الجزائر مركز عبور لمهاجرين سريين يلتحقون بأوروبا من المغرب وحتى تونس، وباريس تدعو الجزائر إلى فرض رقابة شديدة على الجزائريين الذين يريدون الالتحاق بالجماعات الإرهابية".
لكن الخبير الأمني الجزائري أكرم خريف يرى أبعد من ذلك، حيث قال في تصريح لـ "عربي21"، الأربعاء، إن "فرنسا تريد تطبيق التجربة المغربية في بلجيكا، حيث الشركة المغربية متواجدة هناك وتقوم بدوريات لمراقبة الأحياء التي يقطنها أغلبية مغاربة".
ويرى مراقبون أن تراجع التنسيق الأمني بمكافحة الإرهاب بين الجزائر وباريس يعود إلى العام 2013.
ولم تهضم الجزائر قيام فرنسا بتأسيس حلف عسكري، تمكنت من خلاله من دخول الأراضي المالية لملاحقة الحركات المسلحة هناك، وكان ذلك سببا في تكسير حلف دول الميدان الذي أنشئ لمحاربة الإرهاب بالساحل والتي تعتبر الجزائر أهم أعضائه.