(رويترز) - تمثل الناشطة التونسية والمعارضة البارزة شيماء عيسى أمام محكمة عسكرية يوم الجمعة بتهمة تحريض الجيش على عدم إطاعة الأوامر وإهانة الرئيس الذي تتهمه بالقضاء على ديمقراطية انبثقت من ثورة 2011 وشاركت بحماس كبير فيها، حسبما قالت.
وتقول شخصيات معارضة إن محاكمتها تأتي في إطار جهود السلطات لكبح المعارضة المتنامية ضد الرئيس قيس سعيد وسط انتخابات برلمانية تشهد إقبالا ضعيفا للغاية، بينما يسعى الرئيس لحشد مزيد من الدعم له منذ سيطرته على السلطة بشكل شبه كامل في 2021.
واجتذبت الجولة الأولى من الانتخابات في ديسمبر كانون الأول الماضي 11 بالمئة فقط من الناخبين، مما أثار سخرية واسعة النطاق بين معارضي سعيد، وارتفعت مطالب جديدة لاتحاد الشغل القوي بإلغاء الجولة الثانية وبتغيير مسار الرئيس الذي تقول إنه حاد عن الطريق.
وستُجرى الجولة الثانية يوم الأحد، بعد يومين من بدء محاكمة شيماء عيسى وبعد سلسلة محاكمات لمنتقدين آخرين للرئيس.
وقالت شيماء عيسى لرويترز "الوضع خطير ومقلق للغاية بسبب الهجمات على الديمقراطية.. والحكم الفردي والسيطرة على القضاء واستهداف المعارضة والمحاكمات العسكرية وتكميم الأفواه واستهداف الحريات".
وحل سعيد، الذي اُنتخب بأغلبية ساحقة في عام 2019، البرلمان العام الماضي بعد تجميد عمله في صيف 2021. وبعد ذلك سيطر على معظم السلطات وأعاد كتابة الدستور ومرر نسخة جديدة صاغها بنفسه العام الماضي من خلال استفتاء.
ورغم الانتقادات الواسعة لخطواته الفردية، قال سعيد إنه سيمضي قدما ولن يتراجع خطوة للوراء.
وأضاف أن أفعاله كانت قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من ركود اقتصادي ومشاحنات سياسية مستمرة لسنوات، ووصف خصومه بالخونة ودعا إلى اتخاذ إجراءات ضدهم.
ويرفض سعيد اتهامات المعارضة باستهدافها ويقول إنها تحتج بحرية وتشتم السلطة في تونس والخارج ولم يتعرض لها أحد.
ومع ذلك، فإن البرلمان الجديد الذي يختاره الناخبون لن يكون له أي سلطة تقريبا وسيحتفظ الرئيس بسلطات واسعة رغم تعهده بالدفاع عن الحقوق والحريات.
* احتجاجات
شيماء عيسى هي واحدة من أشد منتقدي سعيد البارزين الذين يواجهون دعاوى قضائية، وتعتقد المعارضة أن توقيت بدء محاكمتها هو نهج متعمد للترهيب.
المزيد
إلى أي مدى تبدو سويسرا مُحايدة فعلاً؟
وقال نجيب الشابي رئيس ائتلاف جبهة الخلاص المعارضة التي نظمت احتجاجات متكررة ضد الرئيس، إن "سعيد بدأ حملة ضد قادة الصف الأول للمعارضة".
ويقبع رئيس الحكومة السابق على العريض، وهو قيادي بحركة النهضة الإسلامية أكبر أحزاب المعارضة، في السجن منذ الشهر الماضي للاشتباه في المساعدة في إرسال جهاديين إلى سوريا عندما كان جزءا من الائتلاف الحاكم، وهو أمر تنفيه الحركة بشدة وتتهم سعيد بضرب معارضيه وتلفيق تهم ضدهم.
ويحاكم أيضا غازي الشواشي، الزعيم السابق لحزب التيار الديمقراطي والمعارض الشرس لسعيد، بسبب مقابلة إذاعية انتقد فيها الرئيس وقال إن رئيسة الحكومة استقالت لكن الرئيس رفض طلبها.
ويواجه العياشي الهمامي، وهو ناشط بارز آخر، المحاكمة بموجب قانون يحظر نشر "الأخبار الكاذبة" على الإنترنت بعد أن انتقد سعيد ووزير العدل.
كما جرى التحقيق مع الصحفي نزار بهلول بسبب مقال صحفي انتقد فيه رئيسة الوزراء نجلاء بودن.
بالنسبة لشيماء عيسى، فإن التناقض بين تونس اليوم والديمقراطية التي سعت إلى بنائها بعد ثورة 2011 صارخ ومؤلم.
وقبل يومين من انهيار الحكم الاستبدادي السابق في يناير كانون الثاني عام 2011، كانت قد كتبت منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي تقول فيه إنها مستعدة لدفع أي ثمن مقابل الحرية. وبصفتها ابنة سجين سياسي، فقد كانت تكلفة تتفهمها.
وقالت "اليوم أكرر نفس الرسالة. أنا على استعداد لدفع ثمن الحرية والديمقراطية."
وسُجن والد شيماء في التسعينيات بتهمة الانتماء لجماعة سياسية غير مرخص لها وقضى سنوات في السجن بعد محاكمة عسكرية.
تتحدث عن ذلك قائلة "تربيت على ثقافة الديمقراطية والنضال.. لقد سجن أبي سبع سنوات بتهمة الانتماء لتنظيم محظور في التسعينيات عندما كان عمري لا يتجاوز عشر سنوات.. وسجنت أمي أيضا لأيام".
وتضيف لرويترز بينما كانت تستعد لحضور تجمع سياسي لدعم علي العريض بالعاصمة تونس "أعرف جيدا قيمة الحرية والديمقراطية لذلك لست خائفة من أي قرار".
وشيماء عيسى ممنوعة من السفر بقرار من قاضي التحقيق.
وإلى جانب الأزمات السياسية في تونس، بات الاقتصاد شبه منهار مما جعل الدولة على حافة الإفلاس بينما تخلو أرفف المتاجر من عدة سلع غذائية أساسية.