مرت علينا هذه الأيام الذكرى السنوية الثالثة لتقلد السيد : محمد ولد الشيخ الغزواني منصب رئاسة البلاد ، المنصب الأقوى والأهم في منظومتنا الدستورية التي تعتمد النظام الرئاسي اسلوبا وطريقة للحكم .
هذا النظام الرئاسي الذي بات حلما يراود الكثير من شعوب دولنا العربية كالعراق وتونس ...التي مزقتها خيارات دستورية أخرى اثبتت الأيام والأحداث انها لا تتناسب مع واقعها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ولا تلبي حاجات مواطنيها في تطلعهم لحياة آمنة ومستقرة توفر الحد المقبول من العيش الكريم ، دول راحت ضحية خيارات اعتمدتها نخب سياسية هجينة أو مستوردة تبحث فقط عن مصالحها الشخصية او الطائفية او تنفذ اجندات إقليمية أو إملاءات خارجية.
فمن توفيقنا اعتماد بلادنا نظاما رئاسيا يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات واسعة ، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة و المخول حصرا بتحديد السياسة الخارجية والدفاعية والأمنية للأمة و يعين في المناصب المدنية والعسكرية ويشكل الحكومات ويعفيها و له حق إصدار القوانين والمراسيم و استشارة الشعب على تعديلات دستورية و حلّ الجمعية الوطنية و امضاء المعاهدات و تصديقها و ممارسة حق العفو واستبدال العقوبات وتخفيضها...
نظام رئاسي اثبت في عديد المناسبات انه الأمثل والأصلح للحالة الوطنية الموريتانية ، وهذا ما تفطن له مبكرا الرئيس المؤسس المرحوم المختار ولد داداه ، بإلغائه التعددية الحزبية في بدايات مشوار تأسيس الجمهورية واعتماده على منظومة الحزب الواحد ليصنع به الحزام السياسي الصلب لنظامه، الذي عَبَرَ به الكثير من المحطات وحقق معه العديد من الإنجازات .
و رغم بعض النكسات والخيبات على مرّ عقودنا السِتة مازال نظامنا الرئاسي - رغم بعض الدعوات الخجولة التي تظهر وتختفي من فينة الى اخرى مطالبة بتغييره او التقليص من صلاحيات رئيس الجمهورية - هو صمام امان لبلادنا في خضم هذا البحر الهادر الحامل إلينا الكثير من التحديات والمفاجئات في محيطنا القريب والبعيد شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
وهنا اجدها فرصة للدعوة الى إجراء بعض التعديلات الدستورية الضرورية مثل :
* الرفع من المدة الرئاسية الى سبع سنوات بدل خمس سنوات.
* إقرار امكانية اعادة انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مرة بدل من مرة واحدة .
بهذه التعديلات يتم تحصين وتقوية منصب رئيس الجمهورية أكثر ، بإعطائه المرونة والأريحية في تنفيذ رؤيته وتعهداته الانتخابية و تمكينه من اتخاذ ومتابعة قرارات استراتيجية عميقة يكون لها الأثر الإيجابي في جميع مجالات حياتنا الوطنية على المدى المتوسط والبعيد .
وبمناسبة الذكرى الثالثة لتقلد السيد : محمد ولد الشيخ الغزواني للمنصب الرئاسي فإني أرى ان من اهم مكاسبنا، امتلاكنا لرجل يتمتع بحس اخلاقي عالي وثقافة متميزة وتجربة عسكرية وأمنية كبيرة وخبرة ميدانية طويلة ، تمكنه من التعامل بحنكة مع التحديات الكبيرة المحدقة بنا ، كالأزمة المالية وتطوراتها والخصام المغربي الجزائري وتأثيراته والحراك السياسي بالشقيقة السنغال ونتائجه .
فوجود فخامته في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة على رأس أمتنا الموريتانية ، يبعث لدينا الشعور بالاطمئنان والثقة ، أن كل هذه الملفات ستدار بحكمة و روية وسيتم التحكم بإرتداداتها على وضعنا المحلي.
فبشهادة القاصي والداني يعتبر رئيس الجمهورية من القلائل المطلعين على خفايا منطقة الساحل و الصحراء وحقيقة التحديات التي تواجه دول مغربنا الكبير ، وما يجري من تطورات سياسية متسارعة بالجارة السنغال ، ولا يفوته ما يتطلع عليه شعبه من رقي وازدهار .
كما لا يخفى عليه ما هو جاري للنظام العالمي من تغييرات جوهرية واصطفافات خطيرة يغذيها الصراع على موارد الطاقة وأسعارها و مناجم المعادن النادرة و مقالعها، مما لاشك فيه يضعنا على خارطة هذه الصراع بفضل اكتشافاتنا وإمكانياتنا الطاقوية الضخمة و مؤشراتنا المعدنية النادرة ومؤهلات موقعنا الجغرافي الفريد .
وبالعودة الى العنوان فمن نافلة القول ان كل تجربة إنسانية يعتريها بعض الإخفاق في بعض محطاتها -هكذا صيرورة الحياة -لكن يبقى الأهم ان كيان موريتانيا بأيدي أمينة .
مع كامل الاحترام
الاستاذ : عبد الرحمن ولد محمد المهدي
انواكشوط2022/08/07