أ ف ب- شن الطيران الروسي غارات مكثفة الثلاثاء على جنوب مدينة حلب مؤازرة لقوات النظام السوري، ما ابطأ الهجوم الذي تشنه الفصائل المعارضة في محاولة لتخفيف الحصار عن الاحياء الشرقية الخاضعة لسيطرتها في المدينة.
وفي ريف حلب الغربي، قتل 11 مدنيا على الاقل، بينهم خمسة اطفال الثلاثاء جراء ضربات نفذتها طائرات حربية “يعتقد انها روسية” على بلدة الاتارب، احد ابرز المعاقل المتبقية للفصائل المقاتلة في محافظة حلب (شمال)، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتدور منذ الاحد معارك غير مسبوقة بعنفها بحسب المرصد، بين قوات النظام وحلفائها من جهة والفصائل المعارضة والمقاتلة وبينها تنظيم “فتح الشام” (“جبهة النصرة” سابقاً قبل فك ارتباطها مع تنظيم “القاعدة”) من جهة اخرى جنوب غرب حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ “وكالة فرانس برس″ ان “الغارات الروسية المكثفة لم تتوقف طوال ليل الاثنين الثلاثاء” على الاحياء الجنوبية الغربية، ما ادى الى “إبطاء الهجوم المضاد الذي تشنه الفصائل”.
وأضاف ان ذلك “سمح لقوات النظام باستعادة السيطرة على خمسة مواقع من اصل ثمانية كانت الفصائل المعارضة قد استولت عليها من دون ان تتمكن من تعزيز مواقعها”.
ويسعى مقاتلو الفصائل من خلال هجومهم الاخير الى استعادة السيطرة على حي الراموسة الواقع على الاطراف الجنوبية الغربية لحلب، ما سيمكنهم من فتح طريق امداد نحو الاحياء التي يسيطرون عليها في شرق وجنوب شرق حلب من جهة، وقطع طريق امداد رئيسي لقوات النظام والمدنيين في الاحياء الغربية من حلب من جهة اخرى.
تشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية وتحاصر الاحياء الشرقية بالكامل منذ 17 تموز/يوليو.
وبحسب المرصد، تدور اشتباكات عنيفة على اكثر من محور الثلاثاء بين الطرفين.
وأسفرت المعارك منذ بدء الهجوم الاحد عن مقتل خمسين من مقاتلي الفصائل والعشرات من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، بحسب المرصد.
وأحصى المرصد مقتل نحو ثلاثين مدنيا جراء قذائف اطلقتها الفصائل المقاتلة على الاحياء الغربية حتى صباح الثلاثاء، قبل ان يشير الى مقتل ستة اشخاص اخرين على الاقل واصابة اكثر من عشرة اخرين بجروح جراء سقوط قذائف على احياء الحمدانية وصلاح الدين وباب الفرج في جنوب غرب المدينة.
الفرصة الاخيرة
وبحسب المرصد، يعد هذا الهجوم الاكبر للفصائل المقاتلة منذ الهجوم الذي شنته في العام 2012 ومكّنها من السيطرة على نصف مساحة المدينة.
ويرى عبد الرحمن ان “هذه المعركة هي الفرصة الاخيرة لمقاتلي المعارضة” موضحاً “إن خسروها فسيكون من الصعب عليهم ان يشنّوا هجوماً آخر لفك الحصار”.
ويضيف “بالنسبة الى النظام ايضا، انها مسألة حياة او موت. فهو يعدّ منذ اشهر لهذه المعركة وخسارتها ستشكل ضربة قاسية لقواته”.
في موازاة ذلك، نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” الثلاثاء ان “عشرات العائلات خرجت اليوم من الاحياء الشرقية عبر ممر الشيخ سعيد جنوب المدينة”.
وأعلنت موسكو الخميس فتح “ممرات انسانية” من الاحياء الشرقية امام المدنيين والمسلحين الراغبين بالمغادرة.
وفي ريف حلب الغربي، قتل 11 مدنيا بينهم خمسة أطفال على الأقل الثلاثاء جراء ضربات نفذتها طائرات حربية “يعتقد انها روسية” وفق عبد الرحمن، على بلدة الاتارب.
وتتعرض البلدة لضربات جوية مكثفة تسببت منذ منتصف الشهر الماضي بمقتل 76 شخصا بينهم 30 امرأة وطفلاً وفق المرصد.
تقدم في منبج
وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، تقدمت “قوات سوريا الديموقراطية” الثلاثاء داخل مدينة منبج، وتمكنت من السيطرة على احياء سكنية عدة في القسم الشرقي والغربي مقابل انكفاء تنظيم “الدولة الاسلامية” الى وسط المدينة وشمالها، وفق المرصد.
وباتت هذه القوات “تسيطر على نحو ستين في المئة من مساحة المدينة، في تقدم هو “الاسرع والابرز″ وفق عبد الرحمن منذ بدء هجومها نهاية ايار/مايو.
في محافظة ادلب (شمال غرب)، رصد المرصد “عشرين حالة اختناق في بلدة سراقب”، ونقل عن سكان البلدة “اتهامهم قوات النظام بالقاء غاز الكلورين”، من دون ان يتمكن من التحقق من صحة ذلك.
وأفاد المرصد صباحا عن “قصف طائرات مروحية بالبراميل المتفجرة ليل امس مناطق في البلدة”.
وقتل خمسة جنود روس الاثنين اثر اسقاط مروحية في ريف سراقب الشمالي الشرقي.
ويسيطر “جيش الفتح”، وهو عبارة عن تحالف فصائل اسلامية على رأسها “جبهة فتح الشام” (“جبهة النصرة” سابقا) على محافظة ادلب منذ الصيف الماضي.
ومع استمرار المعارك على اكثر من جبهة، اعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مؤتمر صحافي الاثنين انه “من الضروري أن توقف روسيا ونظام الأسد الهجمات، كما هو من مسؤوليتنا حضّ المعارضة على الا تكون طرفا في هذه العمليات” لا سيما في حلب.
واعترف كيري ضمنا بفشل مشروع بدء مرحلة الانتقال السياسي، والذي كان مقرراً في الأول من آب/أغسطس.
وقال انه “بسبب الهجمات المستمرة التي يشنها نظام الاسد وجدت المعارضة نفسها عاجزة عن الحضور الى جنيف للمشاركة في المفاوضات في حال لم تتوقف المواجهات”.
وأضاف “هذه الايام مهمة لتحديد اذا كان اي من نظام الاسد او روسيا سيحترم توصيات الامم المتحدة ام لا” موضحا ان “المؤشرات حتى الان مقلقة جدا للجميع″.
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا قبل اسبوع عن امله في استئناف محادثات السلام السورية “أواخر اب/اغسطس″، معتبرا أنه لا يمكن للمحادثات أن تنتظر تحسن الأوضاع في دمشق وحلب.