الأناضول- حذّر السياسي المصري حمدين صباحي، الذي كان من أبرز الداعمين لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، التي استغلّها قادة الجيش في الإطاحة بـمحمد مرسي، السلطات من “قمع″ التظاهرات المرتقبة، غداً الاثنين، أمنياً، محملاً إياها “مسؤولية أمن وسلامة المتظاهرين”.
وشهدت العاصمة المصرية القاهرة، ومدن أخرى، يوم الجمعة الماضي، تظاهرات حاشدة طالبت بإلغاء اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي وقّعها الجانبان في وقت سابق من الشهر الجاري، وتضمنت القول بـ”أحقية” الرياض في جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، واللتين كانتا تابعتين لمصر.
وتصاعدت مطالب المشاركين في هذه التظاهرات إلى المطالبة برحيل الرئيس، عبد الفتاح السيسي، فيما دعوا إلى الخروج في تظاهرات أكبر يوم غد الإثنين، بالتزامن مع ذكرى عيد تحرير منطقة سيناء (شمال شرق) من الاحتلال الإسرائيلي.
وبينما شارك في تظاهرات الجمعة الماضية شباب وناشطون من أطياف مختلفة، بينهم منتمون لجماعة “الإخوان المسلمين”، للمرة الأولى منذ إطاحة قادة الجيش في 3 يوليو/تموز 2013 بـمرسي، الأمر الذي عدّه البعض مكسباً في سياق توحيد القوى الثورية، ونبذ خلافاتها البينية، قال صباحي، في بيان، اليوم، إن حملته، “مصر مش للبيع″، “ترفض بشكل قاطع أي تنسيق مع جماعة “الإخوان”، وأي عمل مشترك معهم”، في تظاهرات الغد.
وأطلقت العشرات من الشخصيات السياسية المصرية، وغالبيتها تنتمي لأحزاب يسارية وليبرالية، حملة “مصر مش للبيع″؛ والتي تهدف بالأساس إلى جمع توقيعات لرفض ما تعتبره هذه الشخصيات “تنازلاً” من السلطات المصرية عن جزيرتيتيران وصنافير للسعودية.
وبينما لم تبد جهات موقعة على البيان التأسيسي لهذه الحملة، ومنها “الاشتراكيون الثوريون” (يساري) و”حركة 6 أبريل” (ليبرالية)، في بيانات لها خلال الأيام الماضية، أي معارضة لمشاركة “الإخوان” في التظاهرات الحالية، أعلن “حزب الدستور” (ليبرالي)، في بيان اليوم، رفضه لذلك.
والأربعاء الماضي، أعلن “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” في مصر انطلاق ما أسماه بـ”موجة ثورية” تحت شعار “ارحل” تطالب برحيل السيسي عن الحكم.
وجدد “التحالف”، الذي يضم جماعة “الإخوان”، دعوته من وصفهم بـ”القوى الشبابية الثورية والسياسية الشريفة” إلى “الترفّع عن الخلافات” في هذه الفترة، و”الاتفاق على أجندة واضحة”، و”دراسة شراكة واجبة” لمستقبل البلاد، حسب بيان أصدره.
ولم يعرف على وجه الدقة ما إذا كانت دعوة “التحالف” تشمل صباحي، وتياره “التحالف الشعبي” (ليبرالي)، لكن أطرافاً في هذا “التحالف” سبق أن اتهمت صباحي بتبني “معارضة صورية” للسيسي، والعمل على توسيع الخلاف بين التيارات السياسية المعارضة، كما اتهمته بالقيام بدور” المحلل” لفوز السيسي في انتخابات الرئاسة الماضية، التي جرت في مايو/أيار 2014، حيث كان المنافس الوحيد للسيسي، رغم تأكده من فوز الأخير، وحديثه عن “انتهاكات” شابت العملية الانتخابية.
صباحي أوضح في بيان حملته، اليوم، أن حملته “تدعو للتظاهر السلمي رفضاً للتنازل عن الجزر ولوقف القمع الأمني”.
وحول الأماكن التي تم تحديدها لتظاهرات الغد، قال إنه تم تحديد ثلاثة أماكن هي: أمام نقابة الصحفيين في شارع عبد الخالق ثروت، ونقابة الأطباء في شارع القصر العيني (بوسط القاهرة)، وأمام محطة مترو البحوث في شارع التحرير (غرب القاهرة).
ولفت إلى أن مطالب تظاهرات الغد تشمل “الإفراج عن المقبوض عليهم من المواطنين والشباب والطلاب على خلفية الموقف من قضية الجزر والدعوات للتظاهر السلمي”.
وكانت السلطات الأمنية ألقت القبض على 25 شاباً، الجمعة الماضية، بتهمة “خرق” قانون التظاهر، وخلال الأيام الماضية ألقت القبض على عدد من الشباب الذي دعا لتظاهرات الغد، حسب معارضين.
وأضاف صباحي، في بيانه، أن “الحملة تؤكد على التمسك بالسلمية، وتدعو لعدم جر مصر لمشاهد اعتقالات ومواجهات أمنية، غداً، وتحمّل السلطة مسؤولية أمن وسلامة المتظاهرين سلمياً”.
وجدد تحذير الحملة من “الاستمرار في التوسع في حملة الاعتقالات التي طالت حقوقيين ومحامين وصحفيين”، مشدداً على “أن مثل هذه الحملة المسعورة لن تؤدي سوى إلى زيادة حالة الاحتقان والاضطراب في المجتمع المصري، ودفع الشباب الذي شارك في ثورة الشعب المصري نحو المزيد من فقدان الثقة باحترام النظام الحالي للدستور والقانون والحق في الاحتجاج السلمي”.
ورفع صباحي، الثلاثاء الماضي، دعوى قضائية اختصم فيها السيسي وشريف إسماعيل، رئيس الحكومة؛ من أجل وقف تنفيذ اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
الدعوة القضائية رفعها المحامي عصام الإسلامبولي، محامي صباحي، أمام “محكمة القضاء الإداري” في القاهرة؛ باعتبارها إحدى المحاكم المعنية بالفصل في القرارات الصادرة عن السلطات التنفيذية.
وتزايدت دعوات الخروج، غداً الإثنين، للتظاهر والمشاركة في احتجاجات رافضة لاتفاقية “ترسيم الحدود”، التي وقعتها مصر مع الجانب السعودي، موخراً، تزامناً مع ذكرى تحرير سيناء، التي توافق 25 أبريل/نيسان من كل عام.
وصدرت هذه الدعوات من قوى سياسية معارضة، على رأسها جماعة “الإخوان المسلمين” وحركتي “6 أبريل” و”الاشتراكيون الثوريون”، في وقت انتشرت فيه عشية التظاهرة، آليات شرطية وعسكرية، في الميادين ووسط القاهرة، وتحذيرات من الرئيس عبدالفتاح السيسي ممن وصفهم بـ”أهل الشر”.
وتقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم مربع، أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالى 33 كم مربع.
وتمثل الجزيرتان أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة في خليج العقبة، وكانتا خاضعتين للسيادة المصرية؛ فهما جزء من المنطقة (ج) المحددة في معاهدة “كامب ديفيد” للسلام بين مصر وإسرائيل.