آخر العنقود.../ محمد اسحاق الكنتي | 28 نوفمبر

 

فيديو

آخر العنقود.../ محمد اسحاق الكنتي

ثلاثاء, 18/10/2022 - 23:27
محمد اسحاق الكنتي

يطلق المشارقة هذا اللقب على صغير العائلة الذي يحظى بمكانة خاصة لدى والديه، فهو غالبا مدلل يحاط برعاية فائقة تمزج الحنان بالشفقة. يعادل "آخر العنقود" في الثقافة اليهودية المسيحية "بنيامين" شقيق يوسف عليه السلام، وأصغر أبناء النبي يعقوب. تعظم مكانة آخر العنقود حين ينجبه والداه على كبر، ويكبر أشقاؤه، إذ يذكر بمرحلة عمرية ندر شواهدها...
 ليس الانجاب حكرا على الحالة البيولوجية، وإنما تتلاقح الأفكار لتنجب آباء وبنين وحفدة. كان التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين فحلا ضرابا أنجب في زيجات عرفية وغالبا سرية، ذرية في غالب البلدان العربية والإسلامية. مات بعضها مبكرا بسبب أمراض الطفولة الفكرية، والمراهقة التنظيمية، وصمد البعض رغم قساوة ظروف التشرد والمطاردة. لم يبخل التنظيم الدولي برعاية "أطفال منتصف الليل" في حدود ما تتيحه تبرعات العمل الخيري، وزكاة بنك التقوى.. انهمر المال فاختلط الأبناء من صلب التنظيم بآخرين جرهم الطمع لنسب نشأ على حدود الشرعية في زيجات قوامها "المتعة" والمواعدة سرا...
 حتى إذا "تبسم" الربيع عن أنياب الفتنة خرج المغول من كل حدب ينسلون فأحرقت قاهرة المعز، وسقطت قرطاج، ودمرت طرابلس، ونهبت برقة، وانهار سد مأرب بفعل فأرة كوفئت بجائزة نوبل للخراب... تعانق الهلال والصليب والشيطان الأكبر فوق خراب "الأرض المحروقة" لتتبدل الشعارات والأولويات؛ فتصبح الديمقراطية هي الحل، والحرية مقدمة على الشريعة لنكتشف، بعد خراب روما، أن "الإسلاميين والعلمانيين يسعون إلى غايات دنيوية بأساليب مختلفة" كما كتب الشنقيطي...
 أدارت الأيام.. فانتفض وطنيو الكنانة ل"تحيى مصر"، وخسر التنظيم الانتخابات التشريعية في ليبيا فانكفأ لما يتقنه: القتل والتفجير.. وورث قيس ليلى فسقطت النهضة، وانقلبت جزرة أمير المؤمنين إلى "الخبز الحافي" فخرج التنظيم من جنان السلطة إلى رمضاء المعارضة  وزاده جريمة التطبيع وعار فرنسة التعليم... كشف جزر اتسونامي عن لوحة "غارنيكا" بريشة "بنا" لم يخلف أبناؤه، في تغريبتهم الربيعية، سوى الدموع والدماء فشربوا من نفس الكأس...
 لكن عزاء التنظيم أن "بنيامين" يحاول تحليق صقر قريش، بأجنحة عباس بن فرناس في أجوائنا الملتهبة. كنا الأكثر تسامحا وعطفا على حزب السافرديم= أصفردم؛ تحالف معه الحزب الحاكم فطعنه، واحتضنته المعارضة فخانها... واليوم، لبس مسوح الرشد ليتغلغل بين صفوف "المنصفين" وأطلق حملة جمع التبرعات "الخيرية" لتبييض التمويلات الخارجية لحملة الحزب الوشيكة. تلكم التمويلات التي ستتضاعف في الاستحقاقات القادمة لأن التنظيم الدولي سيراهن على اختراق في ساحتنا يعيد به الاعتبار لذاته المهزومة في مصر وليبيا وتونس والمغرب. فلا يخفى على أحد أن جولات الجباية في نواذيبو، وعلى طول طريق الأمل باسم الأمراض المزمنة والأوبئة المستوطنة، وحفظ القرآن بدفوعات بنكيلي، و"ظلال بيت النبوة" الوارفة بقدر مساهمات "السداد" تنهب جيوب المواطنين لتملأ خزائن الحزب. فهل ينتبه "المنصفون" إلى ما يدبر للوطن في الخفاء تحت قناع الديمقراطية، وعلى ظهر حصان النسبية، ليزهر "آخر العنقود" مع الحشائش الضارة بحملتنا الانتخابية...