استدلال في غير محله
(1)
المغالطة الأولى قال معاليه أن عدد المتحدثين باللغة الإنجليزية في الصين أكثر من متحدثيها في إبريطانيا، هذا صحيح لكنها كلمة حق أريد بها باطل، واستدلال في غير محله ، ما رأيك معالي الوزير أزيدك أنا من الشعر بيتا، عدد المسلمين في الصين أكثر من عددهم في السعودية بل وحتى مجلس التعاون الخليجي.
الصينيون يستخدمون اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات اللانفتاح والتواصل الخارجي وليس لإحلالها محل لغتهم الرسمية.
السؤال المطروح هل تستخدم الصين اللغة الإنجليزية في مناقصاتها محليا؟ طبعا لا وكلا، وهل يوجد وزير صيني لا يتحدث اللغة الرسمية لبلاده؟، طبعا لا. ومع ذلك نتفق معكم معالي الوزير على أن الانفتاح على اللغات الأجنبية مطلوب جدا ولكن حسب الحاجة وليس على حساب السيادة اللغوية، وحاجة المهندس، والباحث، والتاجر، والمرشد السياحي، والمواطن العادي لللغات الأجنبية تختلف اختلافا كبيرا، أما مخاطبة الشعب بلغة أجنبية فهي تحدي سافر وعنهجية وتطاول على السيادة الوطنية، ووقاحة ما بعدها وقاحة. مشكلتنا ليست مع استخدام اللغات الأجنبية كل حسب حاجته بل مع إحلالها محل لغاتنا.
تبريرالخطأ وشرعنته بخطأ أكبر منه
(2)
المغالطة الثانية قال معاليه أن الدول العربية تستخدم لغة أجنبية في المناقصات، وهذا غير دقيق على الأقل في الجزائر والكويت والعراق، حيث سبق لي وأن شاركت في عشرات المناقصات وحسب تجربتي المتواضعة هناك خاصة في الكويت، فإن ملف أصول المناقصة، الذي يتضمن عادة وثائق هامة مثل الإعلان أو الدعوة للمناقصة، والتعليمات إلى المناقصــــين، و الإقرارات، ونماذج الكفالات، وصيغة العطاء، وصيغة العقد، فهي كلها بالعربية عادة، كما أن ملف شروط العقد الذي يتضمن وثائق مثل الشروط العامة و الشروط الخاصة وقانون المناقصات كلها أيضا بالعربية، أما الملف الثالث الشروط الفنية ففعلا بعض المواصفات الفنية تكون مكتوبة بلغة أجنبية خاصة المواصفات العامة لأعمال الكهرباء والهاتف، وكذلك المواصفات العامة للطرق السريعة مثلا. ومع ذلك من قال أن ما تقوم به الدول العربية هو عين الصواب أم أن الخطأ عندكم يبرربخطأ ؟؟؟ أي منطق هذا ؟؟ إذا رأيت البعض يسرق وينهب ويفسد، فهذا ليس مبررا لتكون لصا أو سارقا أو فاسدا... والأخطر من ذلك أن موريتانيا البلد الوحيد الذي تشترط مؤسساته بما فيها وزارت السيادة المراسلة حصرا باللغة الفرنسية مع الشركات التي تتم ترسيم المشاريع عليها غالبية الدول العربية تشترط المراسلة بالعربية حصرا والبعض ترك الباب مفتوحا.
(3)
العمل بعكس المنطق وما قيل
المغالطة الثالثة إهام المشاهد بأن اللغة الفرنسية لغة عالمية يفهما الجميع وهذه مغالطة كبيرة جدا عدد الناطقين بالعربية ومن يفهمها أكثر بكثير من عدد الناطقين بالفرنسية التي بات الجميع يقفز من مركبها الذي يوشك أن يغرق، وإذا ما اعتمدنا منطق معالي الوزير في أن الفهم وعدد الشركات سيد الموقف، فهذا يعني أنه على موريتانيا إجراء المناقصات الدولية باللغة الصينية، حيث أن الشركات الصينية الأكثر مشاركة في المناقصات الموريتانية بل وحتى المعاييرالصينية، فأي منطق هذا...
كما أن مصادر التمويل خاصة لمشاريع البنية التحتية الكبيرة جلها عربي أو صيني، وقد بلغني أن بعض المؤسسات العربية المالية مستاءة جدا من فرنسة الملفات والمراسلات وصل إلى درجة ارجاع بعض الرسائل مع توبيخ ضمني لإحدى المؤسسات الوطنية الكبيرة. والحقية أن ما يجري مع اللغة في موريتانيا هو العمل بعكس المنطق الذي تحدث عنه معالي الوزير وعكس الواقع على الأرض والحاجة.
خلاصة القول المنطقة تشهد حربا ضروسا من أجل الاستقلال الاقتصادي والثقافي فإما أن نكون أو لا نكون، فلا مكانة في العالم الجديد لمن لم يتخلص بالكامل من نير الاستعمار.
د.يربانا الحسين الخراشي