هبوط مدوي...

كل الأخبار العاجلة ستتحدث عن "الهبوط"، نشرة أخبار المساء ستبدو صاخبة على غير عادتها في هذا الوقت من السنة، و ستفرد قناتنا الجميلة جدا مساحة كبيرة للحديث عن "الهبوط " واستطلاع آراء "الهابطين".
المذيع الذي هبط لتوه من السماء، سيكون متحمسا لدرجة التعرق، وسيصف "الهبوط" بالعملية الناجحة! وبالإنجاز الكبير!! وسيقول إن التاريخ سيسجل هذا "الهبوط" بأحرف من ذهب!!! ولا تسألوا المسكين عن أي ذهب يتحدث، حتى لا تحرجوه ساعة "الهبوط".
"الهابطون" الذين سيتحدثون، سيتم اختيارهم بعناية فائقة حتى لا تحدث مفاجأة تعكر صفو"الهبوط"، وسيقولون كما قال "هابطون" من قبلهم، إن هذا "الهبوط" بالذات كان فوق المتوقع! وأنه جرى بسلالة منقطعة النظير!! وأنه لأول مرة يكون لدينا في هذا البلد، مكان محترم نمارس فيه "الهبوط" بشكل محترم جدا!!! وأن كل "هبوطنا" السابق شيء وأن هذا الهبوط شيء آخر!!!!
وستنفتح أفواهنا وتصبح أعيننا مدورة (غصبا عنا) وسنتسمر أمام شاشاتنا الصغيرة ووجبة الإفطار لما تهبط بعد في أمعائنا وسنتابع هذا "الهبوط" بفرح كما لم نتابع أي هبوط آخر، مع أن تاريخنا مثقل بكل أنواع «الهبوط المدوي".
البيان الصادر عقب هذا "الهبوط" لن يختلف عن سابقيه، سيكون هو الآخر نسخة طبق الأصل من إخوته لدرجة الاستفزاز، سيقول أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن "الهبوط" هذه المرة كان رائعا للغاية، لولا أن هناك "قوما" "يا للأسف" طبع على قلوبهم فلا يكادون يفقهون شيئا! 
وكحبة علكة ستلوك أفواه الشعراء والكتاب والساسة والمثقفين الذين يتقاضون أجورهم ب"القطعة" هذا "الهبوط" حتى الثمالة، وعندما يفقد طعمه ويصبح ماسخا، سيتخلصون منه بسلاسة لا تضاهيها سوى سلاسة هذا "الهبوط المدوي".
كل "هبوط" وأنتم بخير...رمضان كريم.

--------------

من صفحة الأستاذ البشير عبد الرزاق على الفيس بوك