(رويترز) - أمضى سائق الشاحنة الأردني المضرب سليمان أبو الزيت ليالي طويلة على طريق سريع يمر بطول مدينته معان منتظرا في طابور اعتصام تسبب في إحداث فوضى في التجارة البرية.
وقال أبو الزيت (54 عاما)، الذي تعرض مصدر رزقه للخطر بسبب ارتفاع أسعار الوقود منذ غزو روسيا لأوكرانيا، "الديزل شريان حياتي وحياة أولادي".
وقال مسؤولون وخبراء في الصناعة إن الإضراب الذي استمر شهرا كلف الأردن خسائر بعشرات ملايين الدولارات بعد أن عطل عملية التفريغ في ميناء العقبة على البحر الأحمر.
وانتهى الإضراب أواخر العام الماضي بعد حملة أمنية لمنع شبان بدو ساخطين من قرى صحراوية قرب معان من رشق حافلات وعربات السياح بالحجارة.
وتسببت الحملة الأمنية في مقتل أربعة في صفوف قوات الأمن ورجل قالت السلطات إنه متشدد هارب، إضافة إلى عشرات الجرحى واعتقال المئات.
وهذه أحدث موجة من الاضطرابات في معان وهي معقل قبلي فقير يبعد نحو 250 كيلومترا جنوبي العاصمة.
وجعل موقع معان بين العقبة وطريق الحج الرئيسي على طول خط سكك حديد الحجاز القديم إلى مكة مركزا مهما للنقل، ومكانا تتقاطع فيه الجريمة والتهريب واستياء البدو.
ولطالما شهدت المنطقة الجنوبية المحيطة بمعان، المعروفة بتحديها للسلطة المركزية، احتجاجات عنيفة في السنوات الأخيرة بسبب الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي لخفض دعم الوقود.
وتسبب ارتفاع أسعار الوقود، إلى جانب الضرائب المرتفعة وتكاليف الغذاء المتصاعدة في بلد يستورد معظم السلع، في صعوبة حياة كثيرين بالمنطقة.
وقال سلامة عبد الله، وهو مالك شاحنة في معان، " قطع الغيار غالية، الزيت غالي والغسيل صار غالي والكلف التشغيلية صارت غالية، وهاي بتنضغط على الناس.
"السيارة كان لها قيمة، السائق كان له قيمة، الشاحنة كان لها قيمة. في الأول التريللا أمام بيتك كنت تتباهى فيها والله الآن كأنه الواقف أمام بيتك بسكيليت (دراجة)".
* اضطرابات على نطاق واسع
على الرغم من إصرارها على أن خفض أسعار الديزل من شأنه أن يعرض الإصلاحات الضرورية للحيطة والحذر المالي للخطر، فإن الحكومة سعت لتلبية مطالب السائقين من خلال حل وسط برفع الأسعار التي يمكن أن يفرضوها على حركة الشحن والنقل التجاريين.
وقال وزير الداخلية مازن الفراية بعد أن أخمدت القوات أعمال الشغب في ديسمبر كانون الأول "نسعى بكل الاتجاهات للتخفيف من حدة الوضع الاقتصادي على المواطن".
ومثل العديد من الدول العربية الأخرى، شهد الأردن في العقد الماضي اضطرابات على نطاق واسع مع خفض دعم المواد الغذائية والوقود.
ويشهد اقتصاد المملكة الأردنية، المعتمد على المساعدات والذي يعاني بالفعل من دَين عام قدره 40 مليار دولار ومن ارتفاع معدلات البطالة، تقلصا في النشاط العابر إلى جارتيها العراق والسعودية بعد أن كان صاخبا يوما ما.
وتضررت العشائر البدوية في معان والمناطق النائية بشدة من تضاؤل مراعي الماشية، بينما أوقف تشديد الرقابة على الحدود من قبل السعودية عمليات التهريب المربحة.
ويقول السكان إن الحكومات المتعاقبة فشلت في توفير فرص عمل. لكن المسؤولين يقولون إنهم ضخوا ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية في السنوات الأخيرة لتوسيع البنية التحتية وتحديث الطريق الصحراوي السريع.
وتكافح الحكومة لتلبية مطالبات بمزيد من الوظائف الحكومية التي طالما استرضت بها العشائر التي تشكل العمود الفقري لدعم العائلة الهاشمية الحاكمة.
وفي أعقاب الاضطرابات، قام الملك عبد الله، الذي تواجه حملته للتحديث ضغوطا عشائرية من أجل مزيد من الهبات الاقتصادية، بجولة في المشاريع الزراعية والسياحية التي ترعاها الدولة في الجنوب.
وتحدث الملك، وهو يرتدي ملابس غير رسمية، مع نساء من القرى البدوية في منطقة حوض الديسي الجوفي القريب من السعودية، حيث تأمل السلطات في أن تؤدي التنمية إلى إبعاد الشباب العاطل عن الشوارع.
لكن يبدو أن المشاريع الاستثمارية التي تأخرت كثيرا غير كافية لتهدئة الغضب في دولة تعاني ضائقة مالية لا تمكنها من تقديم مزيد من الامتيازات والوظائف.
وقال ماجد الشراري، وهو رئيس بلدية سابق اعتُقل في نهاية الإضراب لدوره المزعوم في الاضطرابات، إن الدولة تدوس على كرامتهم وإن مدينة معان مستهدفة منذ فترة طويلة من الدولة وتعاني من "التهميش".